مع مع.. ضد ضد

كثيرة ومتنوعة هي الاختلافات في وجهات النظر بيننا وبين من حولنا بشكل عام، وبين الأقارب والأصدقاء بشكل خاص، وكثيرة هي المناقشات والحوارات التي تتخذ الأفكار والآراء المتبادلة وغالباً المتضاربة مرتكزاً أساسياً لها، وفي أكثر الأحيان نشعر بالرغبة في إثبات وجهة نظرنا التي نؤمن بها ونعتقد بصحة فحواها على حساب الآخر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/17 الساعة 03:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/17 الساعة 03:53 بتوقيت غرينتش

كثيرة ومتنوعة هي الاختلافات في وجهات النظر بيننا وبين من حولنا بشكل عام، وبين الأقارب والأصدقاء بشكل خاص، وكثيرة هي المناقشات والحوارات التي تتخذ الأفكار والآراء المتبادلة وغالباً المتضاربة مرتكزاً أساسياً لها، وفي أكثر الأحيان نشعر بالرغبة في إثبات وجهة نظرنا التي نؤمن بها ونعتقد بصحة فحواها على حساب الآخر.

يبدأ الحوار، كلّ يدلي بدلوه، هذا من جهة وذاك من أخرى، ويبدأ الدفاع عن الرأي، كل يحاول تحريك بوصلة الحوار للجهة التي يرى منها الموضوع، وما أكثر الأشخاص الذين يدافعون عن آرائهم بشراسة ومثابرة دونما هوادة، وكأنها مسألة حياة أو موت.

فترى هذا يأتي بالأمثلة والحجج، والثاني يستشهد برأي فلان وفلان، والآخر يخرج لنا من بطون الكتب وصفحات التاريخ ما يدعم وجهة نظره، وأنا في المقعد محترق نيراني تأكل نيراني، أقول فيسكتونني بحججهم، أهاجم فيصدني مَن هو أقوى رأياً، أرفع صوتي قليلاً فلا أجد من سامع منصت.

يقولون ويعيدون ويصولون ويجولون حتى ينتهي بي المطاف إلى أن أفضّل راحة لساني وهدوء صدري على تعبي لإثبات الحجة، فأقول مختصراً بذلك النقاش: هل تعلمون، ربما كلامكم هو الصحيح؟ وألتزم بعدها الصمت.

أصبحت أبدأ بنقاش ما فإذا أحسست بأن الطرف الآخر مصرّ على رأيه وربما يتضايق منّي إذا أنا خالفته الرأي أعلن مباشرةً أن فكرته ربما تكون صحيحة، وأن عليَّ أن أراجع معلوماتي لأتأكد من صحة ما أقول، فما عدت أكترث كثيراً بكوني "مع أم ضد" وذلك تجنباً للنقاش والجدال، وظناً منّي أنني قد أخسر الطرف الآخر إن أنا خالفته في رأيه، أو ربما أحرجته إن كانت حجتي أقوى من حجته.

لكن هذا الأمر لم يرُق لي مع مرور الزمن، بل وأصبحت موضع اللوم ممن حولي على موقفي الحيادي والرمادي وربما السلبي تجاه الأفكار والآراء الخاطئة التي أمتلك القدرة على دحضها وإثبات عكسها، راجعت نفسي مليّاً وقلت لها:

"لو أن كل واحد تكاسل وتهاون في إثبات صحة فكرته، طبعاً بأسلوب راقٍ، لذهبت فائدة الحوار ولأصبح المخطئ معتزاً برأيه لعدم وجود من يخالفه".

فقررت ألا أسكت بعد الآن عن حقّي في توضيح فكرتي ووجهة نظري، ولو اضطرني الأمر إلى مزيد من النقاش والبحث، فالفكرة الجيدة الصحيحة لها عليّ حقّ أن أدعمها وأظهرها، على أن أكون حذراً على الدوام؛ كي لا أنزلق في مزالق الجدال والخصام.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد