في كولومبيا يُقال إن الجميع دكاترة إلى أن يثبت العكس. ولا يرتبط اللقب بكون الشخص طبيباً، أو بحمله شهادة الدكتوراه، في المعجم اليومي لكولومبيا يُمثل ذلك اللقب شكلاً من أشكال الخطاب لأي شخص يُفترض شغله مركزاً اجتماعياً متفوقاً، أو لأولئك الذين يمتلكون النفوذ في شبكة البيروقراطية المُعقدة.
ومن علامات العجرفة المتوطنة في كولومبيا أن يتوقع المرء مُناداته بلقب "دكتور" أو "دكتورة"، لاسيما في دولة تترسخ فيها الفوارق الطبقية، حتى أن الشعب الكولومبي أصبح مُقسَّماً إلى طبقات اجتماعية استناداً إلى المكان الذي يسكن فيه، لا على دخله من المال، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
في محاولة للقضاء على تلك العجرفة اللغوية، اتخذ عُمدة مدينة كالي – ثالث أكبر مدن كولومبيا – قراراً بمنع استخدام لقب "دكتور" بالإضافة إلى بعض الألقاب الرسمية الأخرى، في مكاتب البلدية.
وأعلن العمدة موريس أرميتاخي في وقت سابق من هذا الشهر أن "استخدام لفظ دكتور أو دون (السيد) في مكاتب المدينة محظور تماماً". ويأمل العمدة في نشر هذه الممارسة عبر المدينة من خلال حملة تعليمية.
وأضاف قائلاً: "سنكون جميعاً سواسية، ولن يشعر أي منّا أنه أعلى أو أدنى من غيره بسبب لقب دكتور أو دون أو سيد".
في غضون ذلك، استلم جميع عمال البلدية بطاقات بأسمائهم؛ لكي ينادوا بتلك الأسماء مباشرةً. كما طلب أرميتاخي من طاقم العاملين لديه مناداته باسمه الأول: موريس.
رحّبت الصحيفة الوطنية اليومية El Espectador بهذا الإجراء، وكتبت في افتتاحيتها: "ندعم هذا النوع من الإجراءات التي تدفعنا إلى التفكير في استخدام اللغة وتفتح الباب أمام تغيير شكل العلاقات بين الناس".
هل تنجح الفكرة؟
بيد أن تغيير عادة استخدام لفظ "دكتور"، سيتطلب أكثر من مجرد قرار، إذ إنه كان ثمة محاولة لحظر استخدام تلك الكلمة في العاصمة "بوغوتا" وباء الأمر بالفشل بعد بضعة أشهر.
وأرجع بعض العلماء اللغويين استخدام تلك الكلمة للعشرينيات من القرن العشرين، حين كان لزاماً على المحامين الكولومبيين أن يحملوا شهادة الدكتوراه من أجل ممارسة بعض فروع القانون.
وكان "الدكاترة" هم الأكثر احتراماً في مهنتهم، وبدأ الزملاء في استخدام ذلك اللقب باعتباره علامة على الاحترام. وعندما رُفِعَت القيود عن الممارسات القانونية، صار كل محامٍ "دكتور"، وانتشر استخدام اللقب حتى وصل إلى كثير من المِهَن الأخرى.
أما اليوم، وعلى الرغم من وجود بضع مئات فقط من حاملي الدكتوراه في البلاد، تطور ذلك اللقب الزائف ليصبح علامة متعارف عليها للطبقة الاجتماعية العليا والسلطة.
ولا يخفى على أي مواطن كولومبي أنك عندما تبدأ رحلتك وسط متاهة البيروقراطية، فإن مخاطبة الشخص الجالس خلف المكتب بلقب دكتور أو دكتورة دائماً ما تكون فكرة جيدة. إذ إن شعورهم بشعورٍ جيد حيال أنفسهم ربما يجعلهم أكثر ميلاً لإنجاز المهام المطلوبة.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.