نتيجة للدمار الذي طال الآثار السورية على أيدي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تعكف مجموعة فنانين سوريين بمخيم الزعتري في الأردن على صنع نماذج مصغرة من صروح بلدهم المعمارية الأثرية في مشروعهم الذي أطلقوا عليه اسم "سوريا تاريخ وحضارة".
المشروع الطموح يأتي برعاية الأمم المتحدة ومؤسسة التنمية والإغاثة العالمية، وهي مؤسسة غير حكومية مقرها ولاية فيرجينيا الأميركية، وفق تقرير نشره موقع بزفيد الإخباري الأميركي، الخميس 21 يناير/كانون الثاني 2016.
الموقع الأميركي نقل عن منسق المشروع، أحمد الحريري، قوله "إن الآثار المدمرة خسارة كبيرة للعالم بأسره وليس لسوريا وحسب. هدفنا تعريف الشعب السوري بآثاره وحماية تراثنا وإثبات الهوية السورية، ولعل الرسالة الأهم هي وقف الحرب".
وأضاف الحريري في مدونة نشرها موقع الأمم المتحدة، أن أهمية المشروع تكمن في أن أطفالاً بمخيم الزعتري "لم يروا سوريا وليس لديهم ذكريات عنها، ويعرفون عن الأردن أكثر مما يعرفونه عن بلدهم".
الفنان السوري قال: "عندما وصلت هنا فكرت بأني لن أواصل عملي لأنني اعتقدت أني سأبقى هنا في المخيم أسبوعاً أو أسبوعين، لكنني عندما أدركت أن الأمر سيستغرق سنوات آمنت بأني سأخسر مهاراتي ما لم أبدأ من جديد".
يذكر أن الحريري البالغ من العمر 25 عاماً، كان مدرساً لمادة التربية الفنية قبل لجوئه إلى الزعتري عام 2013.
أما إسماعيل حريري، وهو فنان آخر في المجموعة، فيقول إنه كان متردداً في الانضمام إلى المشروع في البداية، لكن انضمامه ساعده منذ حينها على استعادة عشقه للفن واستكشاف مهاراته من جديد، فهو البالغ من العمر 44 عاماً وكان ينحت منذ صباه، كما كان يعمل في الهندسة والتصميم الداخلي قبل الحرب. ثم انتقل إلى الزعتري مع زوجته وأطفاله السبعة عام 2013.
وأشار إلى أن قطعته المفضلة في المشروع هي البوابة النبطية التي نحتها من حجر بركاني في المخيم؛ لأن هذا الحجر هو بالفعل الحجر الأصلي الذي نحتت البوابة منه.
وتستغرق النماذج من 15 يوماً إلى 3 أشهر لإتمامها، بحسب الوقت المتاح والأدوات المتوافرة. ويكون الفريق مكوناً من 8 فنانين يشكّلون المرحلة الأولى من المشروع.
أما الخطوة التالية فستكون العمل على نماذج طبق الأصل من تقاليد شعبية سورية وتجسيداً لـ"جحيم الحرب".
وكان تنظيم داعش دمّر، في أغسطس/آب 2015، مدينة تدمر التاريخية وأعدم خالد الأسعد، أحد أهم علماء آثار سوريا، الذي كرّس حياته لدراسة المدينة الأثرية وعمل فيها لمدة 50 عاماً.
وأدرجت المدينة القديمة على لائحة اليونسكو لمدن ومواقع التراث العالمي، حيث كانت تدمر أهم مراكز الإشعاع الحضاري والثقافي في العالم خلال القرنين الأول والثاني الميلاديين.