المرأة كائن ناقص

في كل أعراف الدّنيا "الحقوق" تفتكّ، تُصنع من طرف أهلها على مُرادها، ووفق مرجعيّاتها واحتياجاتها، الحقوق يُناضل من أجلها، الحقوق يبذل من أجلها الغالي والرّخيص، ولذلك تكون غالية ومفعمة بطعم الانتصار، إلا ما اصطلح عليه أهل السياسة عندنا بحقوق المرأة، حقوق تعرّف وتصاغ وتُسقط إسقاطاً من طرف السياسيين بدون الرّجوع إلى المرأة صاحبة الحقوق.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/31 الساعة 03:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/31 الساعة 03:56 بتوقيت غرينتش

في كل أعراف الدّنيا "الحقوق" تفتكّ، تُصنع من طرف أهلها على مُرادها، ووفق مرجعيّاتها واحتياجاتها، الحقوق يُناضل من أجلها، الحقوق يبذل من أجلها الغالي والرّخيص، ولذلك تكون غالية ومفعمة بطعم الانتصار، إلا ما اصطلح عليه أهل السياسة عندنا بحقوق المرأة، حقوق تعرّف وتصاغ وتُسقط إسقاطاً من طرف السياسيين بدون الرّجوع إلى المرأة صاحبة الحقوق.

بدأ المشوار الحقوقي (إيّاه) مع بورقيبة لأغراض أيديولوجيّة عَلمانيّة، وانتخابيّة، ترويجاً لدولة الحداثة عند أصدقائه الغربيين، قدّر بورقيبة وسطّر ونفّذ موضة حقوق المرأة بقوّة السلطة، وبرعاية الدّولة واستجلب لذلك نُخب الحاضرة وبعض المدن من بقايا المدارس الفرنسيّة و مدارس الببّاصات؛ ليمرّر عبرهم ما كان يصبو إليه ويخطط.

بورقيبة لم يبادر بتحرير الفكر، ولا تنوير البصائر لدى هذه المرأة، بل بدأ بتعرية المرأة ونزع اللّحاف عن رأسها في لقطته الشّهيرة، معلناً تحدّياً صارخاً للدين والأعراف، سانده من بعدها إعلام الخدمات الذي يتلقّى أوامره من قصر قرطاج وبعض الانتهازيين من تشكيلات السياسيين، ومجاميع الثقفوت التغريبيين.

ثمّ استمرّت السيمفونيّة برغم نشازها تتغذّى مادياً ومعنويّاً من المناسبات الانتخابيّة والملتقيات والمهرجانات، وبإشراف سدنة المشروع البورقيبي (العظيم).

حاصل الأمر أنّ مسألة التحرير ومشكلة المرأة وحقوق المرأة لم تنبع من واقع ولم تملِها احتياجات، وكذلك لم تتخذ طابعاً نضاليّاً، فقط كان مشروعاً سياسيّاً وخزّانا انتخابيّاً وواجهة حداثة، استعملت في فرضها قوّة السّلطة وإلزاميّة القوانين؛ ليدعّم بها بورقيبة وجوده على رأس سلطة الدولة الحديثة، وكذلك نسجت السّياسات المتعاقبة من بعده استئناساً وطلباً للبروباغندا ورضاء الغرب، قابلتها سياسات استعماريّة مشروطة التعامل في نواحي الشؤون الاقتصاديّة والقروض، شأنها شأن التدخّل والإملاء في مجالات الثقافة والتعليم والإعلام وغيرها..

مسألة التحرير والحقوق بهذا الشّكل إنّما كانت عكس المنافع للمرأة خصوصاً، بل كانت وبالاً على الأسرة من ناحيّة التفكّك والإفساد والضّياع وغياب الإحاطة والعقوق وغيرها من المشاكل الاجتماعيّة التي زادت في تعكّر البناء الاجتماعي.

المرأة لم تكن هي المبادرة ولا هي المناضلة الفعليّة، وكذلك لم تكن الشريحة النسويّة المعنية حاضرة في كل هذا الخضمّ، بل كانت ضحيّة استبلاه سياسي ونفاق نُخبوي، جعل منها أراجوزاً يصدّرونه في الحفلات واللقاءات والأعياد ويتباهون به في بعض المحافل الدوليّة، وهذا ما جعل من المرأة التونسيّة الحرّة (حقيقة وواقعاً) في حكم القاصر والكائن النّاقص.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد