أعلنت إيطاليا عدم قبولها الرواية المصرية حول مقتل مواطنها "جوليو ريجيني"، والتي تحدثت عن وقوف "تشكيل عصابي متخصص بسرقة الأجانب" وراء الحادثة.
ونقل التلفزيون الحكومي عن وزير الخارجية الإيطالي "باولو جينتيلوني"، اليوم السبت 26 مارس/ آذار 2016 القول "إن إيطاليا مصرّة وتود معرفة كامل الحقيقة".
من جانبه قال النائب العام في روما "جوزيبه بينياتونه"، في بيان اليوم، إن "النيابة العامة تعتبر أن المعلومات المقدمة حتى الآن من النيابة العامة المصرية لفريق المحققين الإيطالي المتواجد حالياً في القاهرة لن تخدم توضيح ملابسات وفاة "جوليو ريجيني" وتحديد المسؤولين عن قتله".
وأضاف "بينياتونه"، أن "النياية العامة تعتقد أن من الضروري الاستمرار في التحقيقات".
محاولة للتضليل
وفي سياق متصل نقل التلفزيون الحكومي عن رئيس الوزراء "ماتيو رينزي" وعده "بالتوصل إلى كامل الحقيقة" وذلك في اتصال هاتفي مع والدي "ريجيني" اللذين أعربا عن "المرارة والألم لمحاولة التضليل الجديدة من قبل السلطات المصرية".
وكانت الداخلية المصرية، قد ربطت أمس، واقعة مقتل الشاب الإيطالي "جوليو ريجيني" (عُثر عليه مقتولاً قبل شهرين)، بواقعة سرقة، مشيرة أنها "عثرت على متعلقات تخصّه، لدى تشكيل عصابي تخصص في خطف وسرقة الأجانب"، أعلنت تصفيته في وقت سابق، الخميس، شرقي القاهرة.
وقال مسؤول المركز الإعلامي للوزارة في بيان "تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، صباح (الخميس)، من استهداف تشكيل عصابي، بنطاق القاهرة الجديدة (شرق العاصمة) تخصص فى انتحال صفة ضباط شرطة، واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه".
ووفق بيان سابق للسفارة الإيطالية في القاهرة، فإن الشاب "جوليو ريجيني" (28 عامًا)، وهو طالب دكتوراه في جامعة كامبريدج، كان متواجدًا في القاهرة منذ سبتمبر/أيلول الماضي، لتحضير أطروحة دكتوراه حول الاقتصاد المصري، واختفى مساء 25 يناير/كانون الثاني الماضي في منطقة الدقي.
تشكيك في الرواية المصرية
وقوبلت الرواية المصرية الأخيرة التي نشرت بعض متعلقات "ريجيني" وقالت إنها كانت لدى العصابة التي تم تصفيتها على يد الداخلية بشكل من التشكيك والسخرية في ذات الوقت.
سعيد صادق الأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع السياسي أشار إلى أن التأييد والتشكيك، الذي لاحق الرواية المصرية، منبعه "تدهور سمعة المؤسسة الأمنية بمصر"، مشددًا على أهمية إجراء إصلاح فوري لها.
وأضاف "بلجيكا وقع فيها حادث إرهابي مؤخرًا فاستقال وزيران، وعندنا تقع عشرات الحوادث لدينا دون تغيير، وبالتالي عدم تحمل المسؤولية يجعل صوت الرأي العام متشككًا في السلطة أيًّا كانت".
وأشار أنه تابع رواية الداخلية حول مقتل الشاب الإيطالي، ورصد عبر منصات المعارضة في مواقع التواصل الاجتماعي "رفضًا كبيرًا لها، لأنها رواية ضعيفة من وجهة نظري وليست مقنعة وتطرح أسئلة كثيرة دون أجوبة، وإن كان احتمال تورط الداخلية في مقتله عندي مستبعدًا".
