اعتاد رامي السيد أن يستخدم دواسات دراجته لمدة ساعتين يومياً – ليس من أجل ممارسة التمرينات الرياضة، بل كي يشحن حاسبه الآلي المحمول.
بعد نجاتهم من الضربات الجوية وحروب الشوارع والحصار الذي لا ينتهي، منح السوريون معنى جديداً لمصطلح "الطاقة البديلة"، حيث يعرف الكثيرون كيف يتدبرون أمورهم لتوفير الطاقة لبضع ساعات يومياً، بحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية، الأحد 22 مايو/أيار 2016.
وفي المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق حيث يعيش مئات الآلاف من السوريين في ظل الحصار الذي يفرضه النظام على مدار أربع سنوات بدون كهرباء على الإطلاق، وجد البعض وسيلة لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة.
تمتلئ سوريا المنكوبة بالألواح الشمسية والوقود المصنوع من الأكياس البلاستيكية، بل والبطاريات التي تعمل بطاقة دوران الدراجات في الوقت الحالي.
بدأ السيد والعديد من جيرانه توليد الكهرباء من خلال الدراجات منذ ثلاث سنوات، رغم أنه يقول أن الأساليب الأقل إرهاقاً أصبحت أكثر شيوعاً.
لقد كان من الصعب للغاية خلال الفترات التي حظرت بها القوات الحكومية جماعات المساعدات من نقل الأطعمة إلى اليرموك على مدار شهور.
ونقلت فايننشال تايمز عن السيد قوله "كان استخدام دواسات الدراجة صعباً للغاية عندما كنت جائعاً".
ومع ذلك، يقول أيضاً أن ذلك النقص في الطاقة أدى إلى تضافر جهود المجتمع.
مسلسلات رمضان
ففي خلال شهر رمضان في عام 2015، تضافرت جهود بعض الجيران حتى يمكنهم مشاهدة المسلسلات الجديدة خلال شهر رمضان.
ويذكر سيد "يجتمعون معاً لمشاهدة التلفزيون، ويضعون دراجة ثم يتناوبون على تدوير دواساتها".
بدأت الحرب السورية التي دخلت عامها الخامس في صورة ثورة سلمية ضد حكم الرئيس بشار الأسد، ولكنها تحولت إلى نزاع مسلح أودى بحياة أكثر من 300 ألف شخص وأجبر السكان على ترك منازلهم. ويسعى السوريون دائماً إلى التوصل إلى سبل ليعيشوا حياتهم وفقاً للإمكانات المتوفرة.
الطاقة الشمسية
وفي جنوب سوريا، تبيع العديد من المتاجر حالياً ألواحاً شمسية تتراوح قيمتها بين 20-200 دولار، بحسب جودتها وحجمها.
وذكر عمر الجولاني، الناشط الإعلامي من مدينة كودانا، أن معظم السوريين لا يستطيعون تحمل شراء تلك الألواح، ولكنهم يبحثون عن سبل لتوفير المال الكافي حينما تتزايد حرارة الصيف.
ويقول "سوف يقترض الفقراء المال لشرائها أو يبيعون حصصهم الغذائية التي يحصلون عليها من [جماعات تقديم المساعدات]."
ولا تزال معظم أجزاء سوريا تتمتع بالطاقة الكهربائية، حيث لا تستطيع قوات الأسد قطع الكهرباء عن العديد من الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة – أو حتى داعش – خشية أن يقطع أعداؤهم في المقابل المؤن عن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
ومع ذلك، فإن البنية التحتية خارج دمشق قد تدمرت إلى حد أن مثل تلك الاتفاقات الهشة لا تكفل سوى بضع ساعات من الطاقة يومياً.
وفي شمال إقليم إدلب، يأمل مدير المستشفى أحمد الدبيس الحصول على تمويل من أي مؤسسة خيرية لشراء 250 لوحاً شمسياً لتوليد الطاقة في مرفقه الطبي.
ومع ذلك، يشعر العديد من المدنيين في الشمال، حيث تقع أحداث القتال الشرسة، بالخوف والقلق الشديدين من أن تكون الألواح الشمسية معرضة للمخاطر. ويقول دبيس "يخشى الناس من أن تدمر الضربات الجوية الألواح الشمسية الموجودة على الأسطح".
طاقة الرياح والبلاستيك
ويقول خالد عيسى من إدلب أيضاً أن بعض السوريين يحاولون أيضاً استخدام طاقة الرياح.
وفي الضواحي المحاصرة المحيطة بدمشق والتي يصعب الوصول إليها، يتعين على المواطنين الاعتماد على خيارات غير صديقة للبيئة.
فمنذ أواخر 2013، يقوم الناس بتحويل البلاستيك إلى وقود، حيث أصبح البحث عن الأكياس البلاستيكية عملاً تجارياً.
ويذكر بعض السكان أن البلاستيك السائل المحترق والمبرد الذي يمكن أن يحل محل الديزل والكيروسين قد أدى إلى ارتفاع الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.
وقالت امرأة من دمشق تعيش بالقرب من الضواحي "الرائحة سيئة للغاية، ولا أتصور الأمراض التي سوف تسببها لأطفال هذه المناطق ".
وبغض النظر عن المناطق التي يعيشون بها – خاضعة للنظام أو للمعارضة – تحول معظم السوريين لاستخدام إضاءة "الليد"، التي تدوم لساعات وتكون أرخص من الشموع ويمكن تشغيلها على بطاريات السيارات.
الشراء من داعش
وفي شمال سوريا، يشتري أصحاب المشروعات وتنظيمات المعارضة النفط الذي ينتجه تنظيم داعش في الأقاليم الشرقية لتشغيل المولدات الكبرى. ويقوم هؤلاء بعد ذلك بفرض رسوم على المشتركين مقابل ما يستهلكونه. وتصل التكلفة الشهرية للأسرة الواحدة إلى نحو 15 ألف ليرة سورية، أي أكثر من نصف متوسط راتب الموظف الحكومي، وهو المبلغ الذي لا يستطيع 85% من السوريين تحمله، حيث يعيشون حالياً تحت خط الفقر.
ويوفر معظم السوريين الوقود لتشغيل معدات الزراعة والمولدات التي تنير المتاجر والمستشفيات أو المعدات المستخدمة في حفر الأنقاض لإنقاذ ضحايا التفجيرات أسفلها.
؟ ويأوي الناس إلى الفراش مبكراً بعد حلول الظلام مباشرةً. ويحتفظ الأثرياء فقط بثلاجات لتخزين الطعام.
يضحك مصطفى الغريب، الناشط من مدينة معرة النعمان الشمالية "ثلاجات؟ عم تتحدث؟ يغسل الناس ملابسهم بأيديهم وليس لديهم ثلاجات – فقد قاموا ببيعها منذ زمن طويل".
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة Financial Times البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.