كنت كوميديانة ثم أصبحت أُماً.. الآن أواجه الكارثة

إنّها تجربة غريبة، بعد كل شيء، لدي ابنة بارعة الجمال، وسليمة، وأستيقظ كل يوم إلى جوار شريكٍ يحبني ويدعم شغفي، ويُضحكني. ماذا تحتاج سيّدة من الحياة أكثر من هذا؟ هرمونات متزنة، هذا ما هو قد تحتاجه، هرمونات متزنة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/21 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/21 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش

أنا أُمٌ جديدة، والأمر صعب، لماذا لا يتحدّث أحد عن مدى صعوبة الأمر؟
أو ربّما تحدثوا وأنا لم أصغِ، وحجبت رؤيتي التخيّلات المريحة لرحلات ديزني وقضاء ليلة السبت في بناء قلاع الوسائد. أياً يكن الأمر، أنا أمرّ بأزمة هويّة كبيرة في محاولاتي اكتشاف هويّتي كأمّ.

حملت بعد أقل من ثلاثة أشهر من بدء العلاقة، في أقل من عام انتقلت من كوني فنانة كوميدية تُلقي نكاتاً جنسية، إلى أُم تستعد للعناية بإنسان صغير.

بعد تبادل الحديث مع أمهات جديدات أخريات، وأمهات مخضرمات، تعلّمت أن اكتئاب ما بعد الولادة لا يميّز، يُمكن أن يضربك في أي لحظة بغض النظر عن تخطيطك للحمل من عدمه.

عندما وُلدت ابنتي أدركت أنني كنت مكتئبة طوال فترة الحمل، شعرت وكأنني امرأة جديدة عندما خرجت من رحمي، وبسبب هذا، ظننت أننّي في أمان من حالة الحزن المُعجزة التي نادراً ما يتكلم عنها أحد، أدركت أنني ما زلت مكتئبة عندما استيقظت باكية عدّة أيامٍ متتالية، مقتنعة بأنني أغرق في حياتي الخاصة، بدا أن الأمر قد جاء من العدم، لكنّه كان فقط مختفياً وراء حماسة إنجاب طفلٍ جديد.

أنا عادة أعرّف نفسي بأنني إنسانة متفائلة بلا حدود؛ لذا كان يجب أن تُنذرني مبكّراً نوبات الغضب، والنظرة السلبية إلى المستقبل. استغرق الأمر عدّة أسابيع لأتقبّل فكرة الحزن، وما زلت أحاول التكيّف معها.

إنّها تجربة غريبة، بعد كل شيء، لدي ابنة بارعة الجمال، وسليمة، وأستيقظ كل يوم إلى جوار شريكٍ يحبني ويدعم شغفي، ويُضحكني. ماذا تحتاج سيّدة من الحياة أكثر من هذا؟ هرمونات متزنة، هذا ما هو قد تحتاجه، هرمونات متزنة.

لم أشعر بهذه الدرجة من الضبابية التي تلفّني الآن، منذ أكثر من 4 أعوام، وكنتُ قد نسيت تقريباً إحساس الحزن. عندما لا أكون مكتئبة، وأعيش في اللحظة الحالية، تبدو الحياة صافية متدفقة مثل نهر. وعندما أعلق في الأخدود، أركض في الأنحاء مرتبكة، أخوض في تيارات الحياة دون أن أعيش.

إنّه لأمرٌ مذل أن أعود إلى هنا مرة أخرى، وأن أرى الأشياء من جانبٍ مختلف تماماً عن جانبي الطبيعي. أزيّف الابتسامات وأؤدي "رقصة" الرضا المجتمعية. سعيدةٌ للغاية؛ لأنني ميّزت الأعراض أسرع هذه المرة من المرة الماضية، لكن هذا لا يهوّن عليَّ أمومتي الجديدة. التوتر والاكتئاب يأتيان عندما تقاوم التغيير، وهو ما كنت أفعله؛ لأنني في منطقة مخيفة وغير مألوفة. لكن الأمومة هي أن ترتاح لغير المريح.

