لم تتجاوز الثلاثين من عمرها ولكن ما عاشته "أم روشي" في الشهور الأخيرة، كان كفيلاً بجعلها تبدو أقرب إلى امرأة كهلة، فقد خُطفت السيدة العراقية وأبناءها الأربعة من قبل عناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والتهمة الموجهة لهم: الانتماء للديانة الإيزيدية.
ولكن يبدو أن شبح الموت والقتل الذي ارتبط باسم هذا التنظيم ليس المصير النهائي الذي ينتظر من قامت بخطفهم من الإيزيديين في العراق، خاصة أولئك من من "سنجار" شمال العرق ذات الأغلبية الإيزيدية، فقد وجد أهل "أم روشي" سمساراً عربياً ساعدهم على التفاوض مع عناصر من داعش مقابل مبلغ مالي يدفعونه.
المفاوضات التي استغرقت نحو شهر انتهت بتحديد مبلغ 3500 دولار أمريكي دفعه أهل أم روشي، وعن ذلك تقول لـ"عربي بوست" إن "هذا المبلغ كان مقابل عملية هروبي واثنين من أولادي من سجون داعش التي قضت فيها أكثر من عام، حيث تم نقلنا من تلعفر في العراق إلى منطقة الميادين في سورية وأخيراً إلى تركيا".
رحلة "أم روشي" التي استغرقت أسبوعان لم تكن بالسهلة، وما مرت به يزيدها خوفاً على مصير بقية أبنائها الذي يجري التفاوض حولهم اليوم.
التكلفة المادية لكل إيزيدي!
إن انتشار عمليات بيع وشراء للإيزيديين مقابل مبالغ مالية ضخمة، أعطى الأهالي أملاً بلقاء مخطوفيهم مرة أخرى.
حيث خطفت داعش نحو 5.838 شخصاً إيزيدياً تم تحرير 2058 منهم 779 امرأة و979 طفلاً و300 رجلاً، فيما لا يزال نحو 3.780 شخصاً تحت قبضة التنظيم.
وتعمل شبكة من المهربين في العراق على تحرير النساء والأطفال الإيزيديين من قبضة "داعش"، وأشار أحد المهربين رفض ذكر اسمه، أن "تكلفة شخص إيزيدي تتراوح بين 6 آلاف دولار حتى 35 ألف دولار، الأمر خطير ومخيف وخاصة أنه قتل ما لا يقل عن ثلاثين مهرباً خلال عقد الاتفاقات مع عناصر من داعش".
وأضاف "إن لم يكن بمقدور أهل المخطوف دفع الفدية، تحاول العشائر المساعدة".
وأشار المصدر إلى وجود شخصية إيزيدية لها دور كبير في تحرير الإيزيديين وهو معروف باسم "أبو شجاع الدنايي" إيزيدي أيضاً.
يتمتع الدنايي بعلاقات اجتماعية واسعة ويفاوض السماسرة وهو يشكل صلة وصل بينهم وبين أهالي المخطوفين، يعمل أولاً على تحديد مكان المخطوف والاطمئنان على وضعه ومن ثم العمل على توفير المبلغ المطلوب، وهو يولي الأولوية لتحرير الفتيات الشابات العذراوات اللواتي تعتبرن الأغلى ثمناً عند التنظيم.
ونفي المصدر وجود أي جهة حكومية أو منظمة إنسانية تساعد العائلات بدفع الفدية معللين ذلك بأن "هذه الأموال تذهب لمساعدة وتقوية داعش".
مخيمات الموت أفضل من الموت!
شهدت سنجار موجة نزوح كبيرة وخاصة بعد أن قتل على يد داعش نحو 2500 شخصاً حسبما ذكر حسام عبد الله علي، رئيس المنظمة الإيزيدية للتوثيق في حديثه لـ "عربي بوست" وأضاف أن "هناك العشرات ممن استطاعوا الهروب من داعش ولكنهم ماتوا على سفوح الجبل بسبب شدة الحر والجوع والعطش، بالإضافة إلى أن نحو 90 طفلاً قضوا نحبهم حيث لم تحتمل أجسادهم الظروف الصعبة في الجبال".
ومن 100 إلى 150 شخص إيزيدي يهاجر يومياً بشكل غير نظامي إلى تركيا حسب ما قاله علي، وأضاف "منهم من هرب إلى مخيمات اللجوء في دهوك وزاخو والسليمانية التي تفتقر إلى أبسط الخدمات الإنسانية وأصبح متعارف عليها باسم مخيمات الموت ولكنها في نهاية الأمر أفضل من الموت على يد داعش".
وبلغ عدد النازحين من الإيزيديين 400,000 ألف نازحا، كما تم اكتشاف 12 مقبرةً جماعية في سنجار، حسب إحصائية المديرية العامة لشؤون الإيزيدية في وزارة الأوقاف في اربيل، لشهر أغسطس/آب من العام الجاري.