تواجه زيمبابوي مستقبلاً غامضاً دون روبرت موغابي، الخميس 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بعد أن سيطر الجيش على الحكم، ووضع الرئيس البالغ 93 عاماً قيد الإقامة الجبرية، الذي يُنظر إليه على أنه بطل التحرير من الاستعمار.
ولا يعرف معظم الناس في زيمبابوي زمناً غير زمن موغابي، الذي تصدر الحياة العامة منذ وصل للحكم في العام 1980، مع حصول البلاد على استقلالها من بريطانيا.
وسادت الصدمة أرجاء البلاد الواقعة في جنوب قارة إفريقيا، بعد تطويق الزعيم المخضرم والمريض في مقرِّ إقامته، مساء الثلاثاء، فيما كان جنود الجيش يتمركزون في نقاط استراتيجية في العاصمة هراري، وجنرالات الجيش يسيطرون على التلفزيون الحكومي.
من المقرر أن يلتقي قادة مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية، التي يرأسها حالياً حليف موغابي رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما، الخميس، في بوتسوانا، لمناقشة الوضع المقلق.
وفيما لم يدل موغابي أو زوجته غريس بأي تصريح منذ بدء العملية العسكرية، يأمل الكثير من السكان أن تمثل الأزمة بدايةً لمستقبل أكثر ازدهاراً.
وقال تافادزوا ماسانغو (30 عاماً)، العاطل عن العمل، لوكالة الأنباء الفرنسية "وضعنا الاقتصادي يتراجع كل يوم. لا عمل ولا وظائف"، مضيفاً "نأمل بزيمبابوي أفضل بعد عهد موغابي. نشعر بسعادة غامرة. حان وقت رحيله".
وتجاهل سكان هراري بشكل كبير التواجد العسكري في الشوارع، وواصلوا تسوقهم وأعمالهم وتواصلهم اليومي كما هو معتاد، فيما أشار محللون إلى أن موغابي قد يكون يتفاوض مع الجيش من أجل إقامة مرحلة انتقالية.
"وفاة روبرت"
يقول ديريك ماتيسزاك، المحلل في معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا، إنه يتوقع أن يعد موغابي والجيش لتسليم السلطة إلى رئيس جديد.
وقال "أعتقد أن موغابي لا يزال بوسعه البقاء في زيمبابوي. أعتقد أنهم سيفضّلون تقديمه كرمز للتحرير وإبداء الاحترام اللازم له".
وتابع أن "الصعوبة الأساسية دائماً لأسرة موغابي، هي ضمان أمن غريس موغابي… في حال وفاة روبرت موغابي".
وسيتابع المجتمع الدولي الفصل التالي من الأزمة عن قرب.
الأربعاء، حذَّر الاتحاد الإفريقي من أن الأزمة في زيمبابوي "تبدو كانقلاب"، داعياً الجيش لوقف ما يقوم به والعودة إلى النظام الدستوري.
بدورها، دعت بريطانيا، مستعمر زيمبابوي حتى استقلالها، للهدوء، وحذَّرت من تسليم السلطة لقيادة غير منتخبة.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون "ببساطة لا أحد يريد رؤية الانتقال من طاغية غير منتخب إلى طاغية آخر".
وخرج التوتر بين الرئيس والجيش الذي طالما كان حجر الزاوية في نظامه، إلى العلن، في الأيام القليلة الماضية.
واتهم حزب "زانو-بي إف" الحاكم، الثلاثاء، قائد الجيش الجنرال كونستانتينو شيونغا "بالخيانة"، بعد أن انتقد موغابي لإقالته نائب الرئيس إيميرسون منانغاغوا، البالغ 75 عاماً.
وكان منانغاغوا يعد بين أكثر الضباط ولاء لموغابي، وقد عمل إلى جانبه لعقود، لكنه فرَّ إلى جنوب إفريقيا بعد إقالته، ونشر خطاباً من خمس صفحات فيه انتقادات لاذعة لقيادة موغابي والطموح السياسي لزوجته.
وعقد قائد الجيش كونستانتينو شيونغا مؤتمراً صحافياً غير مسبوق، الإثنين، حذَّر فيه موغابي بأنه سيتدخل إذا ما استمرّ في تطهير حزب "زانو-بي إف".
ودخل منانغاغوا في خلاف طويل مع زوجة موغابي، ويُنظر للاثنين كأبرز المرشحين لخلافة موغابي، مع أفضلية لمنانغاغوا الذي يحظى بالدعم الضمني للجيش، الذي ينظر لجريس، السياسية المبتدئة، باستهانة.
واعتذر كودزا شيبانغا (35 عاماً)، القيادي في رابطة شباب حزب "زانو-بي إف" عن انتقاده قائد الجيش شيونغا، بعد تحذيره من التدخل ضد موغابي.
وقرأ شيبانغا الذي بدا عليه عدم الارتياح بياناً: "اطلب من الجنرال شيونغا أن يتفضل بقبول اعتذاراتي بالنيابة عن رابطة الشباب وعن نفسي. لا نزال صغاراً… نحن نتعلم من الأخطاء".