الفشل الذي تعيشه ليبيا يدفعنا إلى القول إن القذافي عمل طوال عقود حكمه على تمرير فكر لم يعي الليبيون أنه انعكاس على ذاتهم وطريقة تفكيرهم، على كل الأصعدة تعاني ليبيا من الفساد وإهدار المال العام وأزمات اقتصادية، واستغلال تجارها لحاجة المواطن ليتجردوا من قيم التكافل الاجتماعي والوحدة الشعبية، ويزيدوا الاستغلال أضعافاً، وبات الليبيون لا يفكرون سوى بطريقة "نفسي نفسي"، فأصل المشكلة هي مشكلة وعي وتنمية، أوقفها القذافي طوال سنوات حكمه، وبات الشعب يصطدم بمؤهلاته النادرة وقيادته المبنية على القبلية والمناطقية لا على الكفاءة والخبرة، وعلى التهرب من المسؤولية لا الوعي بها، وتسليم الأمور لقادة لم يستطيعوا قيادة أنفسهم، نعم هو واقع لا مفر منه، فإما مواجهة الذات والصراع معه، وأن تكون الثورة على السلبيات في كل شخص، ومواجهة الحقيقة بعيداً عن رمي العبء على أشياء لا مكان لها في الواقع، نرمي عليها أخطاءنا في الانتخابات، ومنح الثقة، أو الوقوف بدهشة على ضفاف أنهار الخيبة والانهيار نشاهد العودة لحكم شمولي عسكري، ونغني كل عام "يا دم الشهداء لن تضيع هباء".