يا بابا شيلني!.. أطفال سوريا

الأطفال هم الضحية الأكبر في الحرب السورية المستمرة منذ عام 2011 وحتى الآن. آلاف الأطفال فقدوا حياتهم، ومن بقي منهم على قيد الحياة فقد كل أوجه الطفولة. فقدوا منازلهم، ومدارسهم، وأهلهم، وأشقاءهم، وأصدقاءهم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/26 الساعة 04:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/26 الساعة 04:33 بتوقيت غرينتش

من الهبيط صرخ عبد الباسط: "يا بابا شيلني"!.. ولكن، كيف لأبيه المصاب أن يحمله وهو جريح الجسد وجريح الروح لفقدانه زوجته وطفلته، وليكتمل المشهد المؤلم بعجزه عن تلبية نداء طفله عبد الباسط الذي فقَد ساقيه!

وفي مدينة الباب، صرخ العشرات من أصدقاء عبد الباسط، ولكن تم خنق صوتهم وفُرض عليهم الموت والعذاب بصمت "عبدو – رضوان – سيدرا – بلال – رهف – راما"… أطفال من مدينة الباب غادرونا اليوم إلى الجنة.

الأطفال هم الضحية الأكبر في الحرب السورية المستمرة منذ عام 2011 وحتى الآن. آلاف الأطفال فقدوا حياتهم، ومن بقي منهم على قيد الحياة فقد كل أوجه الطفولة. فقدوا منازلهم، ومدارسهم، وأهلهم، وأشقاءهم، وأصدقاءهم.

آلاف الأطفال اضطرتهم ظروف النزوح والهجرة إلى ترك مقاعد الدراسة والقيام بأعمال شاقة جسدياً "ونفسياً"؛ لتأمين قوتهم وقوت عائلاتهم. والأخطر، هو استغلال ظروفهم والعمل على تجنيدهم للمشاركة في الحرب، حتى بات الأطفال الأحياء يتمنون أن يلاقوا مصير أصدقائهم الشهداء.

هذه المأساة الكبرى لم تسترعِ من أصحاب القرار والساسة الالتفات إليها وجعلها حافزاً نحو تقديم تنازلات من الجميع للوصول إلى حل ينهي مأساة القرن كما توصف، عبر العمل على بناء عقد اجتماعي جديد ينهي الحرب ويحافظ على وحدة السوريين، ولكن على ما يبدو لم تنتهِ اللعبة بعد، وعندما يلعب الكبار، يدفع الصغار الثمن. ولكن لو قُدّر للأطفال الشهداء الاتصال بالكبار، هل تعلمون بماذا كانوا سيوصونهم؟

"أبي الغالي، أمي الحنون، صبَّركم الله على فراقي.. أوصيكم بأن ترسلوا ذلك الجراب القديم المحشو بالأوراق والخِرق البالية والتي اعتدت ركلها أنا وأصدقائي، إضافة إلى قطعة سكاكر كانت جل ما استطعت جمعه في العيد، ولكن من شدة فرحي بها قررت الاحتفاظ بها وعدم أكلها والاكتفاء بالنظر إليها خلسة كل مساء قبل النوم على أمل أن أذوق طعمها في أحلامي.. أوصيكما -أمي وأبي- أن ترسلا الكُرة وقطعة السكاكر لأصدقائي أطفال مضايا والزبداني، لأصدقائي أطفال كفريا والفوعة، لأصدقائي أطفال حمورية ومسرابا ودوما وسقبا، لأصدقائي أطفال كوباني والقامشلي وعفرين وعامودا.

أبي الغالي أمي الحنون، لا تحزنوا؛ فإني في مكان أفضل مما كنت فيه، ومع صحبة أجمل ممن كنت معهم وتعرفت على مجموعة من الأصدقاء.. أطفال بعمري سلكوا طريقي نفسه للوصول إلى هنا.. محمد وموسى وعيسى، عمر وعلي والحسين وكاوا، عائشة ومريم وزينب ونوروز، نلعب في حدائق جميلة وكُرات جديدة ولدينا الكثير من السكاكر، وكل ما تمنينا أن نحصل عليه يوماً، تجمعنا المحبة والسعادة التي فُقدت عندكم، لذا لا تحزنوا.

أمي وأبي الغاليين، نحن الصغار لم ولن نعترف بهلوساتكم أنتم الكبار، فكلنا من آدم وآدم من تراب، ومجنون من يحاول عبثاً أن يفرز حبات التراب".

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد