كيف يتعرض الرجال للعنف الأسري؟َ!

في السنوات الأخيرة، أظهرت وسائل الإعلام بعض القصص الصادمة التي تتناول عنف المرأة. في عام 2014، أدينت جيما هولينجس بمهاجمة شريكها بزجاجة مكسورة وإصابة عنقه بجرح غائر في مدينة داروين بمقاطعة لانكشاير وحُكم عليها بـ8 سنوات من السجن. تعليقاً على الحادثة، اعترفت جيني بيري بقلة الإبلاغ عن العنف الأسري ضد الرجال.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/03 الساعة 03:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/03 الساعة 03:37 بتوقيت غرينتش

لعقود طويلة، هيمنت على الحوار حول العنف الأسري الصور التقليدية للزوجات المنكمشات من الخوف والرجال الموشكين على استخدام قوتهم ضدهن.

لم تُستخدم هذه الصورة، فقط، بشكل متكرر، في وسائل الإعلام والحملات الدعائية والخيرية ومن قِبل السياسيين والشرطة فقط، إنما بدت كأنها الوضع الطبيعي كذلك، فمعظم الرجال أضخم جسدياً وأقوى من غالبية النساء، حتى إن مجلات القصص المصورة والحكايات الخيالية دائماً ما تعرض صور الأشرار مفتولي العضلات في مقابل الفتيات المسكينات الواقعات في المحنة.

هناك مشكلة واحدة في هذه الصورة؛ وهي أن الحياة الواقعية أكثر تعقيداً من هذا بكثير. صحيح أن أغلب ضحايا العنف الأسري من النساء -يظهر بالفعل أثر فرق القوة الجسدية بينهما- إلا أن عدد الرجال الذين يجدون أنفسهم عالقين في علاقات مؤذية يتعرضون فيها للإساءة والعنف أكبر مما قد يمر ببالك. تشير التقديرات إلى أن نسبة ضحايا العنف الأسري من الرجال تتراوح ما بين الثلث والـ40%؛ أي ما يقارب 700 ألف ضحية كل عام.

بعد أعوام من الإنكار والتجاهل، يزداد الوعي بهذه المشكلة الغريبة شيئاً فشيئاً، رغم بطئه الشديد. الحقيقة أن الرجال من ضحايا العنف الأسري لا يناسبون التصور الثقافي السائد الذي يصور الرجال على أنهم أقوياء ورابطو الجأش أو أشرار أقوياء مستحقون للإدانة. الشيء الوحيد غير المسموح بالنسبة لهم، هو أن يكونوا ضحايا؛ فهذا الدور محجوز للنساء والأطفال.

أحد أكثر ردود الفعل شيوعاً على مسألة تعرض الرجل للضرب من قِبل امرأة، هو الضحك المُحرَج. في هذا الفيديو الشهير على يوتيوب، يقوم ممثلان بدور الزوج والزوجة. في المشهد الأول، يقوم هو بالاعتداء عليها جسدياً فيتدخل الناس للفصل بينهما. أما في المشهد الثاني الذي يُظهرها وهي تقوم بضربه، يكتفي الجمهور بالضحك.

هذه الازدواجية في المعايير لها جذورها المتأصلة، المبنية على افتراضات خاطئة، في رأيي. إذا كان الرجال أقوى من النساء، فكيف يتم ضربهم إذاً من قِبل زوجاتهن وصديقاتهن؟ هذا الافتراض الذي يبدو منطقياً يتجاهل نقطتين محوريتين؛ أولاً: يُلقَّن معظم الرجال من قِبل عائلاتهم والمجتمع المحيط ألا يقوموا بضرب امرأة مطلقاً. وعلى الرغم من أن هذه الرسالة لا تحتفظ بفاعليتها الكاملة في بعض الأحيان، لكنها تظل مغروسة بعمق في وجدان معظم الرجال. نحن نشعر باحتقار خاص تجاه الرجل الذي يقوم بضرب النساء.

أنا مقتنعة بأن بعض النساء يعتدن هذا الوضع للدرجة التي تجعلهن يعتقدن أن بإمكانهن ضرب أزواجهن أو أصدقائهن دون الخوف من رد الفعل أو من قيام الرجل برد الضربة.

العامل المهم الآخر والذي يعكس كل ما سبق، هو شعور الرجال الذين تورطوا في علاقات مؤذية -وهو الشعور المبرر بشكل ما- بأن لا أحد سيصدّقهم إن قاموا بالإبلاغ عن هذا العنف. ستنظر إليهم الشرطة شزراً وستشكُّ في كونهم المعتدين الحقيقيين أو ستقوم شريكاتهن باتهامهم بممارسة العنف وسيتم اعتقالهم.

تؤصل الكثير من حالات العنف الأسري لفكرة أن الرجال الذين يشتكون من عنف شريكاتهن هم في الحقيقة يحاولون تغطية عنفهم الخاص.

تظهر دراسة من جامعة تسيدي، نُشرت أوائل هذا العام، مدى الشك الذي يُستقبَل به الرجال الذين يبلّغون عن تعرضهم للعنف من قِبل الشرطة والاحتمالية الكبيرة لتعرضهم لاتهامات زائفة من قِبل شريكاتهن بأنهم هم المعتدون.

تظهر هذه النتائج حالة القبول الغريبة للعنف الذي تمارسه النساء تجاه الرجال؛ إذ يعتبرها الناس مزحة مثيرة للضحك وليست شيئاً يستحق أن ينال نصيبه من الجدية. لكن هذا المناخ يتغير شيئاً فشيئاً. حين قامت الممثلة كيلي بروك بالكتابة عن قيامها بلكم أصدقائها السابقين في مذكراتها، لم يكن رد الفعل مجرد ضحكات مكتومة، إنما الغضب والإدانة من قِبل العديدين على الرغم من وجود بعض الضحك أيضاً.

في هذه الأثناء أيضاً، يزداد عدد الأَسرَّة في الملاجئ التي تستقبل الرجال من ضحايا العنف، وإن كان بوتيرة بطيئة.

في السنوات الأخيرة، أظهرت وسائل الإعلام بعض القصص الصادمة التي تتناول عنف المرأة. في عام 2014، أدينت جيما هولينجس بمهاجمة شريكها بزجاجة مكسورة وإصابة عنقه بجرح غائر في مدينة داروين بمقاطعة لانكشاير وحُكم عليها بـ8 سنوات من السجن. تعليقاً على الحادثة، اعترفت جيني بيري بقلة الإبلاغ عن العنف الأسري ضد الرجال.

مؤخراً، أيضاً، حظيت وفاة ديفيد إدواردز بتغطية إعلامية واسعة بعد تعرضه لطعنات من قِبل زوجته العنيفة، والتي حُكم عليها بالسجن لمدة 20 عاماً.

على الرغم من فظاعة هذه التقارير بالنسبة للرجال المتضررين وعائلاتهم، فإن بإمكان هذه التقارير والتغطيات الإعلامية المساعَدة في رفع مستوى الوعي بقضية ضحايا العنف من الرجال وتبديد الصور النمطية القديمة.

– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد