هناك من يرفض الإسلاميين ليس بسبب خلاف سياسي أو قضية أو حادثة معينة
هناك من يرفض وجود الإسلاميين من الأساس، ويطالب بشنقهم وعدم إيجادهم في الساحة السياسية ولا المجتمعية، وذلك بسبب تعارض المشروع الفكري للإسلاميين مع ما يعتقده.
ثم بعد ذلك يحدثك عن مفهومه في حرية الاعتقاد، خذ على هذه الشاكلة: العلمانيون العرب سواء كانوا شيوعيين يساريين، أو ليبراليين يمينيين، لا وجود سوى لهم، لا كلام سوى كلامهم، لا مشروع فكري سوى مشروعهم، حتى وإن كان لا يتناسب مع العقل الجمعي.
هب مثلاً أننا نتحدث في قضية الوطن، أو رؤية الدولة، فالإسلاميون بكل فصائلهم يرون الوطن هو كل أرض نما فيها الإسلام ويحكم فيها شرع الله، وهذا مفهوم بديهي للدارس أو للمثقف العابر.
والوطن عند هؤلاء هو تلك الأرض المحددة بالمواثيق الدولية من شعب وإقليم وسلطة واعتراف دولي، وذاك منذ أن بدأت الدولة القومية في الظهور بعد توقيع اتفاقية وستفاليا 1648م التي وُقعت من الأساس لمجابهة الدولة العثمانية آنذاك والوقوف ضدها، ومن ثم تترعرع فكرة الدولة في أذهان المتمردين في أقطار تلك الدولة الكبرى "الوطن الكبير المتسع".
وبالفعل غذت الدول الغربية -صاحبة الفكرة- أذهان المتمردين في داخل الدولة العثمانية حتى شاخت ووهنت وضعفت واستولى على قلبها وأطرافها خسة من المغرر بهم وأُسقطت الدولة وأعدم الخليفة، واستولى على أنقاضها مَن شُكلت أفكارهم في مصانع الغرب، حتى وإن تشابهت أسماؤهم بأسماء المسلمين، لكن تبقى العقائد والمنهجيات صنيعة الغرب ومحافله الفكرية.
ورثة وأحفاد هؤلاء المغربنين قد صاروا اليوم تحت مسمى الشيوعي والليبرالي وتجمعهم العلمانية، وهم موجودون في أوطاننا، سقطت مشروعاتهم في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، فانفلتوا على المشروع الإسلامي كمن هُدم بيته بسبب عدم صلاحيته، فانفك في هدم بيت الجميع كنوع من المساواة.
فهم يُصدرون المفاهيم ويعتدون بالقيم التي تطبق عليهم فقط، يطالبون بحرية الاعتقاد ولا يطلبونها لغيرهم، يطالبون بتطبيق القانون على الجميع باستثناء الإسلاميين؛ لأنهم استثناء في المجتمع من الأساس!!! بالمختصر كل شيء لهم هو حسن وقيّم أما لغيرهم ففيه كلام وغير صالح للتطبيق.
الديمقراطية مثالاً.. إما أن تأتي بهم، وإما أنها غير صالحة للتطبيق في المجتمع.
هؤلاء يرون أن الاصطفاف يعني أنهم في المقدمة، وأن الغنائم لهم، غير ذلك يعني أن هناك طمعاً في السلطة وأن الآخرين فئة باغية.
الشواهد كثيرة وهي من واقع التجربة والمشاهدة في الوطن العربي منذ ثورات الربيع 2011، وما تلاها من عمليات سياسية.
ربما هناك استثناءات، ولكن تظل الإقصائية والحوزة على المشهد من طبائع هؤلاء.
ولنا وقفة أخرى مع جاهزية الإسلاميين للعمل العام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.