عندما وصل مسلمو الأندلس وأفريقيا لأمريكا قبل “كريستوفر كولومبوس”!

يتبين لنا مما ورد، وحسب كثير من الروايات التاريخية الأخرى، أنه رغم الدعاية الضخمة التي بذلتها البرتغال للترويج لوصولهم للعالم الجديد قبل غيرهم، إلا أن مسلمي الأندلس وأفريقيا قد وصلوا قبل "كريستوفر كولومبوس"، وأقاموا فيها واختلطوا مع سكانها وتركوا أثاراً فيهم تدل عليهم

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/24 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/24 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش

استناداً لعدد من المصادر التاريخية، فإن مسلمي الأندلس ومالي وغينيا وغيرهم، قد وصلوا للعالم الجديد "أميركا" قبل"كريستوف كولومبوس" بقرون، وقد نقلت المصادر التاريخية أخباراً عن العديد منهم، ودلّت عليهم الآثار الكثيرة التي تركوها بين سكان تلك المناطق.

بعد الفتح الإسلامي الأول لشمال إفريقيا في عهد الدولة الأموية، وقف الفاتح "عقبة بن نافع" رحمه الله عام (63هـ/682م) على شاطئ المحيط الأطلسي وقال (اللهم لو كنت أعلم أن وراء هذا البحر أرضاً لخضته إليها في سبيلك حتى أُعلي عليها كلمة لا إله إلا الله) وهذه تدل على أن المسلمين الأوائل كانوا حريصين على اكتشاف ما وراء بحر الظلمات وهو المحيط الأطلسي.

كما ذكر المؤرخ "المسعودي" المُتوفى سنة (346هـ / 957م) في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" أن البحارة المسلم "أبو حامد الغرناطي" من قرطبة واسمه "الخشخاش بن سعيد الأسود" أبحر عبر المحيط الأطلسي مع بعض المغامرين وعادوا عام 889م وقالوا لأهل الأندلس أنهم وجدوا أناساً في الأرض التي اكتشفوها.

كما ذكر المؤرخ المسلم "أبو بكر بن عمر القوطية"، أنه أثناء حكم الخليفة المسلم للأندلس "هشام الثاني" أبحر رحالة مسلم ويدعى "أبو فروخ الغرناطي"، من قادس في فبراير عام (389هـ/999م) إلى المحيط الأطلسي، حتى نزل بإحدى جزر كناري الكبرى، ثم أتم إبحاره غرباً، إلى أن رأى وسمى جزيرتين هما "كابراريا" و"بلويتانا" ثم عاد إلى الأندلس في نفس العام في رحلة استمرت أشهراً.

ولعل القصة الأكثر إثارة في هذه الرحلات هي ما نقلته بعض المصادر التاريخية عن أبي بكر الثاني إمبراطور مالي والذي يُتوقعُ أنه قد وصل هو بنفسه أو بعض مرافقيه إلى أميركا قبل كريستوفر كولومبوس بقرنين من الزمان، فبعد اعتلائه منصب الإمبراطور بعام، قرر أبو بكر الثاني أن يتخلى عن العرش عام (710هـ/1311م)، ويُبحر في رحلة بحرية لعبور المحيط الأطلسي والوصول للصفة المقابلة، فجهز حملة من 200 سفينة يصحبها 2000 زورق، ومضت الرحلة في طريقها عبر المحيط.

من قام بسرد قصة مغامرة "أبي بكر"، هو خليفته وأخوه الأصغر "مانسا موسى"، وذكرها ابن فضل الله العمري -رحمه الله- في كتابه (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار)، وهنا يتحدث "مانسا موسى" عن أخيه فيقول "كان الذي قبلي لا يصدق أنّ البحر المحيط لا يمكن الوقوف على آخره، وأحبّ الوقوف على هذا وولع به، فجهّز مئتي مركب مملوءة من الرجال وأمثالها مملوءة من الذّهب والماء والزّاد ما يكفيهم سنين، وقال للمسفّرين فيها: لا ترجعوا حتى تبلغوا نهايته، فساروا وطالت مدة غيبتهم لا يرجع منهم أحدٌ حتى مضت مدة طويلة، ثم عاد مركب واحد منها، فقال قائدهم: سرنا زماناً طويلاً حتى عرض لنا في لجّة البحر وادٍ له جرية قوية، وكنت آخر تلك المراكب، فأما تلك المراكب فإنها تقدمت، فلما صارت في ذلك المكان ما عادت ولا بانت، ولا عرفنا ما جرى لها، وأما أنا فرجعت من مكاني ولم أدخل ذلك الوادي، قال: فأنكر عليه، ثم إن ذلك السلطان أعدّ ألفي مركب، ألفاً له وللرجال استصحبهم معه، وألفاً للزاد والماء ثم استخلفني وركب بمن معه في البحر المحيط وسافر فيه، وكان آخر العهد به وبجميع من معه وانتقل إليّ الملك".

وتذكر بعض المصادر التاريخية، أن "أبا بكر" قد حمل السفن بمؤونة غذائية مجففة تكفي لعامين، بالإضافة لأطنان من الذهب لمقايضتها مع سكان ذلك العالم الذي يركن على الناحية الأخرى من المحيط الأطلسي، ولأن "أبا بكر" لم يكن واثقاً من عودته من هذه الرحلة، فقد تنازل عن الحكم لأخيه، ومضى في رحلته.

ذكر "كولومبوس" في أوراقه أنه عندما كانت سفينته مبحرة قريباً من الساحل الشمالي الشرقي لكوبا، رأى مسجداً على قمة جبل جميل، كما وُجِدت أطلال المساجد والمآذن مع كتابات من القرآن الكريم في كوبا والمكسيك، وذكر بعض المؤرخين أنه من المتوقع أن تكون هذه المساجد قد شيدها البحارة الأفارقة الذين وصلوا لأميركا، أو مسلمو الأندلس الذين طُردوا من الأندلس بعد دخول النصارى لها.

كما يؤكد "كولومبوس" أن الأفارقة قد وصلوا لأميركا قبله، ودليله في ذلك أن سكان أميركا الأصليين قد تعلموا كيفية إشابة وصهر الذهب ومزجه بالمعادن الأخرى، وأضاف "كولومبوس" أن تلك طريقة إفريقية خالصة، ومن غير المعقول أن يكون سكانُ أميركا قد تعلموها بحرفية إفريقية بمحض المصادفة.

وفي مقالة بعنوان (الوجود الإسلامي في الأميركتين قبل "كريستوف كولومبوس")، قال المؤرخ الدكتور "يوسف مروة": "أثناء رحلة "كولومبوس" الثانية أخبره هنود هايتي، أن أناسا سود البشرة جاءوا إلى الجزيرة قبل وصوله، ولإثبات ذلك أحضروا له رماحاً لهؤلاء المسلمين السود، وكانت رؤوس تلك الرماح مغطاة بمعدن أصفر محتوٍ على نسب معينة من الذهب والفضة والنحاس، وهي نفس النسب التي توجد في المعادن الأفريقية في غينيا".

ويضيف الدكتور "مروة": "رأى كولومبوس نساءً يلبسن أغطية للرأس ملونة ومنسوجة بالقطن المتناسق وهي تشبه أغطية الرأس والمآزر والتنانير والفساتين التي كان يلبسها مسلمو إسبانيا وشمال إفريقيا".

كما يتحدث الدكتور "مروة" عن 565 اسماً لقرى ومدن وجبال وأنهار وبحار في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، وكلها ذوات أصول إسلامية وعربية، وسميت بهذه الأسماء قبل وصول "كولومبوس".

كما وينقل الدكتور "مروة" عن الدكتور "باري فيل" الذي ألف كتاباً عنونه بــ (القصة الأميركية) عن وجود مدارس إسلامية في عدة مناطق من أميركا ترجع إلى تاريخ (700 -800) للميلاد وُجد فيها نقوش بالخط الكوفي القديم، وقد تضمنت العلوم المنقوشة: الكتابة والقراءة والحساب، والدين والتاريخ والجغرافيا، والرياضيات والفلك وعلم الملاحة.

يتبين لنا مما ورد، وحسب كثير من الروايات التاريخية الأخرى، أنه رغم الدعاية الضخمة التي بذلتها البرتغال للترويج لوصولهم للعالم الجديد قبل غيرهم، إلا أن مسلمي الأندلس وأفريقيا قد وصلوا قبل "كريستوفر كولومبوس"، وأقاموا فيها واختلطوا مع سكانها وتركوا أثاراً فيهم تدل عليهم، وكما روج غيرنا لإنجازه، فإنه من الواجب علينا أن نروج لإنجازات من سبقونا من البحارة المسلمين الذين وصلوا لذلك العالم قبل غيرهم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد