في حوار مثير مع "عربي بوست"، هاجم المرشح الرئاسي المصري السابق خالد علي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معتبراً أنه المسؤول الأول عن إلغاء سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير، وتسليمهما للسعودية حتى ولو حاول نقل المسؤولية للبرلمان والحكومة.
وأجاب خالد علي عن أسئلة دقيقة بعضها يمس مستقبله، وعما إذا كان يفكر في مغادرة البلاد إذا صدر بحقه حكم بالسجن، وتحدث كذلك عن موقفه من جماعة الإخوان المسلمين ومذبحة رابعة، وهل يمكن أَن يتحالف مع التيار الإسلامي. كما أجاب عن سؤال بشأن إمكانية تكرار ما حدث مع د.محمد مرسي في حالة نجاحه كرئيس مدني، وعما إذا كان يعتبر مرسي مجرماً أم مظلوماً، وهل يقبل الدفاع عنه، وهل الوضع الحالي في ظل حكم السيسي أسوأ أم لو كان مرسي مستمراً في الحكم؟
وشرح خالد علي في الحوار العوامل التي ستحدد قراره بالترشح للرئاسة من عدمه وهدفه من الترشح، وكيف يمكن التصدي للدولة العميقة، وموقفه من المؤسسة العسكرية.
وحذر المحامي الحقوقي، خالد علي، من أن موافقة البرلمان المصري على اتفاقية تيران وصنافير تعني التنازل عن الجزر وتسليمها للسعودية وإضعاف موقف مصر للاحتفاظ بهما وإضعاف فرص الأجيال القادمة لاستردادها، مؤكدا أن الغضب الشعبي هو الشيء الوحيد الذي يوقف التنازل عنها.
وكشف المرشح السابق ذو التوجهات اليسارية عن المضايقات التي يتعرض لها هو وأعضاء مكتبه وحزبه وأسباب فشله في الحصول على التفويضات اللازمة لتشكيل الحزب.
وقال إنه لم يتخذ القرار النهائي بشأن ترشحه، ولكنه لن يكون "كومبارساً" للسيسى، ومشاركته في الانتخابات هدفها خلق معركة حقيقية في الشارع.
إلى نص الحوار الذي تم تسجيله قبل موافقة البرلمان بعدة أيام.
قضية تيران وصنافير
ما هي الخطوات القانونية القادمة في قضية تيران وصنافير؟ وهل التحكيم الدولي خطوة واردة بالنسبة لكم؟
من الناحية القانونية والدستورية، تم غلق القضية، وكل ما تحاول الدولة فعله هو جعل النزاع مفتوحاً، عبر سلسلة من القضايا التي ليس لها قيمة، أملاً في قدرتها على التأثير على أي محكمة من المحاكم التي تنظر في تلك المنازعات، مع الحملة التي يقوم بها الإعلام والأجهزة السيادية للترويج لتسليم الجزيرتين.
وتلك الحملات أمام الرأى العام تصاحبها حملات بث رسائل الهزيمة لرافضى الاتفاقية من كلمات تروج بأن "هذا النظام لا يستطيع أحد إيقافه-الجيش وافق على التسليم".. كل هذه رسائل تُبث فى الشارع المصري للقبول بالأمر الواقع، ثم عرض الاتفاقية على البرلمان الواقع تحت تحكم هذه السلطة بنسبة كبيرة جداً.
هل موافقة البرلمان تمثل وضعاً مختلفاً في مسار الاتفاقية؟
مع كل الإجراءات التي سبقت الإشارة إليها، يمكن لمصر أن تحتفظ بالجزر، ولكن موافقة البرلمان "الذي هو في القانون الدولي هو تعبير عن الشعب"، يعني التنازل عن تيران وصنافير، وإضعاف موقف مصر على الاحتفاظ بهما، وإضعاف فرص الأجيال القادمة للحفاظ عليها أو استردادها لو تخلى عنها السيسي، وأتمنى أن يعي أعضاء المجلس قيمة هذه اللحظة.
