هناك نظرة ضبابية نوعاً ما تتملك بعض الأشخاص عند الحديث عن مفهوم النسوية أو الـFeminism؛ إذ قد تتكون مفاهيم خاطئة حول الفتاة المدافعة عن حقوق المرأة، خاصةً فيما يتعلق بنظرتها للرجل.
فقد يُنظر إليها على أنها ناقمة على جميع الرجال غير متقبلة لدورهم المجتمعي ورافضة لهم، وبالطبع يشمل ذلك نظرتها لفكرة الارتباط وتطلعاتها إلى صفات شريكها أو "فارس الأحلام"، خاصةً مع كونها "امرأة قوية مستقلة" أو Strong Independent Woman.
لذا، قام موقع "عربي بوست" بالتواصل مع "فتيات قويات مستقلات"؛ ليحدثننا عن رأيهن في مواصفات "فارس الأحلام".
لا شروط.. فقط علاقة آمنة بقليل من الجهد
تؤكد الكاتبة المصرية وميسّرة ورش الدعم النفسي ياسمين مدكور، عدم وجود شروط معينة تحدد الشخص الجيد للارتباط، لكن توجد بعض الصفات التي توفر أماناً في العلاقة تجعله الأنسب، وتشمل تلك الصفات كونه جديراً بالثقة التي توضع به.
وأكدت أن العلاقة "الاعتمادية"، التي تنشأ نتيجة عدم جدارة الطرف الآخر بالثقة أو عدم استعداده لتقديم مجهود لإنجاح واستمرار العلاقة عبر القيام بمسؤولياته، تخلق حالة من اللامبالاة، وتجعل هذا الطرف محط اتهام دائم لأي مشكلة تمر بها العلاقة.
وعامةً، من الممكن أن يكون اختيار الشريك جيداً لكنه ليس الأنسب؛ وذلك لعدم رغبته في بذل جهد لإنجاح العلاقة؛ لذا ليس من الضروري توافر شروط وصفات أو وظيفة معينة للشريك.
وكذا، لا يشترط شكل معين للارتباط بأن يكون "زواج صالونات"، أو من زميل دراسة أو عمل، أو قصة حب عن بُعد، أو حتى بعد معرفة مسبقة، بقدر ما يشترط وجود أهداف واضحة للعلاقة ورغبة في إنجاحها، وليس زواجاً لمجرد الزواج؛ لكونه خطوة منتظرة في الحياة وهدفاً بذاته.
طرفان لا واحد
في حوارها مع "عربي بوست"، أكدت مدكور أن إحدى أهم الصفات التي يجب على الفتاة البحث عنها في شريكها كونه يحترمها ويحترم اختياراتها أياً كانت، خاصةً إذا كانت اختياراتها مختلفة عن اختياراته.
وذلك يعني استيعابه فكرة أن العلاقة قائمة بين شخصين مختلفين لا شخص واحد، ولكلٍ من الطرفين حقوقه وعليه التزاماته وواجباته، وعلى الطرفين التعاون لإنجاح العلاقة.
مستقل عن أهله والمجتمع
ترى الفتاة "الفيمنست" وجوب أن يكون هذا الشريك مستقلاً بأفكاره وعاداته واختياراته وقراراته عن المجتمع أو أهله، وهذا هو سر اختلافه عن باقي الشباب الذين يرضخون لضغوط المجتمع والأهل في اختياراتهم.
الاختيار شخصي بحت
ليست هناك قائمة صفات مكتوبة على مكتب الفتاة مذكور فيها شروط هذا الشريك، فالاختيار مرن ويختلف من فتاة لأخرى، لكن أياً كان الاختيار فهو شخصي بحت، تتحمل هي اتخاذه وتحمل تبعاته أياً كانت، وهي وحدها من تتحملها وليست أسرتها أو المجتمع.
استمرار العلاقة ليس معيار النجاح
أيضاً، لا يعتبر استمرار العلاقة دليلاً على نجاحها، فيوجد الكثير من العلاقات المستمرة عشرات السنوات، لكنها ليست علاقة صحية؛ بل يكون أحد الطرفين ضحية. لذا فإن معيار النجاح في العلاقة يعني الاستقرار النفسي والسعادة والدعم الذي يشعر به كلا الطرفين.
وهْم "فارس الأحلام"
أما الناشطة الحقوقية التونسية والمديرة التنفيذية لجمعية "فني رغماً عني"، أسماء كواش، فتؤكد أن مفهوم "فارس الأحلام" وهْم يستعمل لتقييد حدود أحلام المرأة وطموحها، وربط حريتها واستقلايتها به.
إذ قالت في تصريحها لـ"عربي بوست": "تبدأ القصة مع كل فتاة منذ طفولتها مع العبارة الشهيرة (لما تتزوجي يمكن لك أن تفعلي ما تشائين)، وهنا تكبر الفتاة وهي تبني مستقبلها بالاعتماد على رجل تنتظره ليحقق لها أحلامها".
وتابعت: "هنا يلعب الخيال دوراً كبيراً؛ إذ يتم ملء مخيلتها الصغيرة بصفات هذا الفارس وترسم بمشاعرها لوحة له بجميع الألوان دون الأسود، فيكون شديد الثراء، فائق الجمال، غاية في الكرم، كثير الرومانسية، والعديد من الصفات التي نادراً ما يتجمع نصفها في شخص واحد".
وتؤكد أنه رغم تفتّح المجتمعات، فلا يزال هذا الوهم موجوداً، وتتابع بالحديث عن المرأة التونسية: "وهْم فارس الأحلام لا يزال موجوداً في عقول العديد من الفتيات والمراهقات، لكن تختلف الصورة قليلاً، فيكون فارس الأحلام مغنياً مشهوراً، أو لاعب كرة قدم وسيماً، أو رجل أعمال ثرياً".
شريك بلا "عصا سحرية"
تؤكد الناشطة الحقوقية التونسية أن الرجل المناسب للفتاة هو الذي يكون شريكاً حقيقياً لها، يتساويان في الحقوق والواجبات، مؤكدةً عدم وجود شخص بعصا سحرية يأتي ليحقق أحلام المرأة؛ بل هي من تسعى لتحقيق ذاتها وطموحها بنفسها مثلها مثل الرجل.