مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، سطع نجم الكثير من النجوم الذين أتاحت لهم هذه الوسائل الفرصة الكاملة لعرض توجهاتهم ونقد توجهات أخرى، وفي كثير منها عرض مواهبهم، إما في المزح والهزل والفكاهة، وأحياناً كثيرة في نقد الحياة الاجتماعية بطريقة السخرية.
قنوات التليفزيون
سطع بشكل لافت نجوم السخرية من القرارات الحكومية ومن الشخصيات القيادية في الدول العربية بشكل كبير في لبنان "بس مات وطن"، وبعدها برنامج "البرنامج" لصاحبه باسم يوسف الذي تفنن في نقد الرئيس الأسبق محمد مرسي، قبل أن يغلق أبواقه، ويصم آذانه عن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
أيضاً نجح الإعلامي أحمد البشير، من العراق، في تسليط الضوء على مشكلات الوطن ونقده بطريقة ساخرة، تراوحت ما بين سخرية من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلامياً بـ"داعش"، وصولاً إلى السخرية من المسؤولين في البلاد، وإظهار التضارب في التصريحات.
كما نجح DNA الذي يقدمه الإعلامي نديم قطيش على تليفزيون المستقبل، يعد فاصلاً وليس برنامجاً، حيث تتراوح مدد البرنامج بين 11 و14 دقيقة، يناقش البرنامج الأحداث بطريقة ساخرة، ويعلن انحيازه لقوى 14 آذار ومعارضته للنظام السوري وممارسات حزب الله.
"جوشو" الاسم الأشهر حالياً، سطع نجم يوسف بعد ثورة 25 من يناير/كانون الثاني، استطاع بأسلوبه الرائع والسلس وحركاته، وكذا توليفة مُحكمة من (الإيفيهات والقفشات) من استقطاب جمهور واسع من الشباب العربي، لكن نجاح يوسف كان بشكل كبير بعد انقلاب 30 من يونيو/حزيران، الذي سيخرج أجمل وأقوى ما يملكه يوسف والذكيري، استطاع يوسف اليوم أن يقدم برنامجه "جوشو" على فضائية العربي، وما زال يلاقي نفس النجاح في نقده لسياسة الدولة المصرية.
السوشيال ميديا المتنفس
ليس الحال كما هو عليه في لبنان أو مصر من وجود كبير لقنوات فضائية ستمنح للشباب الفرصة للظهور، فأغلب الدول العربية ما زالت الدولة هي المتحكم في الخبر الداخلي، لكن هذا لم يمنع ظهور نجوم ومشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي، ولعل أبرز هذه الوسائل موقع "يوتيوب".
بالمغرب سطع عدة نجوم للسوشيال ميديا وقنوات اليوتيوب، ولعل أبرزهم محمد التسولي استلهم تجربته أيضاً من باسم يوسف، وبدأ في إعداد برنامجه على موقع يوتيوب، يعتمد التسولي على أدوات بدائية للغاية في إعداده، ويرجع ذلك لعدم وجود ممول أو خبراء لإنتاج البرنامج.
سيكوز يفرين، برنامج على موقع اليوتيوب لصاحبه رضوان أسرموح، برنامج يناقش بالتدقيق وينتقد بكل سخرية الواقع السياسي والاجتماعي للمغرب، الذي استطاع أخيراً أن يتحصل على أكثر من متابعة 2.5 مليون مشاهد لأغنيته السياسية "المسؤول".
استطاع أيضاً عبد الله الشريف، الشهير بحديثه الصعيدي، اليوم أن يقدم على قناة اليوتيوب برنامج تحت اسم "الشاب أشرف".
"ألش خانة" من بين أهم البرامج الاجتماعية التي نجحت في حجز مكان لها على قلوب الشباب والمتتبعين، "ألش خانة" يختلف بشكل كبير عن باقي البرامج الأخرى، فقد نجح مقدموه في نقد سياسة الدولة المصرية بطريقة علمية، كما اعتمد البرنامج على دراسة التجارب السابقة وسبر أغوار التاريخ؛ لينجح في تقديم دراسة نقدية للواقع العربي والمصري على الخصوص.
فقدم الألشخانجي سلسلة كشوف العذرية للعسكر المصري وسلسلة أخرى عن الحرب الأهلية وسلسلة أخرى عن العشرية السوداء في الجزائر.
لم يكن "جوشو" ولا "الألشخانجي" وعبد الله الشريف الوحيدين، فقد نجح آخرون في البروز بشكل كبير، واستقطاب متتبعين كثر، ولعل أحمد البحيري أحد هؤلاء، هذا الأخير يقدم برنامجه في انتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية لمصر بطريقة ساخرة، راصداً في ذات الآن تضارب تصريحات المسؤولين المصريين، كما يعالج بعض المواضيع الإسلامية بطريقة ذكية.
كما نجح آخرون في السودان أمثال "يا إخوانا" الذي يقدمه الشاب السوداني محمد فتحي، يتناول أيضاً الموضوعات السياسية.
"أبو سن"، أحد نجوم السوشيال ميديا، لا يمكن أن تذكر "أبو سن" ولا تذكر قصصه الغرامية مع كريستينا الأميركية على برنامج "يو ناو"، العلاقة التي أثارت الكثير من الانتقادات، بل أوصلت "أبو سن" حتى دهاليز الأمن.
يستقطب طارق بنحريف على صفحة بالفيسبوك عدداً كبيراً من الشباب المغربي، طارق يناقش بشكل من السخرية الحياة الاجتماعية والتناقضات بين القول والفعل، معجبو طارق يدافعون عنه بدعوى فتحه لعدة مواضيع أصبحت متعايشة في مجتمعنا، ولا تزال مغلقة وممنوعاً الحديث عنها، بينما يصر منتقدوه على أن طارق لا يحترم القيم والأخلاق المغربية بحديثه عن الخمر والزنا والعلاقات خارج مؤسسة الزواج.
الجهل بالقوانين
يقر جميع الفاعلين بأن مشكلة الكثير من هؤلاء الشباب المستفيدين من تلك البرامج أنهم يجهلون بشكل تام قوانين وعقوبات ما يسمى الجرائم الإلكترونية، وهذا الجهل يجعلهم يستمرون في الإسفاف وإساءة السلوك، وعرض المقاطع التي تعرضهم للمحاكمة، لما فيها من انتهاكات أخلاقية وسلوكية واضحة وصريحة.
وما يؤكد هذا ظهور قوانين بالبلدان العربية تعاقب مرتكبي الجرائم الإلكترونية، التي من بينها التشهير والإسفاف والمس بنظم الحكم والدين والأخلاق، فيما أطلقت عليها المملكة السعودية نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وكثير ممن حوكم بالمغرب بتهم التشرميل فقط لنشر صوره ممسكاً بسيف أو أداة حادة.
قد يكون للظاهرة سلبيات كثيرة، لكن لن ينكر أحد إيجابياتها الكثيرة على المجتمعات العربية، وخاصة في صفوف الشباب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.