همداني.. الجنرال الفضائحي

مذكرات الجنرال في الحرس الثوري الإيراني حسين همداني التي تم نشرها مؤخراً بعد أن قتل في سوريا، مذكراته "رسالة إلى الأسماك" التي تحدث فيها عن التكتيك الخبيث "وبكل صلافة" الذي اتبعته إيران للانسلال إلى سوريا وبمساعدة حسن نصر الله، فقد كان بشكل أو بآخر حتى بشار الأسد نفسه -ورغم ولائه التام لإيران- ضحية لذلك الخبث.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/07 الساعة 01:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/07 الساعة 01:42 بتوقيت غرينتش

في بداية الحراك الثوري في سوريا، من أجل تغيير بشار الأسد ومنظومة أبيه، شهدت سوريا حملة هائلة من الاعتقالات واستمرت بوتيرة عالية في السنتين الأولى والثانية ثم استمرت بوتيرة أقل.

كان الهدف حينها تفريغ الثورة من عنصر المثقفين والمتعلمين ومن الأشخاص الذين مهما حدث لن يحملوا السلاح، معظمهم فنانون وأدباء وخريجون جامعيون ممن صدحت حناجرهم للتغيير والحرية، هم الوجه المخيف للثورة بالنسبة للنظام، فلديهم الحجة والكلام المفهوم، والعلاقات وأيضاً اللغات الأجنبية وصلات إعلامية، بالإضافة للشيء الأكثر أهمية وهو تأثيرهم الكبير في الناس.

بعد أن تم نشر "خطة بندر" المزعومة من قِبل النظام وكان ذلك في أواخر 2012 وأوائل 2013، على شكل أوراق بين أيدي الشعب، وهذا شيء غير قابل للحدوث في سوريا "المناشير" إلا بإشراف المخابرات بشكل مباشر، كانت تلك المناشير في الحقيقة ليست خطة بندر بل جزء من خطة إيران التي أرسلتها لبشار الأسد من أجل بدء التدخل في سوريا، ويمكن لأي كان تبين ذلك من خلال مذكرات الجنرال في الحرس الثوري الإيراني حسين همداني التي تم نشرها مؤخراً بعد أن قتل في سوريا، مذكراته "رسالة إلى الأسماك" التي تحدث فيها عن التكتيك الخبيث "وبكل صلافة" الذي اتبعته إيران للانسلال إلى سوريا وبمساعدة حسن نصر الله، فقد كان بشكل أو بآخر حتى بشار الأسد نفسه -ورغم ولائه التام لإيران- ضحية لذلك الخبث.

فكان محتماً عليه لإنجاح الخطة اعتقال ذلك النوع من الناس المؤثرين، لأي سبب كان، لكلمة قالها أو لتعليق على أحد مواقع التواصل الاجتماعي أو لمظاهرة سلمية في الميدان أو برزة الدمشقيين مثلاً، هؤلاء كان من أول خياراتهم الهروب من سوريا، وهو ما أراده النظام تماماً.

بعد ذلك ووفق الخطة المزعومة سيبقى في الساحة من سمّوهم وقود الثورة، هؤلاء شباب سوريا أصحاب العنفوان الذين من آلامهم التي تعمدها الأمن "والجهات المختصة" بقتل أقربائهم خلال المظاهرات لقمعهم أصبحوا يتسلحون لحماية المظاهرة وأنفسهم، وبشكل طبيعي تحول ذلك إلى اشتباكات، ثم إلى متاريس ثم إلى حرب شوارع، ثم إلى أحياء محررة من النظام وهكذا.

لولا الهروب عبر البحر لن تجدوا من يكلمكم عن جذر الثورة النقي، لولا بلاد اللجوء والإنترنت لما استطاع أحد توجيه رسالة واضحة إلى هذا العالم المشوش، فقد نجح النظام في استبقاء مَن حمل السلاح على الأرض، وتهجير مَن يحمل الكلمة، لكنه نسي أن الكلمة لا تختص بالمسافات، وقد تكون أمضى من الرصاص، على الرغم من نجاح إظهار المعارض المهجّر على أنه معزول يصرخ على قمة جبل في كثير من الأحيان وكلامي لا ينفي أهمية الموجودين على الأرض بل بالتوازي معهم.

أما بخصوص همداني ومذكراته "رسالة إلى الأسماك"، فنحن شعب لدينا ذاكرة، وذاكرة قوية، أما رسالتك التي وجهتها فهي إلى أصحاب ذاكرة الأسماك، وبلاهة الأسماك، أولئك الذين يجدون مذكراتك فضيحة لهم، مع أنهم خدمك وخدم سيدك في المنطقة.

التغييرات الديموغرافية التي تقوم بها إيران وميليشياتها الطائفية قد تقلق البعض أحياناً، لكن تلك الهشاشة العارضة في محاولة تغيير تكوين شعب ضارب أصله في التاريخ سيتم إلغاؤها في غضون أيام، لكن بعد سقوط الطاغية الذي أراهن على أنه لن يسمح لكتاب همداني "الجنرال الفضائحي" بالانتشار في المكتبات السورية.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد