في حياة اليوم السريعة المليئة بالالتزامات، نحن جميعاً في حاجة إلى عطلة، عطلة تعيد لنا طاقتنا، وتسمح لنا بتخصيص وقت لأنفسنا فقط. يطلقون عليه "وقت الأنا" نعم هذا حقيقي، نحتاج وقتاً لأنفسنا؛ لنحب أنفسنا، لنشعر بالحياة شعوراً حقيقياً، لنتحرر من أسر جداولنا المتطلبة الثقيلة.
اعتاد جدي إخباري بقصة عندما كنت في الجامعة، كان يعمل مزارعاً في سنوات الستينيات في الهند، اعتاد على العمل طوال النهار في المزرعة والاعتناء بمحاصيله وفي طريق عودته إلى المنزل كل مساء اعتاد على جلب الخضراوات الطازجة من المزرعة لتطبخها جدتي على العشاء.
في أحد الأيام عاد من المزرعة ونسي إحضار الخضراوات معه، عندما دخل المنزل سألته جدتي عن الأمر فقال لها: "سأحضر سمكاً طازجاً، فقط جهزي بهارات المسالا (خليط أصلي من البهارات الهندية يستعمل لطهو الكاري)"، ثم ذهب إلى بركة بالقرب من القرية مصطحباً معه صنارة صيد، وبعد ساعة أو أكثر كانت جدتي تطبخ سمكاً طازجاً.
قال لي: "كان لدينا الكثير من الوقت بين أيدينا، حتى بعد العمل كان لدينا وقت لاصطياد الأسماك، أما الآن فلا تمتلك أي وقت حتى إنك لا تستطيع الاستمتاع بوجبة طعامك"، وضحكنا كلانا. كان محقاً! ليس لدينا وقت للاستمتاع بطعامنا، للعب مع أطفالنا. لكن هل من الممكن لنا أن نقتطع هذا الوقت خارج الروتين؟ للأسف فالإجابة هي لا! لهذا نحن في حاجة للعطلات، السفر هو وقتنا الخاص الجديد.
السفر إلى أماكن جديدة يولد رد فعل إيجابياً في عقولنا، العقل متعلم مفعم بالحيوية والأماكن الجديدة تمنح له فرصة تعلم أبعاد جديدة للحياة، أتذكر عندما كنت مسافراً إلى السويد، اعتدت مقارنة كل شيء في السويد بالأشياء التي لدينا في الهند، كان أفضل عام في حياتي، حاولت تعلم لغة جديدة، وزيارة أماكن جميلة، وتذوقت طعاماً فريداً، وشيء ما بداخلي تغير إلى الأبد.
تعلمت أن بإمكاني التعامل مع نفسي بشكل أفضل، وبإمكاني إدارة الفوضى في حياتي بأعصاب هادئة.
ساعدني السفر في أن أنضج كشخص، أعطاني نظرة جديدة إلى الخارج، عندما أتذكر الناس الذين صادفتهم أثناء السفر أنسى مشاكلي الخاصة، عندما أتذكر مضيفة طيران في اليونان استقالت من عملها لتعمل في سانتوريني، أعلم في عقلي أن عليَّ أن أدافع عن قرارات حياتي، عندما أفكر في سيدة عجوز في بنك سويدي بدأت في السفر في سن الـ60 أعلم أن التغيير أمر جيد في الحياة، وأن العمر مجرد رقم.
يغير السفر منظورك للعالم، يجعلك تشعر أكثر وتعيش أكثر كل دقيقة… دقيقة في المرة! عندما كنت في باريس، غمرني سحر المدينة الذي لا يفوت، كل ما أردته هو الجلوس أمام برج إيفل والاستمتاع بالمنظر، شعرت بهدوء شديد وفرح غامر في تلك اللحظة، لا أستطيع تفسيرهما.
لا توجد كلمات لوصف هذا الشعور، بدأت بالإحساس بجمال العالم أكثر، بدأت أحبه فعلاً، السفر زودني بسلوك أكثر هدوءاً تجاه مشاكلي، عندما تجلس وتسترخي في مكان مجهول، تبدأ في التفكير بشكل أفضل، تحلل حياتك بطريقة أكثر عقلانية، السفر يساعدنا على النضج؛ لنصبح أفضل، لنكون صريحين وانطوائيين في نفس الوقت.. السفر هو وقت أنفسنا الجديد.
هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية من هاف بوست. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.