هل انتهت مسرحية داعش في الموصل؟!

دخول مليشيات الحشد الشعبي "الطائفية"، ضمن القوات العراقية، التي ستحرر مدينة الموصل، يجعلنا نشكك في النوايا الأميركية حول الهدف الخفي من وراء تلك العملية الضخمة لتحرير تلك المدينة!

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/22 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/22 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش

في ساعة متأخرة من مساء الإثنين الفائت، أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبَّادي، بدْء عملية تحرير واستعادة مدينة الموصل، من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والتي يسيطر عليها التنظيم منذ عامين تقريباً، وتشير ضخامة أعداد القوات العراقية والكردية، المشاركة في المعركة، والمسنودة بغطاء جوي من تحالف دولي ضمَّ نحو 63 دولة، تقودها الولايات المتحدة الأميركية، إلى أن هناك رغبة حقيقية وجادة، في استعادة مدينة الموصل من يد ذاك التنظيم المتطرف.

ربما لن نجادل هذه المرة، بأن نية الولايات المتحدة وحلفائها تبدو جادة وحقيقية، في استعادة مدينة الموصل، لكن ليس إلى أهلها، ولا إلى العراق الدولة، كما قد يظن البعض، وإنما ليد حلفاء إيران في العراق، ولتنفيذ جزء مهم من مخططها في السيطرة على كامل العراق، ومعاقبة سكان تلك المدينة المحسوبين على "السنة"، على ذنب لم يقترفوه، ولا علاقة لهم به، وهو أنهم كانوا يُشكلون الحاضنة الشعبية لتنظيم داعش، طوال السنتين الماضيتين، حسب اعتقاد الأميركيين وعملائهم في العراق.

دخول مليشيات الحشد الشعبي "الطائفية"، ضمن القوات العراقية، التي ستحرر مدينة الموصل، يجعلنا نشكك في النوايا الأميركية حول الهدف الخفي من وراء تلك العملية الضخمة لتحرير تلك المدينة، فتاريخ تلك المليشيات خلال العامين الماضيين، حافل بالكثير من الانتهاكات للشعب العراقي، خصوصاً منهم المنتمين للطائفة السنية، ونتذكر جيداً تلك الجرائم التي ارتكبتها بحقهم في مناطق متعددة، مثل تكريت بمحافظة صلاح الدين، وديالي وجُرف الصَّخر والفلوجة وغيرها من المناطق ذات الأغلبية السنية.

تلك المليشيات التي وَصَفت جرائمها عدة تقارير للأمم المتحدة خلال العام الماضي، ومنظمات حقوقية عالمية كـ هيومان رايت ووتش، بأنها ترقى لجرائم ضد الإنسانية، كما أكدت التقارير ذاتها، أن مليشيات الحشد الشعبي هجّرت آلاف العائلات السنية، في محافظتي ديالي وصلاح الدين، وبمستوى بلغ حد التطهير العرقي.

كما أشارت تقارير لمنظمات حقوقية أخرى، إلى أن قتال تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" خلال العامين الماضيين، قد شكَّل غطاءً لمليشيات الحشد الشعبي، لتُحدث تغييراً ديمغرافياً على الأرض، يخدم أجندة إيران، لمزيد من التوسع في المنطقة، ولعلَّ هذا هو الدور الذي ستقوم به تلك المليشيات بمدينة الموصل في المعركة الحالية، وبتنسيق أميركي.

الولايات المتحدة الأميركية، صاحبة النفوذ الأقوى في العراق، والمشرق العربي عموماً، هي التي أوجدت تنظيم الدولة الإسلامية قبل عامين بالأساس، وهي التي نسَّقت مع عملائها في الجيش العراقي، لينسحبوا بتلك الدراما العجيبة، من مدينة الموصل قبل عامين، والانهيار أمام بضع مئات من عناصر ذلك التنظيم، الذين جاءوا في موكب انطلق من قواعده في مدينة الرقة السورية، ولم يلقوا أي مقاومة تُذكر من قبل الجيش العراقي، وهو نفس السيناريو الذي حدث بعد ذلك في اليمن، بالمحافظات اليمنية التي سقطت بيد المليشيات الحوثية، وبمقدمتها العاصمة اليمنية صنعاء.

من الواضح تماماً أن مهمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق قد انتهت، وتمت المسرحية على أكمل وجه، وقد حان الوقت لاستعادة مدينة الموصل وتسليمها لإيران، عبر مليشيات الحشد الشعبي التابعة لها، والتي تمَّ تهيئتها لهذا الغرض، وهو ما يُعد انتصاراً للأميركيين والإيرانين معاً، على حساب العرب الذين ضيَّعوا ثلاثة عقود من السُّبات والتشرذم، وفقدان الرؤية الواضحة، وكذا المشروع الواحد والجامع للأمة، فكان جزاؤهم من جنس عملهم.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد