الصليب مسموح والنقاب ممنوع.. قانون علماني يستهدف مجموعة من المسلِمات بمقاطعة كندية

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/19 الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/19 الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش

عادت مناقشات حادة بشأن الهوية والدين والتسامح إلى الساحة مجدداً في إقليم كيبيك الكندي، ببدء جلسات الاستماع البرلمانية التي تتناول تشريعات مقترحة من شأنها منع أي شخص يرتدي غطاءً للوجه من تلقي الخدمات العامة بالمحافظة.

وضع إطار لطلبات الإقامة الدينية

وبحسب ما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية، الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول، يهدف مشروع القانون الذي تقدم به ليبراليو مجالس المحافظات العام الماضي إلى معالجة قضية حياد الدولة ووضع إطار لطلبات الإقامة الدينية.

لكن الكثير من النقاشات العامة بشأن مشروع القرار ركّزت على محاولته لحظر ارتداء النقاب؛ حيث قالت حكومة إقليم كيبيك، إن جميع العاملين بالقطاع العام في المحافظة لا يرتدون غطاءً للوجه، وهو ما يعني أن التشريع موجه على الأرجح للنساء المُسلمات اللاتي يرتدين النقاب أو البرقع.

وقدّمت الحكومة تلك القضية باعتبارها مسألة متعلقة بالسلامة العامة، إذ قالت ستيفاني فاليه وزيرة العدل في الإقليم: "نحن لا نقوم بسن تشريعات بشأن الملبس"، وأضافت أن "الخدمات العامة يجب أن تُقدّم ويتم تلقيها بوجه غير مُغطى لأغراض الأمن وتحديد الهوية والتواصل".

وأضافت آنذاك أنها ليست على يقين بشأن عدد من يرتادون الخدمات العامة بينما يرتدون غطاء الوجه، فقالت "إن هناك البعض، ولكني لا أعرف العدد".

مراكز رعاية المهاجرين تشارك في جلسات اجتماع

وبدأت جلسات الاستماع البرلمانية الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول، ومن المقرر أن تستمر حتى أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، ومن المتوقع أن يشارك خلالها نحو 50 مجموعة من مراكز رعاية المهاجرين ومجموعات الدعم.

ومشروع القرار هو ثالث محاولات السلطات في كيبيك لوضع إطار قانوني مُلزم بالعلمانية في المجال العام منذ 2010، وقد ظلّت محاولة سابقة لليبراليين في هذا الشأن دون تفعيل عام 2012، وكانت تستهدف آنذاك معالجة المخاوف العامة التي قد تصبح بمثابة أرضٍ خصبة لبعض أحزاب المعارضة في الإقليم.

وخلال الشهر الجاري، انتخب أحد تلك الأحزاب، وهو حزب كيبيك، قائداً جديداً، وعد بالنظر في فرض حظر على النقاب، حيث قال رئيس الحزب الجديد فرانسوا ليزي: "توجد أسباب أمنية، وتوجد أسباب تستند إلى المساواة بين الرجال والنساء"، وأضاف أن "تلك الأسباب قد أُقِرت من قِبل 10 ديمقراطيات أوروبية".

وأثارت حكومة حزب كيبيك في 2013 الجدل بمقترح من شأنه منع موظفي القطاع العام، بدءً من الأطباء وحتى عمال النظافة بالمدارس من ارتداء الرموز الدينية كالعمائم أو الحجاب، ولم ينحج الحزب لاحقاً في انتخابات مجالس الأقاليم التي أُجريت بعد فترة وجيزة من ذلك الاقتراح.

محاولة مموهة لمعالجة القلق بشأن إقامة الأعراق

وقال جاك جيدواب، رئيس جمعية الدراسات الكندية والمعهد الكندي لشؤون الهوية والهجرة إن التشريع الليبرالي يعد محاولة مموهة لمعالجة القلق بشأن إقامة الأعراق المتعددة والتعبير العلني عن الدين، الذي صعد إلى صدارة الساحة السياسية.

وأشار اقتراع قامت به منظمته في العام الماضي إلى أن 80٪ من سكان إقليم كيبيك يعتقدون أنه يجب حظر النقاب في المكاتب الحكومية والمحاكم.

وأضاف أن "هذه هي الطريقة التي يأمل أن يعالح الليبراليون بها الأمر، بينما يقترحون شيئاً لا يعتقدون أنه يشكِّل انتهاكاً للحقوق الأساسية"، ويعتقد جاك أن هناك فرصة جيدة لتمرير مشروع القانون المقترح إلا في حالة وجود تحدِ قانوني.

وبينما يُعتقد أن هناك بعض الدعم لمثل هذه التشريعات في جميع أنحاء كندا، أشار إلى أن الصلات الوثيقة بين الإقليم وفرنسا -التي يُحظر فيها ارتداء الحجاب بالخدمة العامة منذ 2007 وحُظِر فيها ارتداء النقاب بالأماكن العامة عام 2010- توضح السبب المفسر لتضامن الشعور الشعبي مع التشريعات المقترحة في الإقليم؛ حيث قال إن "سكان البلدان الناطقة بالفرنسية (الفرانكفون) أكثر علمانية بكثير مما هو الحال في أي مكان آخر بأميركا الشمالية".

التشريع يسمح بوجود الصليب

مع ذلك فإن التشريع المقترح ما زال يسمح بوجود الصليب على مقعد رئيس المجلس بالجمعية الوطنية في كيبيك.

وأبدت بعض المجموعات مخاوفَ من أن التشريع سيستخدم ببساطة لوصم مجموعة ضئيلة من النساء في المقاطعة؛ فقالت مهاد فهمي -وهي محامية لدى المجلس القومي للكنديين المسلمين- إن التشريع "مُستهدِف جداً" وأضافت أنه "بالنظر إلى جميع السوابق القضائية القائمة بالفعل في جميع أنحاء البلاد، وحتى بالنظر إلى قوانين حقوق الإنسان، على المرء أن يتساءل لماذا شعرت كيبيك بالحاجة إلى سن تشريع بشكل محدد بشأن قضية تغطية الوجه".

بالتزامن مع الدفع بالتشريع المقترح من قِبل الإقليم، تستعد المجموعة لتداعيات الأمر، حيث قالت المحامية لدى المجلس القومي للكنديين المُسلمين إنه "بشكل واضح؛ ستكون هناك آثار على الصعيد الوطني"، وأضافت أن "ذلك يؤثر على فهم الناس لما هو معقول، وإلى أي مدى نحن على استعداد للمضي قدماً كمجتمع تعددي، باحتياجات يتم استيعابها".

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد