مفيش صاحب

ويبدو أن بعض هذه الكلمات تعبر عن واقع متردٍّ ملخصه "الناس تعبانة قرفانة، من العيشة طهقانة"، "ما لكش قيمة وسط البشرية..."، شكلته النكسات المتتالية للواقع العربي

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/10 الساعة 02:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/10 الساعة 02:10 بتوقيت غرينتش

في الحفلات والسيارات يعلو صوتها، وفي المنازل يرددها الأطفال، محاولين تقليد حركات جسد من غناها، حتى لو لم يعرفوا جميع كلماتها.

أكثر من مائة مليون مشاهدة على ثلاث قنوات يوتيوب للأغنية الشعبية المصرية "مفيش صاحب"، التي انتشرت في الفترة الأخيرة بشكل جنوني بين الشباب.

تلك الأرقام تجسد الحالة المتدنية التي وصل إليها جيل ناشئ بأكمله نسي أو أجبر على نسيان جميع مشكلاته وهمومه، وترك "أخي جاوز الظالمون المدى" وتشبث بـ"مفيش صاحب".

ويبدو أن بعض هذه الكلمات تعبر عن واقع متردٍّ ملخصه "الناس تعبانة قرفانة، من العيشة طهقانة"، "ما لكش قيمة وسط البشرية…"، شكلته النكسات المتتالية للواقع العربي، وما أراده الحكام من إلهاء الناس في همومهم وتفاصيل حياتهم اليومية الصعبة، بدلاً من النظر إلى مستقبل أفضل.

تتلوى أجساد الشبان والأطفال على أنغام الأغاني الشعبية، ورغم أنهم أشبه ما يكونون بألعاب متحركة تنساق مع الموسيقى دون الالتفات لما حولهم، فإنهم يصرخون ويرددون "أنا مش هفيّة".

جزء من الحال "الهايف" الذي يعصف بالجيل أظهره فيديو مصور من مصر، يتفنن فيه الأطفال في ترديد كلمات الأغاني وحركاتها، وتلجم ألسنتهم عند سؤالهم عن سورة الإخلاص، أو أين تقع القدس؟

وتتشعب التفسيرات التي أوصلت هذا الجيل إلى المرحلة الحرجة التي يعيشها بدءاً من غياب التنشئة الصحيحة التي تعود لزيادة الفقر والبطالة وتراجع فرص العمل، وقلة أجور العاملين، لا سيما المدرسين منهم في عدد كبير من البلاد العربية، وما يقابله من انتشار لوسائل التكنولوجيا الحديثة التي تسمح للجميع بنشر وتروج ما يريد دون فلاتر أو رقابة على المحتوى، سواء كان مفيداً أو هابطاً.

التفسيرات السابقة أطفت على السطح جيلاً جديداً، ربما إن استمر على هذا الحال لن يتمكن من النهوض بمكانته، وسيكون مستقبلهم أكثر غموضاً، وستنطبق عليهم كلمات الأغنية التي يرددونها "الدنيا زي المرجيحة يوم تحت وفوق"، لكنهم سيبقون "تحت" دون أن يتمكنوا من العودة "فوق"، إن لم تتحرك كل الجهود الرسمية والأهلية لإنقاذ جيل "الغلابة".

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد