اشتقت لأنوثتي

اشتقت لأنوثتي في ظل التحرش والعنصرية والتمييز.. اشتقت لأكون أنا لا تلك المصطنعة التي تدعي القوة والصلابة لضمان حقوقها وحماية كيانها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/19 الساعة 03:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/19 الساعة 03:35 بتوقيت غرينتش

في عيون الناس أنا أنثى، فتاة صغيرة ستكبر لتصبح أماً يوماً ما، فتدخل في دوامة الروتين اليومي لتطبخ وتهتم بشؤون البيت، وتسمع فوق كل ذلك صخب الزوج وانتقاداته!

عفواً سيدي، لست جارية عند قدميك، فأنا أنثى لي أحلامي، لدي رغباتي، وأمسك بزمام أموري، بل وأسعى جاهدة إلى تطوير ذاتي وإثبات كفاءاتي.

أنا أنثى اشتقت إلى ذاتي الحرة، إلى أن أغوص في عمقها المكنون، فأحدثها بما يجول في خاطري.
اشتقت إلى الأنا التي ليست أنا، إلى تلك الأنا التي لطالما احتوتني في كل نائبة، وسمت بي في كل ذائقة، بل وهمت بي في وقت الشدة، مؤكدة أن دوام الحال من المحال، فأيقظت داخلي نبراس أمل وهاجاً ينير السبل.

اشتقت إلى أن أعود بزمن قد ولّى مدبراً، فأحاكي طفولة ناعمة وبراءة ظريفة سامية بل وأشهد أحداثاً مثيرة. تمنيت لو أمكنني أن ألملم الذكريات وأنسجها على هواي فأحذف منها المعاناة وأعوضها بعبق النسمات.

اشتقت إلى مَن هبت بهم رياح المنية، ورحلوا بعيداً دون سابق إنذار، فقد كانوا شموعاً وهاجة غير أن وميضهم البراق انطفأ فجأة؛ لينضافوا إلى سجل الذكريات؛ ذكريات أبت المكوث في عالم النسيان، وأصرت على مشاركتنا الماضي بالذكرى والحاضر بالحدث وحتى المستقبل، بإعادة كل المشاهد، وكأنها حدثت اليوم بعينه.

عجيب هو حال الأنام، بين ذكرى شقاء وفرح تاهت السعادة وترجمت معانيها دموعاً فاضت من حنين ولوعة صراع مقيت مع الذات، صراع أبى أن ينتهي حتى الممات.

اشتقت لألمس براءة نفسي وطهرها، عوض الخوف من نظرة المجتمع المقرفة، أشتهي اللعب، اللهو والمرح دون أن يذموا صفاتي أو يسجلوا سيئاتي؛ سيئات لم أقترفها بل هم من شاءوا تدنيسي بها!

الأنوثة ليست في الحنان، وأن تداعبني بكلمات الرقة والجمال، أو أن تسمعني القبانيات صباح مساء، بل الأنوثة تكمن في احترامك لكياني واعترافك بأهميتي بل واعتزازك بوجودي إلى جانبك سنداً وعوناً.

اشتقت لأنوثتي في ظل التحرش والعنصرية والتمييز.. اشتقت لأكون أنا لا تلك المصطنعة التي تدعي القوة والصلابة لضمان حقوقها وحماية كيانها.

أريد أن أكون ملك نفسي، حرة بلا قيود، لا عورة يجب سترها أو فتنة يجب إطفاء فتيل لهيبها، أنا من أبتكر مبادئي لأعيش وفقها، لا المجتمع يفرضها، ويجعلني مكرهة أنصاع لها.

أود أن أحلم فتبصر أحلامي النور، أن يدعمني مجتمعي لا أن يقف سداً منيعاً بحجة أني أنثى!

لطالما عقدت الآمال على غد واعد حافل، ينصفني كأنثى تمثل نون النسوة، فأمل مكتوب خير من ألم مكبوت.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد