بهذه الطريقة قد تكون روسيا زرعت أجهزة تنصت بالبيت الأبيض خلال لقاء لافروف وترامب.. خبير يشرح السيناريو السيئ لواشنطن

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/12 الساعة 07:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/12 الساعة 07:57 بتوقيت غرينتش

أثارت صور نشرتها وكالة الأنباء الروسية عن لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، غضباً داخل البيت الأبيض، وقد ظهر فيها أيضاً السفير الروسي كيسلياك، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، الجمعة 12 مايو/أيار 2017.

وتظهر إحدى الصور الرئيس ترامب وبجواره لافروف وبدوا وهما يضحكان بجانب زمرة من المسؤولين الروس، وعلى الرغم من أن اللقاء لم يكن مفاجئاً فقد كانت تلك الصورة مفاجئة، وقد التقطها مُصوِّرٌ كان مرافقاً للافروف، وبعدها أقالته وكالة الأنباء الحكومية الروسية التي عمل بها.

وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن البيت الأبيض لم يكن على علمٍ بأنَّ الصورة سوف تُنشر.

خوف من تنصت

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الخميس 11 مايو/أيار 2017، عن مسؤول أميركي -لم تذكر اسمه- قوله: "لم يخبرنا الروس بأنَّ مصوِّرهم الرسمي كان ذا دورٍ مزدوج، وأنه سوف ينشر الصور في وكالة الأنباء الحكومية".

لكن المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد، فذكرت الصحيفة أنه بعد نشر الصورة سارع الناس إلى التشكيك في حكمة السماح بأن يدخل المكتب البيضاوي روسي واحد، على الأقل، دون إجراء تحقيق كافٍ لمعرفة دوره المزدوج. وأضافت: "فضلاً عن روسيٍ قد أحضر معه جهازاً إلكترونياً على هيئة كاميرته الخاصة. بالتأكيد، سَيَوَدُّ الروس أن يضعوا أداة تسجيلٍ داخل المكتب البيضاوي، ولديهم تاريخٌ من استخدام الوسائل، التي تبدو غير مؤذية، للتجسُّس على خصومهم".

وتتزايد الشكوك في وجود الروس بالبيت الأبيض، بالنظر إلى ما ذكره موقع Gizmodo من أنَّ الروس ذات مرة جعلوا أطفال المدارس يقدمون للسفير الأميركي لدى روسيا قطعة فنية منحوتة بداخلها أداة تجسس.

وتساءلت الصحيفة الأميركية عن الضرر الذي يمكن أن يحدث، وهل يمكن لعميلٍ أن يفلت بلا عقاب بعد زرع أداة تجسس داخل المكتب البيضاوي؟

أداة صغيرة تفي بالغرض

يجيب عن هذا السؤال تود موريس، مؤسس شركة "بريك هاوس سيكيورتي" العاملة في نيويورك مع سلطات تطبيق القانون، والمتخصصة بمجالي المراقبة والمراقبة المضادة، ويقول إنَّ ذلك ممكنٌ، لكن ربما ليس لوقتٍ طويل.

وشرح موريس كيف بالإمكان زراعة أداة تسجيل للتجسس في البيت الأبيض، وكيف يمكن للمعلومات أن تصل لمن زرعوا الأداة.

وقال موريس لـ"واشنطن بوست": "لو كنت في ذلك الموقف، فسأحضر أداةً صغيرةً للغاية، حجمها تقريباً حجم علبة الثقاب. وستُجهَّز تلك الأداة لكي تبدأ في العمل حين تلتقط صوتاً، وتسجِّله. وسوف تخزِّن البيانات بداخلها، ثم بعد وقتٍ معين، سوف تبث تلك الدفعة من البيانات إلى خادم التشغيل".

ويشير الخبير إلى أن أداة التجسس صغيرة بما يكفي لكي تُخبَّأ بسهولة عن وكالة الخدمة السرية. وفي تقرير سابق لـ"واشنطن بوست"، قالت فيه إن "تفتيش الزائرين الاعتيادي قبل دخولهم إلى البيت الأبيض قد لا يلتقط أداةً معقدة". كما أنه بمجرد دخول الشخص إلى المكتب البيضاوي، يمكن أن يُخفي الأداة عن الأنظار بسهولة شديدة.

وقال موريس: "اذهب إلى أي عرضٍ سحري، وسوف ترى أنَّ إتقان خفة اليد ليس صعباً للغاية. أن تأخذ أداةً بحجم علبة الثقاب وتدسَّها بين وسائد أريكة أو تحت سجادة وأنت تحاول ربط حذائك؟ ليس هذا مستحيلاً"، أو، مثلاً: إذا كنت تقف بجوار رف كتب، وسط مجموعة صغيرة من الناس.

وهو ما يقودنا إلى الهدف الثاني لأداة موريس، ألا وهو إدراك أنها لن تكون هناك للأبد.

بيانات التجسس

ويوضح ذلك موريس بقوله: "سوف تُكتشَف مع الوقت. فالمكتب البيضاوي يمسحه محترفون مدرَّبون مسحاً مُكثفاً"، وإن لم يحدث ذلك بالضرورة بعد كل لقاء، مشيراً إلى أن هذا المسح معنيٌّ بالبحث في كل مكان يمكن تخيله، مثل داخل الوسائد ووراء مقابس الكهرباء.

ويتحدث موريس عن بعض الحالات التي يمكن للجواسيس أن يزرعوا أدوات لا تحتاج إلى البث؛ لأنه يمكنهم ببساطة أن يلتقطوها ثانيةً في وقتٍ لاحق. لكن من الواضح للغاية أنَّ هذا لا ينطبق على تلك الحالة.

وقال موريس إنه في هذا الموقف، حين يعلم أنَّ الأداة سوف تُكتشف، سوف ترسل إشارة خارجة منها في دفعة سريعة قدر الإمكان. وهذا لمنع نظام أمن البيت الأبيض من التقاط الدفعة، ثم تتبع مصدرها. وأضاف أن الأداة سترسل البيانات إلى المصدر بعد 12 ساعة، على الرغم من أنه سيكون من المفيد أن يرسل الدفعة بعد ساعاتٍ قليلة فقط؛ إذ إنه في تلك الحالة سوف يكون قد سجل المحادثة، مستخلصاً معلومات زيارة الروس.

وهنا تساءلت "واشنطن بوست" حول ما إذا كان يمكن لإشارةٍ أن تهرب من المكتب البيضاوي. وكان موريس واثقاً بأنَّ هذا ممكن. فالغرفة نفسها ليست مُصنَّفة باعتبارها من الأماكن الآمنة التي تحتوي على وسائل اتصال إلكترونية، والمجهزة لمنع التنصت. لكن بها تقنيات مُعينة للمراقبة المضادة.

ويحدد موريس خيارين لبث البيانات خارج الغرفة: استخدام موقع خلوي، أو استخدام إشارة منخفضة التردد ستكون لها فرصة أفضل في المرور خلال جدران البيت الأبيض. وبتلك الطريقة لن يحتاج الروس إلى إيقاف شاحنة بيضاء، مكتوب عليها بدهاء "زهور فلاديمير"، في جادة بنسلفانيا (التي تصل بين البيت الأبيض ومبنى الكونغرس) لالتقاط البث.

وقال موريس إنَّ إشارة كتلك يمكنها أن تقطع مسافة ميل (1.6 كيلومتر)، سامحةً لهم بأن ينتظروا في فندق قريب، على سبيل المثال.

وكان موريس أيضاً مذهولاً من أنَّ تلك المشكلة موجودة أصلاً.

وقال موريس: "من الواضح أنَّ أول خط دفاعي لأمن البيت الأبيض هو تفتيش الضيوف قبل الدخول. البيت الأبيض معروفٌ عادةً بكونه أحد أكثر الأماكن أماناً على الكوكب. وحقيقة أنَّ شخصاً، يبدو أنه يلعب دوراً مزدوجاً، قد دخله دون تحقيق جيد، صادمة قليلاً".

وقال إنَّ من يدخلون البيت الأبيض لا يُفتشون؛ لأنَّ البيت الأبيض لا يدعو أناساً يحتاجون التفتيش.

تحميل المزيد