المنوفية، هذه المحافظة التي تقع في قلب دلتا نهر النيل بمصر، لها صورة ذهنية سلبية في معظمها، لدى قطاع واسع من المصريين في باقي المحافظات.
فالمحافظة معروفة بانتماء عدد كبير من رؤساء مصر، والوزراء والمسؤولين التنفيذيين، فضلاً عن قيادات الشرطة والداخلية إليها.
فالمنايفة (نسبة إلى المنوفية) تلتصق بهم حكايات وصور ذهنية، لدى الشعب المصري، ولأن الثقافات الشعبية تعتمد أساساً على التعميم، وعدم التثبت، فقد نال المنوفية حظ وافر من الصورة السلبية.
هؤلاء الذين وُلدوا في المنوفية ونشأوا فيها، عليهم أن يتحسسوا مواضع أقدامهم قبل الحديث عن أصلهم أمام أبناء المحافظات الأخرى، وأن يتوقعوا ردود فعل غير محسوبة من الآخرين.
أن تكون منوفياً.. عليك أن تتحمل نظرات استنكار واستهجان لمجرد ذكر ذلك، فأنت بنظر الآخرين مَن حكمت مصر أكثر من 40 سنة! وأنت من تتحكم في كل الوزارات والمناصب السيادية! وأن الجيش والشرطة وُجدا خصيصاً للمنايفة!
أن تكون منوفياً.. عليك أن تتجهز لاستقبال وابل من الأمثال الشعبية المخصصة للمنايفة، بدايةً من "المنوفي لا يلُوفي ولو أكّلته لحم كتوفي"، و"إن قابلك حنش فَوّته وإن قابلك منوفي مَوّته"، وصولاً إلى أمثال الحكم والسلطة "الصعايدة بنوا مصر والمنايفة حكموها"، وكم كبير من الأمثال.
أن تكون منوفياً.. عليك أن تهيئ نفسك لتلقي اتهامات البخل والحرص، حتى وإن كان محدثك لم يتعامل معك، أو لم يتعامل مع أحد من سكان المحافظة بالأساس، لكنه العقل الجمعي والثقافة الشعبية التي تجعل كلمة "منوفي" مقترنة لديهم بالحرص.
أن تكون منوفياً.. عليك أن تتحمل وابلاً من النكات السخيفة، حول المحافظة وأبنائها وتطلعاتهم وعشقهم للجيش والشرطة، مثل: "منوفي طلع على المعاش حب يحسّن دخله فتح كشك شرطة عسكرية". ومع أن الصعايدة يحتلون المرتبة الأولى في موضوع نكات المصريين، إلا أن المنايفة لهم حظ وافر أيضاً.
أن تكون منوفياً.. قد يدفع بعض أبناء المحافظة إلى إخفاء انتمائهم، وإن ذكروا ذلك فمن باب أنها موطن الآباء والأجداد، لكنهم نشأوا في محافظات أخرى فذكرهم لأصولهم المنوفية فضلاً عما ذكرناه آنفاً، قد يقفا عائقاً في أحيان كثيرة في أمورهم العملية والحياتية.
أن تكون منوفياً.. عليك أن تبذل أوقاتاً طويلة، في شرح معنى المنايفة وكيف كان وصولهم للحكم، وطبيعة التركيبة السكانية للمحافظة، كما عليك إن كنت في مجتمع عربي أن تشرح للآخرين، سبب نظرة المصريين لهذه المحافظة تحديداً.
أن تكون منوفياً.. عليك أن تتحمل رؤية الآخرين عن أبناء المحافظة، مع أنها أخرجت عظماء في العلم والفن والثقافة والأدب والعلوم الشرعية وغيرها من المجالات، لكنها باتت أسيرة صورة عساكر الجيش والشرطة.
أن تكون منوفياً.. فأنت في النهاية مصري، عانى ما عاناه كل المصريين على مدار عقود، من ظلم وتهميش وتدمير للإنسان، على يد الحكم العسكري حتى وإن كانوا من أبناء المنوفية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.