سنستمر في رفع دعاوى قضائية وسندفع بعدم دستورية هذا القانون وما شابه فيما يؤكد استمرار النزاع، ولكن موافقة البرلمان ستضعف موقفنا من شق آخر، بجانب الذي ذكرته، وهو بدء التنفيذ على الأرض، فحتى الآن العَلم المصري هو العلم المرفوع على الأرض، ولكن تمرير الاتفاقية بالبرلمان والبدء في تنفيذ تسليم الجزر وإنزال العلم المصري من عليها ورفع العلم السعودي سيكون هذا تغيراً كبيراً على الأرض.
ماذا سيحدث بعد موافقة مجلس النواب على الاتفاقية؟
سيقوم السيسى بتسليمها، ويرتكب هذا الفعل الذي أعتبره خيانة في حق الوطن وتنازلاً عن أراضي الدولة، وهو يلقي المسؤولية على البرلمان؛ حتى يستتر خلف موافقته ويقول: "لست وحدي من وافق".
ولكنها ستظل جريمة يتحمل مسؤوليتها، سواء كان من وقّع هو رئيس الوزراء فقط أم صدّق عليها رئيس الجمهورية أو حتى وافق عليها البرلمان، ستظل جريمة ويجب ألا تمر مثل هذه الجريمة.
أما عن السيناريوهات المتوقعة، فهي مرتبطة بالشارع وبالناس؛ هل الناس عندها قدرة على أنها توقف هذا أم لا؟! ففي بداية القضية، لم يكن عند الناس يقين هل الجزر مصرية أم لا وأصابهم الشك والتردد. ولكن بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا أصبح هناك يقين بأن هذه الجزر مصرية.
ومن ناحيتي، سأستمر فى اتخاذ الإجراءات القانونية كافة، هذا إن لم أكن في السجن، ولكن إن لم يكن هناك حراك في الشارع المصري يوقف هذا الأمر فهاتان الجزيرتان سيتم تسليمهما، والشيء الوحيد الذي يوقف هذا الأمر هو أن يكون هناك غضب شعبي، حسب تعبيره.
هتفتَ عقب الحكم بمصرية الجزرتين في يناير/كانون الثاني الماضي "العسكر باعوها ويناير رجعوها".. فهل كنت تشير للمؤسسة العسكرية في القضية؟
كنت أقصد عبد الفتاح السيسي بشخصه وهو من كان وزير دفاع وهو من تولى الحكم وهو من جعل رئيس الوزراء يوقع هذه الاتفاقية، وهو المسؤول الأول والأخير.
والدفاع عن مصرية الجزيرتين جزء منه دفاع عن شرف المؤسسة العسكرية وتاريخ الجيش المصري، وكون أن رئيس الجمهورية وقّع على هذا الاتفاق وهناك بعض القادة بالمؤسسة العسكرية يساعدونه- فإن ذلك لا يعبر عن جوهر المؤسسة العسكرية برؤيتها الأشمل.
ففي النهاية، من فعلوا ذلك هم مسؤولون عن الأمر بشكل شخصي، ولا أستطيع أن أقول إن المؤسسة العسكرية موافقة أم لا؛ لأنه مهما كان عدد هؤلاء القادة الموالين للسيسي إلا أنهم لا يعبرون عن كل الجيش المصري.
لكن المسؤول دستورياً في هذه اللحظة هو رئيس الجمهورية، وهو المعني بهذا الأمر؛ لأن بيده أن يوقف هذا الأمر وهو المسؤول تماماً منذ لحظة التوقيع إلى لحظة التسليم وإنزال العلم المصري من على هاتين الجزيرتين، وطبعاً هناك مسؤولية تضامنية على كل الوزراء وكل أعضاء البرلمان وكل من وقّع بالموافقة.
والعمل البرلماني ليس معناه أنك في مأمن من العقاب والحساب حتى إن لم يحدث ذلك في عهد النظام الحالي، ربما يحدث في المستقبل.
ما الاتهامات التي وجهتها للرئيس عبد الفتاح السيسي في البلاغ المقدم من قِبلك بشأن قضية تيران وصنافير؟ وما الحكم المفترض؟
تعريض أراضي الدولة للخطر، وهي جناية وعقوبتها تصل إلى الإعدام، وكل الاتهامات التي وجهتها لرئيس الجمهورية والعقوبات المترتبة عليها واضحة في البلاغ المقدم للنائب العام.
هل ينتهي الأمر بخالد علي بالسجن؟
هل توقعت أن يتم تقديم دعوى ضدك بعد الحكم الخاص بـ"تيران وصنافير"؟
توقعت ذلك، في محاولة منهم لمنعى من الترشح للرئاسة أو لاستخدامها في اغتيالي معنوياً أمام الرأي العام بشكل أو بآخر، وهذا بالفعل ما حدث مع أغلب المنتمين إلى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، فهناك من لُفقت لهم قضايا؛ إما لحبسهم وإما للضغط عليهم للهرب والهجرة لبلاد أخرى إلى أن تستقر الأوضاع، ولكنى قررت منذ البداية أن أستمر هنا. أريد العيش في بلدي.
هي محاولة لإرهابي فكرياً بشكل كبير واغتيالي معنوياً بزعم قيامي بفعل مخل للشرف، وهذا بالتأكيد لم يحدث وفي الوقت نفسه السعي لاستصدار حكم يجعلني أفقد شرطاً من شروط الترشح لانتخابات الرئاسة في 2018.
تلك الممارسات تتم في ظل سياسة استخدام القانون للتصفية السياسية ومحاصرة كل من يعمل في المجال العام وكل من له رأي مستقل أو رأي معارض.
وهل فيما تم من إجراءات حتى الآن أية مفاجآت قانونية تراها بعين المحامي؟
بالفعل، تعجبت من سلوك النيابة العامة تجاهي، خصوصاً منعي من الاطلاع على أوراق القضية رغم أن القضية قائمة على بلاغ من شخص، وليست قائمة على "تحريات المباحث" أو "حالة تلبس" والتي في كثير من الأحيان لا تُطلعك النيابة على جميع أوراق القضية.
وأنا فوجئت بأن البلاغ المقدم بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني 2017 قد تم تجاهله حتى نهاية شهر مارس/آذار.
عمرو أديب قال إن احتجاز خالد علي بهذه الطريقة يرفع أسهمه كمرشح لرئاسة الجمهورية.. إلى أي مدى تعتبر نفسك مستفيداً سياسياً من هذا الضجيج؟
أنا لا أعتبر نفسي مستفيداً؛ بل على النقيض هذا يفتح المجال لبعض الناس بالادعاء عليك على غير الحقيقة بارتكابك فعلاً غير أخلاقي حتى ولو من دون دليل، والقضية حدثت في وقت كنا نعتبر أنفسنا منتصرين بقضية تيران وصنافير في حكم المحكمة الإدارية في يناير/كانون الثاني الماضي، انتصار جاء بعد ضغط رهيب من كل الجهات العليا برفض القضية".
ورغم ثقتي بالبراءة، فإننى لا أعتقد أن الحبس يؤدي إلى أي فائدة، خصوصاً في ظل الحصار الإعلامي وعدم وجود فرصة حقيقية لإبلاغ وجهة نظرك للرأي العام المصري.
ما هو احتمال صدور حكم بسجنك؟
كل الاحتمالات واردة، والعقوبة الأقصى في قضيتي هي حبس سنة و300 جنيه غرامة، وكل الخيارات محتملة، من أول أن يصدر حكم بحبسي سنة مع النفاذ إلى 24 ساعة حبس أو غرامة أو عقوبة مع إيقاف التنفيذ أو براءة.
أمام القضاء هناك عناصر كثيرة مؤثرة، وكذلك عدم تأثره بالاستقطاب السياسي الموجود وعدم تأثره بالخطابات الإعلامية وعدم وجود ذهنية مسبقة لديه.
وماذا ستفعل إذا صدر حكم بسجنك؟ هل ستغادر البلاد ككثير من المعارضين؟
"لا، لن أخرج من مصر، وفي حال صدور عقوبة ضدي فسأقضيها بمصر"، كما أني حتى الآن لم أجزم قراري بدخول الانتخابات، ولكن لا أنكر وجود مناقشات ومشاورات وأحاديث واجتماعات تتم، ولكني لم أتخذ قراراً نهائياً بالترشح.
وربما يقف الأمر عند هذه المناوشات من قِبل النظام، ولكن في حالة صدور حكم ضدي حتى لو غرامة يفقدني شرطاً من شروط الترشح.
هل تمت ممارسة ضغوط عليك لمغادرة البلاد كما تم مع أغلب رموز ثورة 25 يناير كما قلت أنت بنفسك؟
كثيراً ما مورست عليّ مثل هذه الضغوط من سب وشتائم في وسائل الإعلام بمبرر ومن دون مبرر، وإلقاء تهم الخيانة فقط لأنك ترفع قضية تيران وصنافير وتكسبها، أو يتم القبض على محامٍ من مكتبي هو مالك عدلي والتنكيل به، أو أن يتم استدعاء كل من يعمل معي بمكتبي الخاص من قِبل أمن الدولة وتخويفهم لدرجة استدعاء عامل الشاي "الأوفيس بوي" وسؤاله إن كان سينتخبنى إن ترشحت أم لا.
وكانت آخر الضغوط على حزب العيش والحرية، حملة ضد مجموعة من الشباب لمجرد قولهم لرأيهم.
وبالطبع، كل أنواع الضغوط هذه هي رسائل واضحة لي، وبجانب ذلك هناك رسائل غير مباشرة من أشخاص مقربين من دوائر صنع القرار بمصر تحمل رسائل مباشرة بصورة "نصيحة"، مثل قول البعض لي "خلي بالك على نفسك وأسرتك"، أو أن "خاف على نفسك الوضع غير مستقر".
هل حزب العيش والحرية الذي تتزعمه إضافة حقيقية؟
هل تعتقد حقاً أنه يمكن -في ظل كل الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية- أن يتم تغيير الأمور في مصر عن طريق المشاركة السياسية وفق شروط النظام أو بالاحتكام إلى القضاء؟
"معنى سؤالك نقعد فى البيت!"؛ فالشروط السياسية لا تتغير إلا بالمقاومة، والمقاومة ليست بالدخول في الانتخابات فقط، ولكن في بعض الأحيان قرار الناس يكون مقاطعة الانتخابات، وفي البعض الآخر يكون المشاركة أو يكون هناك اختلاف على ذلك، ولكن الشروط السياسية لم ولن تكون منحة من الحاكم؛ فمن مصلحته أن يضيق المجال العام طوال الوقت، وأن يجعل هذه الشروط مجحفة، وأن يكون هذا المجال طارداً للعمل السياسي، وأن يكون العمل السياسي مكلفاً ومرعباً.
وهو يهدد مستقبلك أو حريتك بهدف أن يبعد الناس عن هذا المجال العام، ولكن من يستعيد هذا المجال هو مقاومة الناس له؛ لأنه ليس هناك حاكم سيعطيك هذا الأمر كنوع من أنواع الهبة إلا في المجتمعات التي ترسخت فيها الديمقراطية عبر تاريخ طويل وهي أيضاً ناضلت ودفعت الثمن فيه، ومقاومة تلك الشروط ومحاولة تحسينها للوصول للوضع الأفضل هما الحل الوحيد الذي نتمناه لأنفسنا ولبلدنا.
أين اختفى المسار الثوري في أداء خالد علي؟ فقد لوحظ أنك بدلاً من أن تستدعي الجماهير فإنك قمت بصرفهم يوم تجمعوا في مظاهرات تيران وصنافير.. فهل أصبحت تلعب دور المعارض داخل الدوائر الحمراء للنظام؟
أولاً، هذا ليس حقيقياً؛ فأنا لم أطلب من الجماهير الذهاب، وثانياً أن منظمي هذا اليوم هم من طلبوا ذلك وقد كانت المظاهرة محددة بفترة زمنية، ثم طُلب مني أن أفاوض الأمن في ظل وجود فتيات بالمظاهرة التي أصبحت محاطة بكردون أمني وهؤلاء الفتيات كن يردن الانصراف .
ولكن في النهاية، عهد الزعماء انتهى ولا يوجد في البلد زعماء، والناس الموجودة أمام نقابة الصحفيين إن أرادت الجلوس لأكملت التظاهر مهما كان ما أقوله لهم.
والجميع الآن لا يرغب في صدام ودم مع الشرطة، خصوصاً أننا أمام نظام أراق كمية دم كبير،ة سواء في فض اعتصام رابعة العدوية أو غيرها، ولن أكون سعيداً باستكمال الوقفة مقابل نقطة دم تسال من الشباب.
تحملت الكثير من المزايدات في هذا الأمر وهو شيء مألوف وطبيعي، ولكن ردي هو أنني أنا الوحيد الآن من ينزل ويعارض، وأنا أول من قال من خارج التيار الإسلامى إن "رابعة" مذبحة رغم اختلافي الشديد معهم وموقفي ضد الإخوان كمؤسسة سياسية وضد مشروعهم.. وبعد كل هذه المواقف/ ماذا كان ينتظر مني، وهل يُنتظر أن أحمل السلاح؟!
نحن نحاول تأسيس حزب سياسي ويتم رفضه رغم أنه لم يتم الإشهار عنه بعد، والسؤال الذي يطرح نفسه: "لم كل هذا التحقير من المجهود المبذول من قِبلنا؟".. فشبابنا سُجن ونحن نعمل كي ينضم الناس إلينا داخل هذا الحزب، كما أن محاولة توسيع المجال العام ليست عملاً ضئيلاً".
يجب أن نتوقف عن توجيه سهام الاتهامات بعضنا لبعض، وأن نبحث عن كيفية الحفاظ على هذا البلد، واستعادة المجال العام، ووجود توازن في الشارع السياسي؛ لأن هذا الذي سيؤدي إلى التوازن في قرارات السلطة، وهذا يحتاج منا قراءة ما مضى قديماً ويحتاج استكمال بعضنا مجهودات البعض الآخر ،وليس استسهال طعن بعضنا بعضاً والتقليل من عمل الآخرين.
لماذا تضيفون حزباً يسارياً لأكثر من 7 أحزاب موجودة بالفعل تصف نفسها باليسارية وقد يؤدي إلى مزيد من الخصومات والتفتيت في جبهة اليسار وفي المعارضة المدنية بشكل عام؟
لماذا الجميع منتبه لما يفعله اليسار ويقولون إن "اليسار مفتَّت".. كم يوجد من الأحزاب الإسلامية بمصر؟ ولماذا لم ينضم حزب مصر القوية إلى جماعة الإخوان المسلمين؟ لماذا توجد الجماعة الإسلامية والتيار السلفي وكل هذه الأحزاب رغم أنه يطلق على كل ذلك "تيار إسلامي"؟ وكذلك التيار الليبرالى بمصر.
هذا تنوع طبيعي وليس تفتتاً؛ بل على العكس اليسار موجود دائماً في الشارع ويستنكر كل هذه الدماء من الطرفين، فنحن ضد اغتيال وتصفية ضباط جيش أو شرطة أو عساكر أو قضاة وضد تصفية متهمين بدلاً من تقديمهم للمحاكمة، ونرى أن رابعة مذبحة، وأن ما حدث في المنيا مجزرة، وأن ما يحدث في الكنائس أعمال إرهابية قبيحة يجب أن تتوقف، ونحن لا نبرر لذلك ولا ذاك فنحن لن نكرر كلام الدولة ولا كلام التيارات الإسلامية.
لدينا مشروع نحاول توصيله للناس بصورة أكبر، وهذا لا يدل على تفتت ولا على ضعف؛ بل هي محاولة للتعبير عن وجودنا في المجال العام وبالشارع السياسي.
بررت عدم اكتمال تأسيس الحزب بأن موظفي الشهر العقاري يرفضون استخراج توكيلات للناس.. كيف ستجمع تفويضات من قٍبل 25 ألف شخص لخوض انتخابات الرئاسة وأنت عاجز عن جمع 5 آلاف فقط لتأسيس الحزب؟
في عام 2014، قررنا بدء العمل بهذا الحزب، في ظل التكلفة الأمنية التي تواجه المنتمين إلى الحزب، ووصلنا الآن إلى وجود 1000 توكيل في ظل تعنت من الشهر العقاري لإصدار التوكيلات، وخلال تلك الفترة لم يتم إنشاء أي حزب سياسي إلا الأحزاب التي ترعاها الدولة.
ولكن هذا ليس معناه أنه لو قررنا خوض الانتخابات فلن نستطيع جمع التوكيلات، وهناك مؤشرات تدعم وجهة نظري، ومنها مثلاً أنه في اليوم الأول لتدشين صفحة بموقع فيسبوك للدعم الشعبي لترشحي بها 35 ألف شخص وعدد الذين عبّأوا استمارات الحملة والتطوع بها 2000 شخص.
والأمور لا تقاس بمثل تلك الطريقة، وبناء تنظيم عمل سياسي في الشارع أمر تراكمي، فنحن لا نريد بناء التنظيم كما فعل العديد بالإتيان بالأهل والأقارب لعمل توكيلات، ولكننا نريد بناء تنظيم حقيقي يأخذ وقتاً تراكمياً؛ لأن مثل هذا التراكم هو الذي يبني التنظيمات القوية، فالأحزاب ليست مجرد أن تأخذ رخصة.
وللعلم، "العيش والحرية" هو أبرز حزب أُلقي القبض على عدد كبير من أعضائه في الحملة التي تستهدف القوى المدنية، كما أننا الحزب الوحيد الذي وجهت إليه تهمة الإرهاب؛ لأننا مصممون على خوض تجربة نضالية حقيقية تراكمية تمثل إضافة للحياة السياسية المصرية.
وهذا ليس معناه تقليلاً من الأحزاب السياسية الأخرى؛ فالجميع يحاول، "حزب الدستور ومصر الديمقراطي والتحالف الشعبي ومصر القوية ومصر الحرية"، كل هذه الأسماء تحاول التغيير في ظل وضع مربك للجميع، وكلها تحاول العمل بعضها مع بعض مثلما حدث في "مصر مش للبيع" ونجحت في تكوين نموذج للعمل المشترك.
التعاون مع الإسلاميين
في سبتمبر/أيلول 2013، وصفت ما حدث في رابعة بأنها مذبحة، فهل يمكن في إطار استدعاء مشهد يناير/كانون الثاني 2011 أن يتقارب خالد علي يوماً من الإسلاميين -ولو بشروط، وإن كان ذلك ممكناً، فما هذه الشروط؟
في مثل تلك اللحظة، على الجميع مراجعة موقفه، وغير مقبول لديّ ولن يحدث أن يأتي أحد ليقول لي: "إن لم تعترف بفعلك كذا وكذا فلن أنضم لك".
وهناك تعاون مع منضمين إلى التيار الإسلامي كأشخاص، ولكن كمجموعات لم يحدث أي تواصل، وإذا كان حزب مصر القوية يُحسب على التيار الإسلامي فهو جزء من حملة "مصر مش للبيع" ويشترك معنا في أشياء أخرى.
هل تعتقد فعلاً أن الاتهامات بالإرهاب التي وُجهت إلى كثير من المعارضين في السجون -وتحديداً من قيادات الإخوان المسلمين- هي اتهامات صادقة أم أنها مسيسة؟
بالتأكيد، هناك العديد من القضايا مسيّسة، ولكن ليست كلها.
في ظل تفتت التيار الإسلامي الحالي نتيجة للضربات الأمنية المتلاحقة، أصبح هناك كتل شبابية منه بلا قائد.. هل من الممكن أن تحاول تصحيح الصورة الذهنية عنك أمامهم قبل معركة انتخابات الرئاسة؟
لن أغيّر موقفي وأنا لدي مواقفي الواضحة، وكلامي واضح بالصوت والصورة، ومن يريد أن يتقبلني بهذا الأمر "أهلاً وسهلاً به"، ومن لم يرد ذلك فلديه كل الخيارات الأخرى متاحة أمامه.
في رأيك، هل مرسي مجرم أم مظلوم؟ مخطئ سياسياً أم ضحية عملية إفشال منظمة؟
مثل هذا السؤال يحتاج لتقييم شامل ويجب ألا يقال في تعليق واحد. ولكن بالطبع جماعة الإخوان المسلمين جماعة كانت موجودة في الحكم وكان الشارع يدعمها حتى الإعلان الدستوري ثم بعد هذا الإعلان تغير موقف الناس إلى المعارضة الشديدة بشكلٍ واضح، وهي مسؤولة عن ذلك، فهي مسؤولة عن فقدان هذا الزخم، ويكفي أن مستشارين لمرسي فضلوا عدم الإكمال معه رغم قبولهم بالأمر في البداية بعد أن رفض الإخوان الالتزام بما اتفقوا معهم عليه من رؤى.
هل سيناريو استكمال مرسي للحكم كان سيكون أفضل أم أسوأ من الوضع الحالي؟
كل الاحتمالات كانت واردة؛ فربما كان أسوأ وربما كان أفضل. لا يستطيع أي أحد أياً كان أن يتنبأ بالمستقبل ويقول ماذا سيحدث لو حصل كذا.
هل فكرت في الدفاع عن مرسي في المحكمة في أي قضية؟
لا.. لن أدافع عن أي قيادة للإخوان، ولكنى دافعت عن شباب الإخوان عندما طُلب مني ذلك، ولكن ليس من كان بمواقع قيادية داخل الجماعة، وهذا قرار لن أتراجع عنه.
الانتخابات الرئاسية
أنت "مرشح رئاسي محتمل" حسبما أعلنت رغم أنك انسحبت من الانتخابات السابقة لأنها "مسرحية هزلية"، ألا تخشى أن يتحول خالد علي أو أي مرشح إلى ممثل هزلي يشارك لتجميل الانتخابات أم أن هناك أملاً حقيقياً في هذا المسار؟
لقد ذكرت مسبقاً أني لم أتخذ مثل هذا القرار، ولكن عندما سيُتخذ هذا القرار فسيكون وفقاً لمعايير محددة، كما أنه من المؤكد أني عندما "أدخل حاجة أدخلها بجد"، كما دخلنا انتخابات عام 2012 كنا نعرف بأننا نعبر عن فئة شبابية ونقدم برنامجاً ونخوض تجربة، لكننا كنا نعرف أننا لن نصل حتى لمرحلة الإعادة.
أي انتخابات ندخلها نهدف إلى خلق معركة حقيقية في الشارع، معركة الناس تصدق أننا حاولنا، وذلك مع قناعتنا التامة بأن عناصر القوى الرئيسة بيد هذا النظام مثل الإعلام والأمن.
والأسئلة المطروحة عن إمكانية النجاح في خلق معركة حقيقية، الإجابة عنها مرهونة بالناس والاتجاه العام الذين يذهبون له.. هل ستدخل معركة تحدي هذا النظام أم أن الاتجاه هو فقدان الأمل في أي تغيير؟
مهمتي أنا والحملة أن نقنع الناس بأننا سندخل معركة حقيقية ونتمنى أن يصدقونا.
هل تعتقد فعلاً -كمرشح رئاسي محتمل- أنك تملك برنامجاً يمكنه أن يصلح الأوضاع في مصر ولو شيئاً ما؟
بالتأكيد، فلدي برنامج منذ عام 2012 ويتم تحديثه الآن. وبالتأكيد، أي أزمة يمر بها أي مجتمع هناك منافذ للخروج منها.
هل يلقى مصير مرسي؟
هل يمكن لخالد علي بحزبه المتعثر وببعده عن اليسار وعن الإسلاميين على السواء أن يواجه الدولة العميقة؟ كيف يمكنك أن تنجح في مواجهتها بهذه الصورة؟ ألا تخشى مصير مرسي عندئذ؟
كل تلك الأسئلة هي أسئلة عن المستقبل. فمواجهة الدولة العميقة لن تكون بالكلام العاطفي ولا بتمكين اليساريين بمواقع مهمة في الدولة، ولكن المواجهة بالتأسيس لدولة قانون وإطلاق طاقات المجتمع المدني ووضعهم في مجموعات تعبر عنهم وعن أولوياتهم، وهذا هو الذي يخلق توازناً في الشارع.
وأياً كان الشخص الموجود أو حزبه، لن يستطيع أن يوقف دولة ومؤسساتها القديمة قدم التاريخ معتمداً على نفسه وحزبه فقط، والحل هو إطلاق طاقات هذا المجتمع.
لقد ذكرت مسبقاً أنه من الممكن أن يكون مرسي هو آخر رئيس مدني يتم انتخابه وفي حالة فوزك بالانتخابات ستكون ثاني رئيس مدني.. ألست خائفاً من تكرار التجربة نفسها إن تم انتخابك؟
ربما.. ولكني لست خائفاً من هذا المصير، وعلينا أن نتعلم مما فعله الإخوان والذي جعل كل هذه الجموع تنزل ضدهم في الشارع بعد أن كان الكثير منهم مؤيداً للإخوان قبل سنة في الصناديق.
وبكل صدق وثقة، هذا وقت يجب على الجميع النظر في أفعاله السابقة وكيف يصحح أخطاءه وكيف نحمي ذلك البلد ومساعدته في الخروج من تلك الأزمة والدفاع عن هذا المجتمع والشعب؛ لكي لا يكون مصير هذه الدولة مثل مصير باقي البلدان التي نراها في الآونة الأخيرة.
ما هي أبرز أخطاء خالد علي خلال السنوات الأخيرة؟ وما الذي يندم عليه؟
عدم انتباهي إلى أدائي الإعلامي في الفترة السابقة، حيث وقعت بعض الانفعالات التي أتمنى تداركها. غير ذلك، فلست نادماً على القرارات المتخذة؛ لأنها كانت وليدة اللحظة.
تقول إنك تتناقش مع بعض القوى السياسية للتشاور بشأن الانتخابات، ما هي تلك القوى السياسية أو الشخصيات التي تتحدث معها؟
أنا لا أتشاور بشخصي، ولكن هناك مشاورات من الحزب وبعض أعضاء الحملة من 2012.
الأهم في المشاورات تكون حول ضمانات العملية الانتخابية، والقوة الأساسية في الحوار هي قوة "مصر مش للبيع" والتي تضم "العيش والحرية والتحالف الشعبي الاشتراكي و6 أبريل والاشتراكيين الثوريين والتيار الشعبي والكرامة والدستور ومصر القوية ومصر الحرية والعدل".