الهجرة النبوية دعوة للتغيير

نعم علينا كأفراد أن نتغير وأن نقيم شرع الله في حياتنا، وأن نطبقه عمليا ً ونعزز إيماناً بالله وطلب العلم والتحلّي بالأخلاق والدعاء لصلاح الأمة، وإرادة التغيير قبل أربعة عشر عاماً كنت في حوار مع مجموعة من المثقفين، اتفقوا بعد قراءة حاله الأمة أننا نحتاج إلى أربعمائة عام حتى تستعيد الأمة مجدها، قلت: هل ستبقى أمتنا غافية وغارقة في الجهل طوال هذه الفترة، نحن لا نحتاج إلا لمصلح واحد، وسنتغير بفترة صغيرة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/27 الساعة 08:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/27 الساعة 08:31 بتوقيت غرينتش

من مزايا الدعوة الإسلامية أن أحداثها صالحة لتكون دروساً ومصدر إلهام في كل زمان ومكان، فهذه السيرة الطيبة تشكل خارطة طريق للإنسان، ونوراً يمشي به.

ها نحن نبدأ عاماً هجرياً جديداً ندعو الله أن يكون فاتحة خير للأمة ويفرج كربها ويزيل الغمة عنها، وقد اعتمد الخليفة عمر بن الخطاب الهجرة النبوية بداية للتاريخ الإسلامي، فحادثة الهجرة قامت بنقلة نوعية في مسار الدعوة الإسلامية من حالة الضعف وقلة الحيلة إلى حالة القوة والغلبة والعزة، نستلهم من ذكراها العطرة دروساً وعبراً لعل أهمها الرغبة بالتغيير، وما أحوج أمتنا وهي تعاني الضعف والهوان وتكالب الأمم عليها إلى التغيير الذي يجب أن يكون حاجة ملحة وفرض عين على أبنائها، يقول الله عز وجل: (إن الله لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

نعم علينا كأفراد أن نتغير وأن نقيم شرع الله في حياتنا، وأن نطبقه عمليا ً ونعزز إيماناً بالله وطلب العلم والتحلّي بالأخلاق والدعاء لصلاح الأمة، وإرادة التغيير قبل أربعة عشر عاماً كنت في حوار مع مجموعة من المثقفين، اتفقوا بعد قراءة حاله الأمة أننا نحتاج إلى أربعمائة عام حتى تستعيد الأمة مجدها، قلت: هل ستبقى أمتنا غافية وغارقة في الجهل طوال هذه الفترة، نحن لا نحتاج إلا لمصلح واحد، وسنتغير بفترة صغيرة.

دهش الحاضرون وقالوا: كل حال الأمة المتردي ويصلحه رجل! قلت: هو نهج الله أنه كان يبعث نبياً واحداً للقوم وليس كتيبة أنبياء، لكن النبي تجتمع حوله كتيبة من المصلحين، ويبدأ التغيير، وعلينا حتى نحصل على المصلح المنتظر أن نصلح من أنفسنا أولاً؛ لأنه كيف ما تكونوا يولّ عليكم.

أود أن أضرب مثلاً لو رأيت بيتين: الأول الأب والأم عرفا واجباتهما وهدفهما وأدارا البيت إدارة حكيمة، وخرج منه أبناء مميزون منهم الطبيب والمحامي والمهندس والمعلم والإعلامي والعامل المتقن لمهنته، والبيت الثاني الأب والأم على غير هدى ولا تدبير، والأبناء ضائعون، بيت لا يعرف من أفعال اللغة إلا (أكل – شرب – نام)، أي بيت ستشعر أنه جدير بالحياة، وأنه فخر؟ ستقول إنه البيت الأول.

أتعرفون إلى مَن يرمز البيت الأول؟ إلى العالم الغربي، والبيت الثاني إلى عالمنا العربي، لو تخيلنا أن سيدنا محمد وسيدنا موسى -عليهما الصلاة والسلام- قررا أن يزورا عالمنا ويطلعا على سجل أعمالنا، ماذا سيرى سيدنا موسى -عليه السلام- في سجل اليهود سيرى أنه عند قيام دولة إسرائيل في فلسطين، كان عدد سكانها 600 ألف نسمة، والآن ثمانية ملايين وربع، وأنها من أوائل الدول في توريد الغذاء واستخدام التكنولوجيا العالمية، وأنها تتطور في المجالين العسكري والمدني، وأن خمسة من علمائها حصلوا على نوبل خلال عقد واحد، وأن مثقفيها يقولون عنها أمة لا دولة، أما سجل إنجاز أمتنا في عصرنا الحالي فلم أحاول أن أبحث عنه؛ لأنه إن وجدت فهو إنجازات فردية بدافع طموح شخصي، وليس ناتجاً عن رؤى وخطط منظمة من دول، ألا نخجل أننا لا نملك إنجازاً.

نستطيع أن نتصور أن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) يمشي في طرقاتنا، وهو القائل: النظافة من الإيمان، هل ممكن أن نتصور أن يزور مدارسنا ويرى تسرب طلابنا، وديننا يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، أو يزور مستشفياتنا ومزارعنا ومبانينا ومؤسساتنا ويرى الإهمال والتقصير، أليس حرياً بنا أن نهجر كل شيء سلبي إلى إيجابي، وأن نعبر عن حبنا لنبينا قولاً وفعلاً.

نحن نجتهد أن نربي أبناءنا حتى يكونوا أحسن من الناس لنربّيهم ليكونوا الأفضل حتى يجعلوا حياة الناس أحسن.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد