يخططون للعيش في المشتري والزهرة بعد وصولهم المريخ.. “مارس وان” تنوي تأسيس أول مستعمرة الفضاء

لكن هذا لم يمنع أكثر من 200 ألف مُتقدِّمٍ من إضافة أسمائهم للقائمة في تجربة تأمل في خلق "وطن ثانٍ للبشرية".

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/23 الساعة 09:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/23 الساعة 09:56 بتوقيت غرينتش

أعرب المسؤول عن مشروع تأسيس مستعمرة دائمةٍ للسكنى على كوكب المريخ، عن أمله أن ينتقل البشر للعيش في مناطيد طوَّافة مُعلَّقة في الغلاف الجوي السميك لكوكب الزهرة أو داخل حجيراتٍ مُثبَّتةٍ على واحدٍ من أقمار المشتري الـ69.

وقال باس لانسورب أنه واثقٌ الآن من انطلاق مهمته Mars One، الجاري إعدادها لإرسال البشر في رحلة ذهابٍ فقط إلى الكوكب الأحمر، بحلول عام 2031، وفقاً لما ورد في صحيفة The Independent البريطانية.

وتأخَّرَ هذا التاريخ خمسة أعوام بعد أن واجه المشروع بعض العقبات المُتعلِّقة بالتمويل، لكن لانسورب صرَّحَ أن مهمته عادت لمسارها الصحيح.

وتبدأ هذا العام عملية الاختيار الشاقة لـ100 من المُتقدِّمين بطلبات الاشتراك في المهمة، والتي تنطوي على اختباراتٍ مثل قضاء فترةٍ غير مُحدَّدةٍ من الوقت داخل مقصورةٍ تبلغ مساحتها 200 متر مربع وسط الغرباء، لاختبار حالة المُتقدِّمين النفسية.

وتهدف مهمة Mars One لتأسيس مستعمرةٍ بشريةٍ ثابتةٍ على المريخ. لكن طول فترة الرحلة ومدى تعقيدها يعني أن المشاركين عليهم تقبُّل الواقع المشؤوم لكونها رحلة ذهابٍ فقط، مع عدم احتمالية العودة للأرض مجدداً.

لكن هذا لم يمنع أكثر من 200 ألف مُتقدِّمٍ من إضافة أسمائهم للقائمة في تجربة تأمل في خلق "وطن ثانٍ للبشرية".

وتعرَّض لانسورب لانتقاداتٍ من أعضاء المجتمع العلمي حول جدوى هذا المشروع، وشكَّكَ بعضهم في خبرات وقدرة فريقه على تنفيذ هذا المشروع الجسور.

لكنه يُصر على أن المشروع يُمكن تنفيذه وسينجح في ذلك، ويُخطِّط علاوة على ذلك لتعيين خبراء من "ناسا" وعملاق الفضاء "لوكهيد مارتن" للمساهمة في إنجاحه.

في البدء: 4 رجال ونساء



وحال المضي قدماً في المشروع، سينطلق الطاقم المكون من 4 رجالٍ ونساء برحلةٍ بين الكواكب تستغرق 6 أشهر، يقطعون خلالها 35 مليون ميل على الأقل. وعلى الأكثر، عندما يكون الكوكبان في أبعد نقطةٍ لهما عن الشمس، يُصبح الوطن الجديد لرواد الفضاء على بُعد 250 مليون ميل عن الأرض.

وبمجرد وصولهم، يُتوقَّع منهم البقاء على قيد الحياة معتمدين على الإمدادات الأساسية وسط ظروفٍ شديدة القسوة، منها العواصف الترابية الضخمة التي تضرب الكوكب الأحمر باستمرار.

ويقول لانسورب أن استهلاك الماء سيكون محدوداً للغاية، لدرجة أن الطاقم سيضطر على الأغلب للتخلي عن الاستحمام في العامين الأولين على الأقل. كما سيتعيَّن عليهم زراعة طعامهم بأنفسهم، ولن يتمكَّنوا من مغادرة حدود المستعمرة بمفردهم.

وأضاف: "ليس هناك مهربٌ فعلياً، وهنا يكمن التحدي الأكبر. أول طاقمٍ يُنفِّذ الرحلة سيعاني أشد المعاناة، إذ سيكونون بمفردهم تماماً مع درجات منخفضةٍ للغاية من الراحة والرفاهية. لكن ندرة المياه ستكون هينةً مقارنةً بالتأثير النفسي".

وإذا رغب أحد أفراد الطاقم في الاتصال بالوطن، سيتعيَّن عليه الانتظار. إذ تستغرق الإشارة اللاسلكية من ثلاث إلى عشرين دقيقة لتصل إلى الأرض، وهو ما يجعل التواصل الفوري السريع مع الأهل والأصدقاء ومركز القيادة أمراً مستحيلاً.

وبسؤاله إذا كان ما إذا كان سيتطوَّع للمشاركة في رحلة الذهاب بلا عودة، أجاب لانسورب (40 عاماً، وأبٌ لطفلين عمرهما عامان وأربعة أعوام) أنه يرغب في ذلك. لكنه أضاف أنه "غير مؤهلٍ إطلاقاً" ليكون ضمن أفراد الطواقم الأولى.

واعترف: "أنا عنيدٌ جداً ونافذ الصبر. ولدي الآن أطفالٌ أرغب في رؤيتهم يكبرون. لكن ربما رغبوا في السفر معي مستقبلاً. قبل أن أُرزق بأطفال، لم يكن لدي شكٌ في رغبتي في السفر".

مرحلة الاختيار


يقول لانسورب: "نُركِّز على اختيار أفضل الأشخاص الذين يُمكِنهم العمل وسط فريق، ومن ثم سنُدرِّبهم على المهارات التي يحتاجونها – مثل الهندسة وطب الطوارئ وأساسيات الجراحة وزراعة طعامهم. سيكون عليهم التكيُّف مع الضغوطات مع إدراك أنه مهما ساءت الأمور، سيتعين عليهم إصلاحه".

كل عامٍ من الآن وحتى 2031، سيُحتَجَز المشاركون داخل نسخةٍ شبيهةٍ بقاعدة المريخ على الأرض – مقصورة مساحتها 200 متر مربع، بمساحة منزلٍ عادي – لاختبار مدى تكيُّفهم مع آثار العزل.

والأهم من ذلك هو أنهم لن يُخبَروا بمدة الاختبار لمحاكاة الأثر النفسي للعيش على المريخ للأبد. يُمكن أن يستمر الاختبار لأيامٍ أو أسابيع أو شهور قبل أن يُسمَح بالمغادرة والعودة لاستئناف تدريباتهم في الخارج.

وتقول كلير ويدون (30 عاماً، وواحدةٌ من 5 بريطانيين ضمن القائمة الأولية للمشاركين الـ100) إن الاشتراك في هذا المشروع سيكون "أكبر إنجازٍ يُمكن أن أحلم به".

وأضافت كلير: "يُثير التفكير في الأمر كل مشاعري. أشعر بالذعر لكنني متحمسة، وهو نفس الشعور الذي ينتابك عندما تقف في الطابور منتظراً دورك في لعبة الأفعوانية (قطار الموت). وهو الأمر الذي أعشقه – فأنا من مدمني الأدرينالين. جزءٌ داخل كلٍ منا يرغب في تحقيق شيءٍ استثنائيٍ ورائعٍ في حياته. وهذا هو ذلك الشيء بالنسبة لي. لست من الفتيات اللاتي يرغبن في الاستقرار بحياةٍ عادية، ولا أرغب في الزواج وإنجاب طفلين أو أربعة".

ويُعتَبَر المريخ الكوكب المعروف الوحيد الذي يُمكِنه استقبال الحياة البشرية، بالرغم من أن تأثير بيئته غير الصالحة للحياة وضعف جاذبيته غير مفهومةٍ بعد. وفي وقتٍ مبكرٍ من هذا العام، اكتشف العلماء ما يعتقدون أنه صفائح جليدية ضخمة ممتدة حول المريخ، وهو التطوُّر الذي يُمكن أن "يُغير مسار اللعبة" في جهود الحياة على الكوكب.

وستُنفذ عدة مهمات استطلاعٍ بدون رواد فضاء، قبل أن ينطلق أول طاقمٍ مكونٍ من أربعة أفراد – رجلين وامرأتين من مختلف الأعمار (فوق الـ18) والجنسيات – في رحلته إلى الفضاء في غضون 13 عاماً تقريباً.


ويقول لانسورب أن المشروع "أكثر استعداداً من أي وقتٍ مضى" لإيصال مركبةٍ فضائيةٍ إلى المريخ، بالرغم من العثرة التي مرة بها عام 2014 عند نفاذ التمويل، مما أجبره على تأجيل تاريخ المغادرة من 2026 إلى 2031.

وربما يرى البعض استعمار المريخ ضرباً من الخيال العلمي، لكن لانسورب يثق أن مشروعه سيكون ضربة البداية للرحلات البشرية المستقبلية الأعمق في نظامنا الشمسي.

ويُضيف: "لن يكون المريخ الوجهة الأخيرة للبشر الباحثين عن إقامة مستعمراتٍ دائمةٍ بعيدةٍ عن الأرض. وبعد ذلك، سيُفكِّر مستكشفو الفضاء في إقامة مدنٍ عائمةٍ وسط الغلاف الجوي للزهرة داخل مناطيد عملاقة، أو الانتقال للعيش في أحد أقمار كوكب المشتري، أو حتى أحد الكويكبات. إذ اعتاد البشر دائماً على الإقامة في الأماكن الجديدة التي اكتشفوها".

ويُصر لانسورب على أن تصوُّر الانتقال إلى المريخ سيصبح تدريجياً أمراً اعتيادياً أكثر.

وأوضح: "منذ 70 عاماً، إذا أخبرت جارك أنك ستنتقل إلى نيويورك، سيفترض أنك ستبيع منزلك ولن تعود أبداً".

المريخ هو الأقل تعقيداً


ويقول لانسورب: "المريخ هو الأقل تعقيداً بين جميع الاحتمالات".

ظلَّ استعمار الزهرة موضوعاً للمناظرات العلمية لوقتٍ طويل. لكن نتيجة كون سطح الكوكب "شقيق الأرض" حاراً وعاصفاً، أصبح من الصعب أن يحافظ المنطاد داخل غلافه الجوي على درجة الحرارة المناسبة للبشر.

أما بالنسبة لأقمار المشتري، فإن القمر الذي يحمل اسم "أوروبا" المُريح – وهو سادس أقرب قمرٍ للكوكب ويحتوي على محيطٍ وجُرفٍ جليدي – هو أقرب لأن يكون أهلاً للسُكنى أكثر من المريخ المغطى بالصحاري، وفقاً لما يراه علماء ناسا.

ولتمويل المشروع الذي تبلغ تكلفته 6 مليارات دولار أميركي (4.33 مليار جنيه استرليني)، أسس لانسورب ذراعه التجاري الجديد الذي سيبيع الحقوق الحصرية لنشر صورٍ ومقاطع فيديو من مهمته.

ومن المُتوقَّع أن يحظى الحدث بمشاهدات عالمية أضخم من دورة الألعاب الأولمبية، وفقاً لما يراه، مع احتمالية حصد عائداتٍ أضخم من الرعاة والمنتجات.

وأضاف: "خلال 500 عام، لن يعرف أحد من هو يوسين بولت، لكن الجميع سيعلم أسماء أول من انتقلوا للعيش في المريخ".

وتواصل معه بالفعل عددٌ من شركات السيارات لصناعة أول "مارس روفر" لهذا المشروع، ويتوقع أن تصله مزيدٌ من العروض من الشركات التكنولوجية الرائدة تباعاً.

ولكل من فاتته الجولة الأولى والثانية من عملية تقديم الطلبات، أعلن لانسورب عن وجود مزيدٍ من جولات التعيين مستقبلاً، لتعويض حالات الوفاة وتراجع البعض عن المهمة.

لماذا يفعل ذلك إذاً؟ يقول رائد الأعمال الهولندي، الذي جمع ثروته من طاقة الرياح قبل أن يطلق مشروع المريخ، أن الهدف يكمن في الحفاظ على كوكب الأرض واستعمار كوكبٍ بديلٍ في الوقت ذاته.

وتابع قائلاً: "المهمة البشرية للمريخ هي أكثر الطرق فاعليةً لجعل الأرض مكاناً أفضل. ويُسلط المشروع الضوء على وجود كوكب أرض واحد، وعلينا جميعاً الحفاظ عليه. وهذه مجرد خطوةٍ تاليةٍ لاستعمار الأرض. حان الوقت لاستكشاف "قارةٍ" جديدة".

علامات:
تحميل المزيد