يبدأ تقييم البنك الدولي للاقتصاد العالمي بشكل جيد: "نحن في خضم انتعاش دوري واسع القاعدة، من المتوقع أن يستمر عدة سنوات". لا يقف عند هذا الحد؛ بل يتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي السنوي إلى 3.1٪ هذا العام ويبقى عند هذا المستوى أو أقل قليلاً حتى عام 2020.
ويلاحظ أنه، لأول مرة منذ الأزمة المالية لعام 2008، تشهد كل منطقة رئيسية بالعالم زيادة في النمو الاقتصادي بفضل المزيد من الاستثمارات والصناعة والتجارة وارتفاع أسعار السلع الأساسية. وبعبارة أخرى، تعمل "في أو بالقرب من قدرتها الكاملة"، وفقاً لما ذكره تقرير المنظمة هذا الأسبوع.
ولكن هذه الصورة الوردية عن الحاضر ليست كافية للاسترخاء؛ إذ يحذر رئيس البنك، جيم يونغ كيم، قائلاً: "إن هذا الوقت ليس مناسباً للرضا عن النفس".
لماذا؟
السبب هو تباطؤ "النمو المحتمل" (وهو مقياس لمدى سرعة توسع الاقتصاد في العمالة الكاملة)؛ بسبب سنوات من نمو الإنتاجية الضئيل وضعف الاستثمار وتغير التركيبة السكانية، التي غادرت العديد من البلدان ذات القوى العاملة المتقادمة في السن.
ويشير البنك الدولي في تقريره، إلى أن هذا التباطؤ يؤثر في الاقتصادات التي تسهم بـ65٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفي الفترة بين عامي 2013 و2017، كان نمو الناتج المحلي المحتمل نصف نقطة مئوية أدنى من متوسطه على المدى الطويل. وفي كثير من البلدان، تكاد تغلق فجوة الناتج -أي الفرق بين الناتج الفعلي والناتج المحتمل الأقصى للاقتصاد- أو أغلقت بالفعل.
ويوضح البنك الدولي ان هذا الأمر سيحدُّ من النمو الاقتصادي المستقبلي. ويمكن أن يمتد التباطؤ في النمو المحتمل إلى العقد القادم ويتراجع ربع نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في ذلك الوقت.
لكن المشكلة قابلة للإصلاح. ومع تقلُّص الركود في الاقتصاد العالمي، يعتبر البنك الدولي أن واضعي السياسات بحاجة إلى إجراء إصلاحات هيكلية للحفاظ على النمو على المدى الطويل، مثل تحسين سياسات التعليم ونظم الرعاية الصحية والبنية التحتية.
مع ذلك، حذر البنك الدولي من أن الحكومات و"الجماعات القوية سياسياً" قد تقاوم الإصلاح، دون تحديد أي جهة على وجه الخصوص. ودعا السياسيين إلى إجراء إصلاحات بدلاً من الاعتماد على السياسة النقدية والتحفيز المالي من قِبل مجموعات مختلفة، وضمن ذلك صندوق النقد الدولي والعديد من البنوك المركزية في الدول المتقدمة.
وبصفة عامة، فإن المخاطر على توقعات البنك الدولي أكثر احتمالاً أن تكون سلبية من إيجابية، وفقاً للتقرير. ومن الممكن أن تهدد عدة عوامل، النمو الاقتصادي العالمي، مثل التشديد المفاجئ لشروط التمويل، حيث تقوم البنوك المركزية بإزالة التحفيز، ورفع الحماية التجارية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية. ورغم ذلك، فإن العديد من الاقتصادات الكبيرة لديها القدرة على أداء أفضل مما كان متوقعاً، كما حصل في 2017.
نمو في السعودية ومصر
وعن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أورد التقرير تصوره بصعود مؤشر النمو إلى 3% في 2018 من 1.8% في 2017.
وتوقع أن تكتسب الإصلاحات في جميع أنحاء المنطقة زخماً، وأن تخف القيود المالية مع ثبات أسعار النفط، يقابلها تحسن قطاع السياحة في الدول التي لا يعتمد اقتصادها على النفط.
ولفت التقرير إلى أن استمرار النزاعات الجيوسياسية وضعف أسعار النفط قد يعوقان النمو الاقتصادي.
أما في السعودية، فتوقع أن يتسارع معدل النمو إلى 1.2% في عام 2018 مقارنة بـ0.3% في 2017. وفي مصر، يرتفع النمو إلى 4.5٪ في 2018 من 4.2٪ العام الماضي.
وفيما يلي، التقرير المفصل حول تصور البنك الدولي لعام 2018، يتضمن تداعيات أسعار النفط بين عامي 2014 و2016.