ملاحظة: محتوى هذا المقال خطير للغاية؛ لذا يُرجى اتباع التعليمات بدقة تامة؛ ﻷن مخالفتها قد تعرضك للأذى.
إذا كنت تقرأ هذه الرسالة، فأغلب الظن أنك شخص سيئ الحظ؛ لذا رجاءً لا تسهم في نشرها، لقد تم اختيارك إما قدراً أو صدفة أو محض اختيار منك؛ لأن تعرف.. تعرف ماذا؟ أو لماذا؟ الأمر ليس مهماً الآن، المهم هو النتيجة.
أنت تريد أن تعرف، فتحت هذا الموقع تصفحت ما فيه.. أثارك اسم هذا المقال، أصابك الفضول لمعرفة محتواه، ضغطت على الرابط، وتقرأ هذه الكلمات الآن، يمكنك الآن أن تتنفس الصعداء.
يكفي هذا الآن.. والآن السؤال: هل حقاً تريد أن تعرف؟.. إذا كانت إجابتك بنعم، فهل أنت جاهز لتحمُّل نتيجة هذا الاختيار؟
رجاء فكِّر جيداً؛ لأنك إن أكملت قراءة الرسالة، قد لا ترى الكثير من الأمور كما تراها الآن.
– إذا كانت الإجابة بـ"لا"، فقد أهدرت دقيقة من حياتك دون فائدة، إهدار دقيقة ليس باﻷمر الكبير في عالمنا العربي، إلا أنني آسف على ضياعها أيضاً.. والآن يمكنك إغلاق هذه الصفحة.
– قراءتك لهذه الفقرة تعني أن إجابتك كانت بـ"نعم"؛ لذا أهلاً بك في عالمي أو بالأحرى عالمنا، عالم الأشخاص الذين تستفزهم الأشياء الغامضة.. يقتلهم فضول المعرفة للتفتيش عن حقيقة الأمور وبواطنها رغم علمنا بأن الأمر قد يشوبه بعض المخاطر، لكن لا بأس، لا معرفة دون عناء؛ لذا مرحباً بالموت حتى في سبيل المعرفة.
وبما أننا متشابهون إلى حد كبير فقد استيقظت اليوم يا عزيزي، وقررت أن أكتب إليك هذه الرسالة؛ لكي أحذرك من أمر خطير ربما لم تنتبه إليه من قبل، وكتبت عليها "سري جداً" لعلمي أن رسالتي بهذه الطريقة ستصلك وستقرأها، أما الآن وبما أنك هنا، فيمكنني أن أخبرك بعنوانها الحقيقي وهو "أحكام المعرفة".
نعم للمعرفة أحكامها وقوانينها الخاصة والخطيرة، التي يجب أن نحذرها، الاقتراب من معرفة أشياء غامضة يجب أن يشبه اقتراب ضابط تفكيك مفرقعات في فيلم أميركي مكتوب بعناية من جسم غريب، إذا كنت من اﻷشخاص الذين لديهم عقل راجح، فأنت في مأزق حقيقي، فكل ما يستقبله عقلك من هذه المعارف هو مدخلات لعقلك، هذا الحاسوب اﻵلي الذي يوجد به نظام تشغيل يعالج هذه المدخلات، فإما أنه لا يستطيع ترجمتها أو استيعابها من البداية، وكأنها بيانات مشفرة، وهنا يحتاج العقل إلى متخصص ليحل هذه الشفرة، لا أقصد مبرمجاً بالطبع، وإنما متخصص في المجال الذي تتصل به هذه المعلومات.
أما إذا استوعبها العقل فإن نظام التشغيل الذي تم تصميمه من خبرات متراكمة خلال سنوات عمرك من تربية وتعليم وإعلام وثقافة عامة، وقراءة، ومواقف حياتية، ودين وعلاقات عامة، وعوامل أخرى كثيرة يبدأ بالتعامل مع تلك البيانات ومعالجتها.
فهناك بيانات يتم رفضها وكأنها مصابة بفيروس، يلفظها العقل من الوهلة الأولى وكأنها أصابته بالاشمئزاز، بل ويحاول مسحها أو نسيانها، إن كان هناك إمكانية لذلك، فإن لم يكن، فيكتفي بغض الطرف عنها ويتجاهلها، وهذه لا تمثل تهديداً حقيقياً لنا.
أما النوع الثاني فهو البيانات المقبولة جزئياً، التي يعالج البعض جزءاً منها، فإما أنه يقبلها مع التعديل أو تظل موجودة مع شيء من التحفظ، وهذا النوع يمثل أغلب الآراء والتعاملات اليومية مع المحيطين بنا.
أما النوع الثالث فهو المسلمات، وهي البيانات التي يقبلها العقل كما هي دون تحريف أو إبداء رأي أو تأويل، وكأنها كتاب مقدس، وليس فقط الكتب المقدسة ولا المسلمات الكونية والعلمية ما ينطوي عليه هذا البند، ولكن هناك أيضاً بعض البيانات التي توافق أهواءنا وأيديولوجيتنا فنعتبرها مسلمات، ليس لكونها صحيحة تماماً، ولكن ﻷننا أردناها كذلك، أو ربما لأننا نثق ثقةً عمياء فيمن يقولونها.
أما عن مكمن الخطورة في هذين النوعين، فهو أنهما ببساطة سيدخلان في تكوين نظام التشغيل الخاص بك، سيكونان مثل باقي هذه الثوابت التي قامت بتقييمهما يوماً ما، وسيؤثران في مخرجاتك التي ينتجها عقلك، أعلم أنك تتساءل الآن: وما المشكلة في ذلك؟
المشكلة ببساطة أن هناك بعض البيانات الخطيرة التي تشبه "الفيروس" تأتي في بعض أوقات الضعف البشري، وما أكثرها، أو على عقول واهنة بطبعها تشبه جسم إنسان ضعيف المناعة، هذه البيانات أو الأفكار حين تتلقاها لا تمثل امتداداً للبيانات الموجودة مسبقاً، وإنما تمحوها تماماً.. تصبح هي الثابت الوحيد الذي لا يمكن تغييره، تصبح هي نظام التشغيل نفسه.
هل سمعت عن شخص ألحد فجأة؟ هل تعرف شخصاً حاول الانتحار؟ هل رأيت أحد أصدقائك أطلق لحيته وقصر جلبابه بين عشيةٍ وضحاها؟ هل رأيت العكس؟ هل سمعت عن شخص انضم إلى تنظيم إرهابي دون سابق إنذار؟ وربما أضع قرار الزواج المفاجئ أيضاً ضمن هذه القرارات رغم علمي باختلاف التأويل من شخص لآخر، وغير ذلك من القرارات الفجائية غير المتوقعة.
هذا هو الخطير في اﻷمر لذلك كما أسلفت وأخبرتك، فإن للمعرفة أحكاماً يجب أن تتم تهيئة وإعداد العقل لها مسبقاً، وأن تدربه على استقبال هذا الضيف الغريب القادم إليه وتصوغ له طريقة منطقية للتعامل معه قبل حتى أن تعرف من هو أو موعد قدومه، هذا الإعداد يستلزم وجود ثوابت لا يمكن تغييرها، أعمدة راسخة رسوخاً أقرب إلى المادية.
نعم هناك خطوط حمراء في عقل ووجدان كل واحدٍ منا وتختلف من شخص لآخر، قد يكون أقواها الدين، وأقلها كلام الناس، لكن ليس هذا ما أعني ولا ذاك.
ما أقصده هو أن تكون تلك الأعمدة عامة وتحتوي الجميع، أن نؤمن مثلاً بالحرية لنا وللآخرين، أن نملأ عقولنا بمبادئ المساواة والعدل وحق الحياة، أن نعلم أننا لسنا أنبياء معصومين من الخطأ؛ لذا فلسنا على الحق دائماً.
كما أن المخالفين ليسوا مخطئين دائماً.. كل شيء قابل للمناقشة.. العلم دائماً طريق الحق.. لا يمكن للعلم أن يكون كفراً، ولا يمكن للظلم أن يقيم عدلاً.. لسنا آلهة كي نحاسب الناس على ما يفعلون، وغير هذا الكثير.
إذا امتلكت تلك الأعمدة يمكنك حينها أن تقيم عليها بعض الحواجز المؤقتة، وسبب توقيتها أنها تتغير وتتسع بمرور المعرفة إلى داخلها، فكلما زاد ما بداخلها ضاقت به واتسعت لتصبح أكثر معرفةً، وتكون مهيَّأً لما هو قادم من معرفة.
ما قرأته سالفاً ليس من المسلمات، ولا ناتج دراسات علمية ومعملية، وإنما هذا ما ألزمت به نفسي ورأيته نافعاً لي، فإن كنت ترى أن ما قرأته هراء فقد أرحت عقلك كثيراً، وإن كان غير ذلك فأنا آسف لما انتبهت إليه متأخراً.
وعلى كلٍّ.. أشكرك على وقتك الثمين.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.