وحول أسباب أخرى دفعت للتشكيك في رواية الداخلية المصرية، التي تنفي مرارًا مسؤوليتها عن قتل "ريجيني"، أضاف صادق "بالطبع ما رُصد من تضارب في التصريحات الرسمية، وعدم الحسم حتى الآن في القضية سبب مهم، فالنيابة تنفي عصر الخميس، وجود علاقة بين المتهمين الذين قتلوا والشاب الإيطالي، والداخلية مساءً تقول عبر فيسبوك وليس في مؤتمر صحفي كبير، إن هناك علاقة".
ليست مقنعة
الخبير الأمني محمود قطري، وهو ضابط سابق في الشرطة المصرية برتبة عميد، قال "إن الداخلية وضعت نفسها في موقف صعب للغاية بإعلان روايتها وظهور متعلقات ريجيني، وعليها أن تثبت بالدليل القاطع تفاصيل تلك القضية".
وأضاف أن "رواية الداخلية وفق نظرة أمنية بحتة ليست مقنعة أو منطقية وسببت تشكيكًا أكبر من التأييد"، متسائلاً "كيف ظهرت تلك العصابة التي تخطف الأجانب؟ أين الوقائع المتعلقة بذلك؟ وكيف نستشعر الحقيقة والمتهمون باتوا قتلى.. وأصبحت الرواية من طرف واحد فقط، ودفن السر معهم؟".
وطالب قطري وزارة الداخلية بالتمهل في قضية تتعلق بعلاقات مع دولة أوربية مثل إيطاليا، والحرص على سمعة مصر أمام العالم، وإظهار كل الدلائل والقرائن حول تفاصيل قتل "ريجيني"، مشيراً أنه "لا دليل حتى الآن يؤكد أن الداخلية قتلت الشاب الإيطالي".
سخرية من الرواية المصرية
نشطاء ومعارضون مصريون سخروا من الرواية الرسمية، حول مقتل الشاب الإيطالي، عبر موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، أحد أبرز المنصات التي تلجأ لها المعارضة المصرية.
الأكاديمية المصرية المعارضة "رباب المهدي"، طرحت تساؤلات حول رواية مصر بشأن مقتل "ريجيني"، من قبيل "لماذا لجأ هذا التشكيل العصابي إلى تعذيب ريجيني قبل قتله؟".
وكان السفير الإيطالي في القاهرة "ماوريتسيو ماساري"، قال في وقت سابق، إن "ريجيني" قد "تعرض للتعذيب والضرب المبرح قبل وفاته"، مشيرًا إلى أن "علامات الضرب والتعذيب كانت بادية بوضوح، كما بدت الجروح، والكدمات، والحروق على جسده".
السؤال الثاني الذي طرحته المهدي، عبر صفحتها على "فيسبوك"، "ما هو سبب احتفاظ ذوي القتلى بمتعلقات شخصية لشاب إيطالي، أثار مقتله ضجة كبيرة بمصر والعالم، وكأنها تذكار؟".
"أحمد سمير"، الكاتب المصري، وأحد الوجوه المؤيدة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، اعتبر الرواية الرسمية المصرية لمقتل "ريجيني"، "مسرحية كوميدية لا تقنع طفلًا صغيرًا".
"شادي الغزالي حرب"، أحد نشطاء ثورة يناير، وصف عبر حسابه بـ "تويتر" الرواية المصرية بالـ "فيلم"، واستنكر ما أسماه "التلفيق والكذب"، مدشنًا وسماً (هاشتاغ) بعنوان (#اتبرأ_من_كذب_الداخلية).
وأوضح الكاتب الساخر "بلال فضل"، عبر صفحته بـ"فيسبوك" أن الرواية المصرية "كذبة"، ولم يستبعد أن يكون المواطن الذي يبرر لصحة هذه الرواية في يوم ما "عرضة لتلفيق قضية له من قبل الشرطة، أو يُقتل ويقال عنه إرهابي".