10 يونيو/حزيران من 2014 احتلت الموصل، ومع آخر طلقات الكلاشنكوف التي كان يستخدمها فوج جهاز مكافحة الإرهاب انسحبت القوات الأمنية بهزيمة مخجلة إلى بيجي ثم سبايكر ثم سامراء، قائد الاحتلال الداعشي أبو مسلم التركماني ويساعده رضوان الحمدوني، لم تكن لهما أي فكرة عن هذا الانهيار، كانت البداية هي ردة فعل لقتل أبو عبد الرحمن البيلاوي، والخطة تتضمن الاستعراض في أحياء الهرمات و17 تموز والإصلاح الزراعي، وإسقاط بعض الثكنات العسكرية والأمنية ثم الانسحاب إلى المحلبية وبعدها إلى الصحراء، وبعد انهيار القوات الأمنية مثل أحجار الدومينو ومن بقي منها جاءه الأمر بالانسحاب من القيادات الميدانية تحت ذرائع غير مبررة عسكرياً ولا منطقياً.
تقطع القناة العراقية بثها لتكذب علينا بأخبار مفبركة، كالعادة الانتصار ومئات القتلى من الدواعش، وليظهر القادة الهاربون على شاشات القنوات الأخرى وآثار الهزيمة ظاهرة عليهم وملامح الحزن تغلب عليهم بالقنوات الكردية، يتسلل الخوف والرعب لقلوب أهالي بلد والدجيل وتلعفر وسامراء وطوزخورماتو وآمرلي وشبك شرق نينوى؛ ليعلن إعلام داعش أنه تم فجر يوم 11 يونيو/حزيران السيطرة على كل قضاء الموصل.
تلى ذلك فتوى المرجعية في النجف في 13 يونيو/حزيران الشهيرة الَتِي عرف العالم بعدها "الحشد الشعبي"، وأن المواطن المتطوع هو الرجل القوي في الأمن العراقي عند الكوارث والنوازل، الدور الأهم يوم 14 يونيو/حزيران كان لعشائر بلد والدجيل وصحوات سامراء والشرقاط في تكسير موجات هجوم داعش قبل أن تصل إلى التاجي والطارمية، يوم 15 يونيو/حزيران يعلن فوج ميسان من جهاز مكافحة الإرهاب السيطرة على مصفى بيجي وحتى تحرير بيجي لم يسلم المصفى للدواعش، يوم 16 يونيو/حزيران فصائل مسلحة من أبناء التيار الصدري تؤمن 30% من سامراء، و17 يونيو/حزيران عصائب أهل الحق وفصائل من المتطوعين يؤمنون حزام بغداد الشمالي والجنوبي، في 25 يونيو/حزيران يتوافد قرابة 35 ألف متطوع لحماية حزام بغداد الغربي والجنوبي..وليسدل الستار على أصعب مراحل الحرب على الإرهاب بالتاريخ العراقي الحديث وتحمى بغداد من الاحتلال.
في 1 يوليو/تموز عشائر الخالص تنجح في كسر موجات احتلال داعش وقوات بدر تبدأ عملية واسعة في شمال وشرق ديالى بمعارك عنيفة.
الحديث عن بصمة لا تحتمل التزوير تحمل اسم المواطن المتطوع والحشد والمرجعية وجهاز مكافحة الإرهاب والعشائر الموالية لبغداد.
ومنذ ذلك الوقت مرت القوات الأمنية والعسكرية بأربع مراحل؛
مرحلة الانهيار، ثم مرحلة لملمة الجراح واستيعاب الصدمة، ثم مرحلة التعافي وتعاظم القدرات، ثم مرحلة النصر المستمر.
العبادي نجح في إدارة القيادة المشتركة العراقية، ونجح في إدارة أهم الملفات في العراق: مكافحة الإرهاب وهندسة اتفاقية أربيل – بغداد واحتواء أزمات السياسة الخارجية مع دول الجوار.
اتضحت براعته بعد عمليات تحرير شرق وغرب تكريت في مارس/آذار 2015، ونظراً لحساسية الجغرافيا اتكأ على قوات جهاز مكافحة الإرهاب وقوات النخبة من فصائل الحشد الشعبي وأبناء عشيرة الجبور، فقد كان التعامل يحتاج إلى شخصية هادئة وقادرة على التعامل مع جميع الأطراف المعنية، وبالأخص الساسة السنة والرأي العام العربي، وكانت القنوات الفضائية تشكل ماراثون بنسق تسقيط الحكومة العراقية.
لذا كان من الطبيعي أن يعتمد العبادي على ثلاث شخصيات عراقية عربية، رجل بقوة وزخم وكاريزما الفريق طالب شغاتي لإدارة التعافي العسكري والعمليات المشتركة، وشخصية عروبية ووطنية السيد فالح الفياض لقيادة الحشد الشعبي وللوصول إلى ثقة الدول الكبرى والإقليمية وإعطاء السنة الطمأنينة؛ حيث يثقون به وبتاريخ عائلته، والفريق حامد المالكي قائد طيران الجيش العراقي وتأثيره على فرسانه الذين لهم الدور الكبير في كل عمليات التحرير.
ومع بداية مرحلة النصر المستمر وبعد مرور ثلاث سنوات، أصبح العبادي مع موعد شبيه بذلك الموعد في بداية إعلان النصر بالفلوجة؛ حيث انتصر بمعركة تكسير العظام الداعشية، واليوم القوات المشتركة العراقية تعود مرة أخرى لكن بطريقة مغايرة وتكتيكات صعبة ومعقدة؛ لتستعد لإعلان النصر في كامل قضاء الموصل في معركة تهشيم جماجم الدواعش.
مرحلة النصر ما بعد الموصل ينبغي ألا تستعصي على استراتيجية المصالحة المجتمعية، التي يدعمها قادة التحالف الوطني وقادة اتحاد القوى، وترعاها الدول الكبرى في التحالف الدولي، ويحسب للدكتور محمد سلمان السعدي الذي عكف على هذا الملف؛ ليخرج برؤية كانت محل قبول المنظمات الأممية، وأيضاً يحسب للدكتور الهميم مشروعه الذي لم يكتمل عندما طرح للوهلة الأولى وهي مكافحة التطرف الديني العنيف من خلال إنشاء منظومة (الأمن الفكري)، أقوى أسلحة لمواجهة الإرهاب في مرحلة ما بعد التحرير.
وينبغي ألا نغفل الدور الرئيسي لمنظمات المجتمع المدني والإعلام الوطني والحراك الصدري والمدني؛ الذين يشكلون القوة الخفية التي تستمد منها الحكومة طاقتها في مجمل الملفات الصعبة والشائكة في العراق.
وفي الذكرى الثالثة لاحتلال الموصل:
* داعش خسرت 42 قائداً مؤسساً و72 قائداً من الصف الأول و207 قيادات من القيادة اللوجستية و349 قائداً ميدانياً.
* وخسرت أرض التمكين في ولايات الأنبار وديالى وصلاح الدين والفلوجة ودجلة والجزيرة ونينوى والجنوب.
* البغدادي لم يظهر للعلن إلا مرة واحدة ومرتين بتسجيل صوتي، وخسر نائبه ومساعديه، وقرائن كثيرة تدل على إصابته.
* العراق لأول مرة تجتمع فيه كل فوهات البنادق بالضد من داعش؛ الجيش والشرطة والبيشمركة والحشد والعشائر.
* داعش خسرت 22% من أصل 32% الجغرافية التي سيطرت عليها وبقي لها 10% منها، 5% صحاري وبوادي والباقي التحرير فيها مستمر.
* عديد هلكى داعش+ 26،000 وجرحاهم +50،000 وعديد من تم إلقاء القبض عليه +4000، وخسرت 18 مصنعاً للتطوير العسكري.
* وخسرت +39 معسكراً للتدريب العسكري، وكل مناطق آبار ومصافي النفط التي كانت تحتلها في العراق.
* داعش قتلت من المدنيين العراقيين +15000 مدني وجرحت +20000 مدني، وغيبت +3500، ودمرت بنى تحتية + 50 مليار دولار.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.