ريتو بهاسين، ماجستير في إدارة الأعمال، خبيرة معترف بها دولياً في مجال تنمية التنوع والقيادة، ورئيسة شركة بهاسين الاستشارية، وهي شركة استشارية يتركز عملها على التنوع والدمج. من الهام رحلتها الشخصية في التغلب على التنمر العنصري الطفولي، تُعلم بهاسين الآن على الصعيد العالمي كيفية العيش والعمل والقيادة بطريقة قوية وشاملة.
نعيش في عالم مشحون ومليء بالتحديات، ونرى حولنا مختلف أشكال التحيّز العنصري الصريح في كل مكان.
وبصفتي شخصاً ملوناً، فمن الصعب حقاً – سواء مشاهدة الأمر أو تجربته.
في الكثير من النواحي، أشعر أن من الصعب حالياً أن يكون الشخص متعصباً عرقياً أكثر من أي وقت مضى في حياتي.
وبصفتي محترفة في مجال التنوع، فقد سُئلت باستمرار في الآونة الأخيرة عما يمكن أن يفعله الناس – وخاصة البيض – لوقف التحيزات العنصرية.
يريد الكثيرون أن يقوموا بالأفضل، ولكنهم لا يعرفون في كثير من الأحيان كيف، وخاصة أن الأمر يتعلق بسلوكهم، الذي يعزز التقسيم العنصري وتفوق البيض.
كل شخص لديه تحيز لا واعٍ، وما لم نعمل بوعي على معالجتها، فسوف تؤثر سلباً على تفاعلنا مع الآخرين.
يشير مصطلح التحيز اللاواعي إلى الاختصارات العصبية التي يأخذها الدماغ في عملية صنع القرار، بما في ذلك من تضعه في "المجموعة الداخلية" أو "المجموعة الخارجية" استناداً إلى التشابه والرسائل التي استوعبتها من المجتمع حول هويات معينة.
على سبيل المثال، نظراً لأننا نسمع مراراً رسائل سلبية عن الأشخاص الملونين، ينتهي معظم المجتمع إلى معاملتهم بطريقة سيئة، سواءً بوعي أو دون وعي.
الواقع أن الرسائل السلبية المتحيزة التي تعود إلى العِرق – على سبيل المثال: أن السود أقل ذكاءً أو أكثر عنفاً من غيرهم، أو أن الشعوب الأصلية كسولة أو غير مستحقة، أو أن الأشخاص ذوي البشرة البنية إرهابيون متعصبون، أو أن الناس البيض بطبعهم جديرون بالاستحقاق – متغلغلة في مجتمعنا.
يتم نسج هذه الرسائل في نسيج كيفية حياتنا وتفاعلنا مع بعضنا البعض، وبدرجة أعمق مما نعتقد.
إذا حفرت عميقاً سترى الطبيعة الدقيقة للتحيّز العنصري في كيفية تسامحنا مع العنصرية في استخدامنا للغة، وكيف نحكم على الناس من اللون وكيف نشارك بصمت في تأكيد العنصرية من خلال ما نستهلك.
هناك أمثلة حديثة لا حصر لها توضح كيف يجد التحيز طريقه خلال الرسائل التي نتلقاها.
فعلى سبيل المثال، تشبع التغطية الإعلامية الأخيرة لشارلوتزفيل باللغة المتحيزة. إن مصطلحات مثل "القومية البيضاء" و"اليمين البديل" هي انعكاسات للتحيز العنصري – فهي تخفف من حدة الهويات القوية العنصرية للمجموعات البيضاء المتورطة في هذا الحدث الرهيب.
خذ في الاعتبار هذه المصطلحات في مقابل كلمة "إرهابية"، التي تنسب بانتظام إلى الأشخاص الملونين دون تردد، حتى في الأخبار غير المؤكدة.
وعلاوة على ذلك، خذ في الحسبان استخدام مصطلح "حشد" لوصف التجمع العنيف من الأشخاص البيض الذين يحرضون على الكراهية (بما في ذلك الحدث الذي قُتل فيه شخص ما نتيجة للكراهية العنصرية) – بدلاً من "الشغب المتطرف"، وهو المصطلح الذي يُطلق على التجمعات غير العنيفة لأشخاص ملونين مُحتجين على تجاربهم العنصرية.
فبدلاً من المقاومة والاستئصال، أصبحت اللغة المتحيزة مثل "القومية البيضاء" و"اليمين البديل" في طريقها إلى الخطاب اليومي والإعلام (انظر قصة الغلاف لهذا الشهر في ذا أتلانتك).
وثمة مثال آخر على التحيز العنصري في وسائل الإعلام هو الصخب الأخير في الأخبار في كندا حول تعيين رانا ساركار كقنصل عام لكندا في سان فرانسيسكو.
ساركار مهني محترف للغاية تم جلبه من وظيفة عالية الأجر في القطاع الخاص لهذا المنصب المرموق من قِبل الحكومة – وهو رجل بنّي البشرة.
ومن الجدير بالذكر أن ساركار سيحصل على راتب أعلى بكثير من الراتب المعتاد لهذا المنصب، وهو ما أثار وابلاً من المقالات من الصحفيين الكنديين الذين يشككون في علاقاته ووثائقه وقيمته.
الأمر شديد الغرابة بخصوص هذا الموضوع في هذه الموجة الإعلامية هو أن هناك رجالاً بيضاً ذوي إنجازات كبيرة يتم استقطابهم بانتظام من وظائف عالية الأجر في القطاع الخاص لمناصب مرموقة من قِبل الحكومة، ويتسلمون أجوراً أعلى بكثير من المرتبات المعتادة.
وقد تتسبب هذه الحالات في الاستغراب ورفع الحاجب، ولكن نادراً ما يتم التشكيك في شبكات ووثائق وقيمة هؤلاء الرجال البيض، وإذا رأينا تغطية إعلامية حول تعييناتهم، فإنهم غالباً ما يثنون عليها.
هذا هو التحيز العنصري، وعندما لا نطلق عليه ذلك الاسم، فإننا نتسبب في استمراره.
كما نؤكد نحن أيضاً العنصرية من خلال ما نقوله ونشاهده ونستهلكه ونشتريه، ولا نتمسك بالعنصرية إلا عندما نتعامى عما يحدث.
مثال آخر على ذلك صراع فلويد مايويذر الأخير ضد كونور ماكغريغور. في الفترة التي سبقت هذا الحدث، كانت هناك تغطية إعلامية حول تصريحات ماكغريغور العنصرية وسلوكه تجاه السود (وبعض التغطية حول كراهية ورهاب المثلية من كلا الجانبين). كان الصحفيون والمشجعين على علم بعنصرية ماكغريغور، وعلى الرغم من هذا، فإن وسائل الإعلام مجدت المعركة وشاهدها الملايين في جميع أنحاء العالم.
وسيقول كثير من هؤلاء الناس بجرأة عن أنفسهم إنهم يخلون من التحامل والتمييز العنصري، ولكنهم بعد هذا يختارون فصل شخصية ماكغريغور العامة عن عنصريته، ويتسبب هذا في الرضا عن النفس.
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الكندية لـ "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.