ومع أنني اختبرت قدراً هائلاً من الآلام المتزايدة، والكثير من اكتشاف النفس في العشرينات من عمري، إلا أنّي ظللت قادرة على معرفة مَن أنا، وكيف أعرّف نفسي، كنت فتاة تحب المرح تستمتع بإضحاك غرفة بأكملها على دعابة جنسية ماهرة، ولم أعتذر عن شخصيتي.

الآن، في عامي الواحد والثلاثين، أشعر بأنني تائهة تماماً، وأجرّب عباءات مختلفة لأنواع مختلفة من الأمهات اللواتي التقيت بهن، كنت دائماً فتاة منطلقة أكثر من كوني ربة بيت، إلا أنني قضيت أسبوعي الأول كأم وربة منزل في غسل الملابس، وشراء الخضراوات ومسح مؤخرة ابنتي، أعددت لشريكي الإفطار والغداء والعشاء كل يومٍ، وكنت أحاول جاهدة أن أكون ربة بيتٍ "مثالية".. كنت تعيسة.

عندما كنت بلا أطفال، قضيت أوقات فراغي في صالة الألعاب الرياضية، وتسمير البشرة، والمنتجعات وتناول الوجبات، والأشياء التي استحوذت على القلب مني انزاحت جانباً إذ وضعت احتياجات طفلي وشريكي أولاً، لكن ما عليّ تذكره هو أن أعتني بنفسي، إن لم أعتني بنفسي، لن أقدر على الاعتناء بأحد.

كذلك كان شكل جسدي منطقة نزاعٍ مستمرة العام الماضي؛ إذ زاد وزني 65 رطلاً أثناء الحمل، كنت واهمة في تخيلي لمجريات لفترة الحمل، ظننت أن طعامي كله سيكون طبيعياً، وأننا سأمارس يوغا الأمومة يومياً، استعداداً لولادة طبيعية وهادئة، وكنت مخطئة تماماً.

كل يومٍ، لمدة 39 أسبوعاً، كان شعوري أشبه بأسوأ دوار خمرٍ في العالم، ذلك الدوار الذي يصيبك بغثيان تامٍ لكنك لا تستطيع التقيؤ، كانت طاقتي صفراً، وجسدياً لم أكن أحتمل أكثر من الاستلقاء على الأريكة والتهام البيتزا.. كنت فظة.

عندما آكل جيداً، يتحسن شعوري، لكنني مؤخراً عقدت صفقاتٍ مع نفسي، واختلقت أعذاراً للكسل وقلة الحماس، آكل طعاماً سيئاً؛ لذا تنتابني الأحاسيس السيئة، إنني حرفياً أغذي اكتئابي عن طريق اللجوء إلى الخيارات السهلة غير الصحية، وهذا مجرد مثالٍ واحد على عدم اعتنائي بنفسي.

لا تجعلني أي من هذه الحقائق أماً سيئة، وإنما تجعلني بشراً، أنا فقط بشر، وأن تصبح والداً، ذلك تحوّل هائل في حياتك، الليالي الساهرة والأيام المزعجة هي طقوس عبورٍ تستلزم الصبر والتعاطف مع نفسك؛ لكي تنجو بسلام.
لأننا بشر، نميل إلى الاستحياء من المشاعر التي تجعلنا بشراً، نستجيب بجملة "أنا بخير" الأفلاطونية عندما نُسأل عن حالنا، بدلاً من طلب المساعدة، أو الإرشاد إلى الضوء في نهاية النفق، الكل يمر بفتراتٍ ضبابية في مرحلة من حياته، مشاركة تلك التجارب يُساعدنا في فهم بعضنا، والشعور بوحدة أقل، وتخفيف بعض العراقيل الأكثر صعوبة التي قد نواجهها.

مُصادقة أمّهاتٍ أخريات ساعدني كثيراً وأشعر بأنني أقرب إلى معرفة هويتي كأم، أما الآن، فقد وجدت العزاء في نعمة ابنتي الحقيقية، مُبتغاي الحالي، وهدفي اليومي، هو أن أجعلها تضحك، هي أفضل جمهورٍ عندي، وقد بثّت حياة جديدة في نكات البراز التي ألقيها.

أن تكوني أماً ليس ذلك سهلاً، لكن الابتسامات الناعسة، والأحضان اللانهائية، وإمكانية أن أحرجها أمام أصدقائها يوماً ما، كل هذا يجعل الأمر يستحق.

هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد