قال لي صديق يريدني أن أبحث له عن عروس: "بلاش والنبي تبقى مصرية أحسن بتبقى نكدية، يا ريت أي جنسية تانية!".. سواء اتفقنا أو اختلفنا، فإن الرجل ما زال يعتبر المرأة المصرية نكدية بطبيعتها.
وطبقاً لدراسة حديثة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في 2016، فإن المرأة المصرية أصبحت نكدية جداً وتميل إلى افتعال المشاكل والخناقات داخل الأسرة! وأشارت الدراسة إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة وتردي الأحوال المعيشية جاءا في مقدمة الأسباب بنسبة 63%، بينما جاء الشك في تصرفات الزوج في المرتبة الثانية بنسبة 26%.
نعم، في بعض الأحيان تكون الزوجة المصرية نكدية بامتياز لعدة أسباب؛ إما لصالحها وإما ضدها:
أولاً: الزوجة المصرية لم تجد من يعلمها المفهوم الصحيح للحياة الزوجية، وفي أغلب الأحيان، سواء بنصائح من الأهل أو الصديقات، تتعامل مع الزواج وكأنه مباراة لا بد فيها من فائز وخاسر، حيث يفرض أحد الطرفين إرادته على الآخر. وتأتي دائماً النصيحة الخالدة "جوزك على ما تعوديه" لتصبح روشتة لخراب البيت بدلاً من أن تكون وصفة لحياة سعيدة هادئة.
ثانياً: الزوجة المصرية التي لا تعمل تعاني الفراغ، حيث لم تعتد ممارسة أي من الأنشطة؛ لا تقرأ، لا تمارس الرياضة، وليس لديها اهتمامات اجتماعية، بالإضافة إلى كارثة متابعة التلفزيون، الذي يصيب أي عقل بالخمول والمرض. لذلك، تعتقد أن ما يشغلها في الحياة فقط هو زوجها، مثلاً: تبالغ في محاصرته بالمكالمات التليفونية، لا تقدر رغبته في الراحة بعد يوم عمل طويل، تريده أن يلبي كل طلباتها في الخروج والحديث عن التفاهات واستقبال الأهل والأصدقاء دون مراعاة لاختلاف طبيعة يومها عن يومه.
ثالثاً: الزوجة المصرية تتحمل من أعباء الحياة ما يفوق قدرة أي إنسان على الاحتمال؛ فهي امرأة عاملة تستغرق نصف يومها في مشوار العمل ومهامه اليومية والمواصلات وخناقات الشغل، وربة منزل تطبخ وتنظف وتغسل، وتربي الأبناء وتذاكر وتلاعب وتطعم وتنظف، بجانب مسؤولياتها كزوجة لرجل له حقوق وطلبات لا تنتهي. لذلك، ستجد نفسها في النهاية تتحمل كمية من الضغوط النفسية، إذا لم تتعامل معها بالطريقة الصحيحة فسينتهي بها الحال زوجة نكدية مكتئبة.
ثالثاً: الزوجة المصرية تتعامل مع رجل مدلل يريدها نسخة من والدته التي كانت مسؤولة عن كل احتياجاته بلا ضيق أو ملل، يريدها حاضرة دائماً للاستجابة لكل ما يريده بلا غضب أو تأجيل أو مناقشة. وعلى الجانب الآخر، لا تجد منه المساندة أو المشاركة التي تحتاجها في أصغر متطلبات الحياة الزوجية؛ بل العكس ستجد منه الانتقاد الدائم أو الخرس غير المبرر. ويساهم تراكم المشكلات الزوجية ومخزون الغضب الداخلي في استدعاء "النكد" من حين لآخر كوسيلة للتنفيس.
رابعاً: الزوجة المصرية تحمل هموماً لا نهاية لها، فهي دائماً مهمومة بالحاضر والمستقبل وما سيحدث لها ولأبنائها وزوجها، بالإضافة إلى همومها تجاه أسرتها وصديقاتها وكل من يخصها. فهي بطبيعتها ترى نفسها مسؤولة عن الجميع إما بحكم التعود وإما بحكم الواجب الاجتماعي وإما خوفاً من المستقبل.
خامساً: المرأة المصرية تعاني منذ الطفولة الكبت والاحتقار والإهمال، مما يصيبها بالإحباط وعدم الثقة بالنفس، وهو ما ينعكس على حياتها الزوجية، حيث ترغب في أن تثبت لنفسها أنها قادرة على فعل المستحيل، وهو ما قد لا يتحقق إما بسبب زوج لا يقدرها، وإما بسبب انهيار قدرتها على مواصلة المعركة مع الحياة. ويساهم الحرمان العاطفي أيضاً في تحويل الزوجة إلى قنبلة موقوتة؛ لأنها غير راضية عن حياتها الزوجية التي كانت تتوقع من ورائها كمّاً أكبر من الحنان والاحتواء.
ولكن، ما الحل؟ الحل في أن تدرك الزوجة المصرية طبيعة دورها وما هو المطلوب منها كمسؤولية، وما الذي يدخل في عداد المهام الإضافية، وما الذي لا بد أن يشاركها فيه زوجها حتماً، وما الذي يجب أن تتخلى عنه فوراً كي تنقذ حياتها.
الحل في أن تحسن الزوجة المصرية استغلال وقتها للوصول إلى أفضل صيغة للتوازن في الحياة وتحقيق السلام النفسي، فيجب أن تخصص وقتاً لنفسها للاستمتاع ومزاولة ما تحبه من أنشطة، ولا تقصر حياتها على زوج أو أولاد أو أهل فقط.
الحيل في أن تقرأ؛ لأن القراءة ستفتح لها عوالم لم ترها من قبلُ، وستسهم في تنمية وعيها وإحساسها بنفسها ومن حولها، وستعلّمها كيف تعيش حياتها بسعادة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.