أولاً: الهيئة
صار من المعهود لدى الناس هيئة السلفي، وصار ذلك معلوماً معروفاً عند الكبير والصغير في المجتمع.
فيكفي أن ترى شاباً أو شيخاً يلبس جلباباً قصيراً، أو سروالاً قصيراً، مع لحية تتدلى، وكثيراً ما تجد مسواكاً في يده أو في جيبه.
فيكفي أن ترى هذه الهيئة حتى يحكم الناس على صاحبها أنه سَلَفي.
ثانياً: التعدد
وسُنة أخرى يحرص عليها السلفية المعاصرة حرصاً شديداً ما استطاعوا إليها سبيلاً، ألا وهي:
سُنة التعدد، تعدد الزوجات، أي الزواج بزوجتين وثلاث وأربع، وأكثر الشيوخ الأعلام الذين برزوا على الفضائيات الإسلامية أكثرهم -ولا أبالغ- من ذوي الزوجتين أو الثلاث أو الأربع.
وتجد بعضهم وهو عَلَم مشهور طبقت شهرته الآفاق يقول: سألتني زوجتي، ثم يؤكد زوجتي الثانية سألتني..
وتجد آخر وهو أيضاً عالم عَلَم مشهور جداً يقول: إحدى زوجاتي رأت رؤيا لي قالت…
وتجد ثالثاً عَلماً عالماً يقول عن أحد الشيوخ اللامعين في الفضائيات، وهو شيخ قد تخطَّى الستين يقول عنه: لا يتزوج إلا بكراً.
وقد رأيت وسمعت ذلك بنفسي.
هذا في الشيوخ والأعلام، فإذا نزلت إلى مُريديهم وجدتهم كأن سُنن النبي كلها قد اجتمعت في سُنة التعدد، فيشتاقون إليها شوقاً، ويسعون إليها سعياً.
وقد رأيت بعضهم تيسّر به الحال، فتزوج الثانية، فغضبت الأولى، واشتد غضبها، فلم يصبر عليها، فطلّقها مرة، بعد مرة، بعد مرة، حتى برئت منه، فتشتت أربعة أولاد بينه وبينها.
والعجيب أنه عاد ليعيد الكرّة ويطبق السّنّة ويتزوج الثالثة على الثانية.
ولا بأس بالتعدد بل هو مطلوب في كثير من الأحوال، وهو علاج لكثير من أدواء المجتمع، لكنه ليس الأصل، بل هو استثناء، إن الأصل هو الاكتفاء بزوجة واحدة، أما التعدّد فإنه استثناء وحاجة وضرورة.
وليس شرطاً بل يباح التعدّد بغير سبب إذا توافرت القدرة والطاقة والعدل.
وبعض العقلاء قد يتوافر لديه القدرة وهو في حاجة لزوجة أخرى لضرورة ما السفر أو غيره، لكنه يعلم أنه إن فعل فقد يضر ذلك بأهله وولده، فيمسك عنه حتى لا يعالج داء بداء آخر أشد عضال.
ويحضرني في ذلك قصة لطيفة:
جاء رجل إلى الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- فقال له إني أريد أن أتزوج الثانية فأعُفُّ مسلمة.
فقال له الشيخ: زَوِّجْ شاباً تَعفّ اثنين. رحم الله الشيخ رحمة واسعة.
ثالثاً: التماوُت
وهو وليس من السّنّة وليس من الدين.
حين تتأمل شباب السلفية في مشيتهم وكلامهم تجد تماوتاً، وتلمس كأن فيهم ضعفاً ورِقّة.
وهذه خصلة تجدها في أكثرهم، كأنهم يرون التماوت من أمارات التعبّد والورع.
ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذلك، بل كان في مشيته قوياً سريعاً، وفي الحديث عن علي: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مشى تكفأ تكفؤاً كأنما ينحط من صَبَبٍ".
وقيل: إن عائشة -رضي الله عنها- رأت شباباً يمشون يتماوتون في مشيتهم، فقالت لأصحابها: مَن هؤلاء؟
قالوا: نُسَّاك.
فقالت: كان عمر إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوْجَع.. وكان هو الناسك حقاً.
رابعاً: تقديس الشيوخ والحب الأعمى:
من النزعات المقيتة المتأصلة في شباب السلفية ورجالها تقديس الشيوخ، فقد أحبوا الشيوخ حباً أعماهم عن رؤية معايبهم، وصرفهم عن النظر في آراء غيرهم، فإن قال شيوخهم كان قولهم هو الفصل، وإن رأى شيوخهم رأياً كان رأيهم هو الحق وما دونه الباطل، وهم القدوة والأسوة والمثل.
وهم عندهم فوق كل نقيصة، ولا يجوز نقدهم، ولا يصح في حقهم إلا الاتباع والاقتداء بهم.
نسأل الله -عز وجل- أن يأخذ بأيدينا وأيديهم إلى الهدى والحق الذي يرتضيه.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.