تابعت وسائل الإعلام الأجنبية محاولة الانقلاب في تركيا بشكل كبير، ووصفها بعض الصحفيين بأنها انتقام لجماعة داخل الجيش كانت الحكومة تحاول التخلص منها.
عندما تنظر للأمر بهذه الطريقة سيبدو أنك تتحدث عن قوتين شرعيتين تصارعان بعضهما البعض، والصحافة الأجنبية غالباً ما ترتكب هذا الخطأ عندما تتحدث عن الصراع بين حزب العمال الكردستاني وبين الجيش التركي.
من المفهوم أن بعض وسائل الإعلام أو البلاد الأجنبية لا يعجبها أداء الحكومة الحالية، وفي تركيا أيضاً يختلف الكثيرون مع هذه الحكومة. ولكن أن تحب أو تكره الحكومة شيء وأن تنسى أنها مؤسسة شرعية ومُنتخبة شيء آخر.
قد يزعم أحدهم أن السياسة التركية ليست ديمقراطية تماماً أو لا تتسم بالشفافية أو أن سيادة القانون فيها لا تُطبق بشكل كامل. ولكن على الرغم من كل هذا فتركيا دولة ديمقراطية، والشيء الوحيد الذي يُثبت أن ديمقراطية تركيا ليست مثالية هو وجود أشخاص لا يزالون يفكرون ويريدون الإطاحة بالحكومة من خلال انقلاب عسكري.
إنها جريمة في جميع أنحاء العالم أن تحاول قتل رئيس الدولة أو رئيس وزرائها. ومع ذلك هناك أشخاص حول العالم يعتقدون أن ما يحدث في تركيا يشبه مناوشة بين قبيلتين إفريقيتين.
أعلن عدد من وسائل الإعلام الأجنبية في الساعات الأولى من محاولة الانقلاب ان الحكومة قد سقطت بالفعل دون ان يتحققوا من الأمر. وربما اعتقدوا، نظراً إلى تاريخ الانقلابات في تركيا، ان هذه المحاولة ستكون ناجحة، وربما نسوا كذلك أنه في الماضي كانت تركيا مُعدة تماماُ للانقلابات بسبب الاضطرابات المدنية والتقلبات السياسية والقتل الجماعي.
لا يوجد مثل هذا المناخ السياسي الآن في تركيا، هنالك بالطبع مشكلة الإرهاب، مثل داعش في أنحاء كثيرة من العالم، وحزب العمال الكردستاني كذلك. كما توجد حالة من الاستقطاب السياسي في المجتمع.
مرة أخرى، إنه أمر حقيقي أن الحكومة تحارب جماعة تريد إضعاف الحزب الحاكم والرئيس بكل وسيلة ممكنة، ولكن هذه الحرب تجري في أوساط سياسية وبيروقراطية رفيعة ولا تؤثر في المواطنين العاديين. بطريقة أخرى، لا يمكن لأحد أن يدعي وجود مناخ سياسي اجتماعي واقتصادي في تركيا يبرر في أعين الجماهير حدوث انقلاب عسكري.
لقد عاش الشعب التركي الكثير من الانقلابات العسكرية وعواقبها، ولهذا فهو لن يدعم محاولة انقلاب أخرى. ربما يجب على المعلقين الأجانب أن يدرسوا السلوك الاجتماعي في تركيا، وربما يجب أن يأخذوا في اعتبارهم أيضاً أن تركيا تغيرت كثيراً في العقود القليلة الماضية. عندما لا تمتلك هذه المعلومات الأساسية، سيكون من السهل أن تصدق أن باستطاعة بعض الجنود الذين يغلقون جسر البسفور إسقاط الحكومة.
لنأمل أن الأجانب عندما يحللون الأوضاع في تركيا في المستقبل، لن ينظروا فقط إلى الحكومة او الى الرئيس، ولكن إلى قطاعات المجتمع المختلفة أيضاً. ودعونا لا ننسى أن الشعب لم ينتخب الحكومة الحالية فقط في نوفمبر الماضي، ولكنه أراد إيصال رسالة مختلفة في الانتخابات السابقة التي أجريت في يونيو 2015. سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الناس ستدعم الحكومة والرئيس مهما يكن، ففي اللحظة التي يدركون فيها أنهم يمشون في الطريق الخاطئ، سيعاقبون هؤلاء الذين قادوهم إلى هناك.
هناك دروس مُستفادة مما حدث في الأيام الماضية، وملخصها يشير إلى الحاجة للمزيد من الديمقراطية.
هذه التدوينة مترجمة عن صحيفة dailysabah التركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.