تتعرض مدينة حلب لعمليات تدمير شاملة، فالمآذن والأسواق والأحياء تُدمر بينما يُقتل آلاف الأشخاص علنا. هناك في سوريا أزقة مزدحمة في الأحياء القديمة لدمشق، فقد يصادفك رجل يعزف على الرصيف وعلى مقربة منه حرفي يزخرف طاولة خشبية منحوتة بالعاج.
هذا هو الجانب الآخر من سوريا الذي تريد رانيا قطف أن تنقله للعالم. فهي تتجول في شوارع العاصمة السورية حاملة معها الكاميرا، في محاولة لتوثيق كل شبر من مدينتها من خلال ملامح الناس، وفق ما نقل موقع سي إن إن الأميركي.
أود البقاء بعيدة عن كل ما هو سلبي
استوحت رانيا فكرة إنشاء صفحة "هيومنز أوف دمشق" من فكرة مماثلة في صفحة على فيسبوك "هيومنز أوف نيويورك". وذلك لتسليط الضوء على مدينة تعرضت في معظمها للدمار الذي يحركه العنف المنتشر في أجزاء أخرى من البلاد.
تنشر رانيا كل يوم صورا للسكان في الأسواق، وتضيف صورا قديمة وجديدة للمحلات التجارية والأماكن المفضلة لسكان دمشق. وتقول رانيا إن ما تقوم به يعتبر وسيلة جديدة لتذكير الناس بالتاريخ والثقافة الغنية للمدينة.
وأضافت رانيا خلال حوار لها مع "سي إن إن" عبر سكايب "أود البقاء بعيدة عن كل ما هو سلبي. لدي مسؤولية تجاه أهل دمشق، فالعديد منهم لا يحظى بالتقدير. فالحرفيون، على سبيل المثال، يُنظر إليهم على أساس أنهم صنّاع ملاعق خشبية داخل البلاد ولاجئون محتملون خارجها".
يعيش في دمشق منذ ما يزيد عن 100 سنة
ومن بين الصور المفضلة لدى رانيا، هي صورة أبو جاسم كبتول، الذي قالت إنه يبلغ من العمر أكثر من 100 سنة، "ويعيش في دمشق يعرف المدينة أكثر من أي شخص آخر. ومن المؤكد أنه يعرف الحلول لكل مشاكلنا".
اتخذت قطف، التي درست علوم الغذاء، التصوير الفوتوغرافي هواية لها منذ بضع سنوات. وهي لا تفضّل أن تُوصف بأنها "مصور"، بل تعتبر نفسها "موثقا" لوجوه سكان المدينة وآثارها، وذلك لأنك "إذا قلت بأنك مصورا في سوريا، فقد يظن الناس أنك تصور حفلات الزواج وتقيم جلسات تصوير، وأنا أكره ذلك".
وقالت قطف إنها حصلت على تصريح تصوير من وزارة الأوقاف السورية للتصوير داخل المساجد، وحصلت على تصريح آخر من المديرية العامة للآثار والمتاحف. وأضافت قائلة "أنا شخص اجتماعي جدا، لذلك، أنا أعرف كيف أجعل الناس مرتاحين قبل أن أسألهم عن حياتهم الشخصية. يمكنني قضاء ساعات معهم قبل أن يخبرونني أشياء أستطيع نشرها على فيسبوك".
دماء كل السوريين ثمينة
وقالت رانيا إنها عادة ما تطلب إذنا من الجنود إذا أرادت التقاط صور بالقرب من واحدة من عديد الحواجز العسكرية التي أقيمت في المدينة. وتقول رانيا أيضا إن بعض الناس انتقدوا تركيزها على مواضيع بعيدة كل البعد عن واقع الحرب في البلاد، وقد ينتقدونها أكثر إذا ما أعربت عن رأيها بشأن الصراع، إذا تقول "بالنسبة لي، إن دماء كل السوريين ثمينة، لكن كلما ذكرت ذلك، يتم اتهامي بأني أعيش في عالم العجائب، فهم يقولون إنها حرب، ولذلك يجب أن أختار أحد جوانبها".
قُتل مئات الآلاف من الناس وشرد الملايين منذ بداية الصراع في سوريا سنة 2011. كما أن عديد المواقع الأثرية في سوريا إما تضررت جزئيا أو دمرت كليا، بما في ذلك تدمر، التي تحتوي مسرح هواء طلق على بعد 200 ميلا من دمشق، والجامع الكبير في حلب الذي تأسس في العصر الأموي وأعيد بناؤه في القرن الثاني عشر. وقالت قطف إن الحرب علمت الناس أن يقدروا التاريخ وعلم الآثار لأنها مهددة بالدمار يوما ما.
ومع تواصل تعرض حلب للقصف، قدمت قطف النصيحة للسوريين: "تعرفوا على تاريخ المدينة، حتى تتمكنوا من إعادة بنائها لأن المدينة هي انعكاس لكم وأنتم انعكاس لها … دمرت حلب ثلاث مرات في السابق وأعيد بناؤها، لذلك، لا يزال هناك أمل في إعادة بناء المدينة".
– هذا الموضوع مترجم عن موقع CNN. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.