يحتفل الإيرانيون اليوم السبت 19 مارس/آذار 2016، والموافق آخر يوم من السنة الفارسية 29 إسفند 1394، بعيد النوروز.
والنوروز هو أول يوم في شهر فروردين بالسنة الشمسية الإيرانية، والذي يتزامن مع بداية فصل الربيع، والنوروز مكونة من كلمتين بالفارسية "نو- روز"، أي اليوم الجديد.
ويقوم الإيرانيون بالاحتفال بيوم النوروز من خلال تزيين المنازل وإعداد السفرة لليلة العيد، والتي تكون في هذا اليوم مشتملة على السمك والمكسرات والمخبوزات، كما يقوم الناس بشراء الملابس الجديدة، فيلبسون الثّياب المزركشة والزّاهية، ويخرجون إلى المتنزهات للاستمتاع بجمال الطبيعة.
ومن عادات الإيرانيين في هذا العيد، وضع سُفرة (السينات السبع) وتحتوي على 7 أشياء تبدأ بحرف السين، هي "سير" الثوم و"سيب" التفاح و"سكة" عملة نقدية و"سنجد" الغبيرا أوتمر العجم أو الزيزفون السوري و"سماق" السماقيل او الطمطم و"سبزي" الخضراوات و"سمنو" حلوى الحنطة، ولإضفاء طابع إسلامي على العيد، يوضع إلى جانبها المصحف الشريف، بجانب مرآة وسمك الزينة الأحمر.
وأبرز من يحتفل بالنوروز، هم الإيرانيون والأكراد، بجانب شعوب دول أخرى كتركيا وتركمانستان وكازخستان وأفغانستان.
النوروز لدى الفرس
وتعود قصة النوروز إلى أساطير قديمة، إحداها قد دونها الفردوسي أبو القاسم منصور في كتابه الشاهنامة، وهو يعد الملحمة الوطنية للفرس.
ويعود العيد إلى أسطورة الملك جمشيد، واللتي تزعم إلى أنه "استطاع إنقاذ الجنس البشري من فصل الشتاء الذي كان مقدراً له أن يقتل كل الكائنات الحية، وقد قام جمشيد بتشييد عرش مرصع بالألماس، ثم رفعه الجن إلى السماء، وهناك جلس على عرشه كالشمس في السماء، ثم تجمعت جميع المخلوقات حوله، فسمي هذا اليوم بالنوروز".
وفي عهد الملك كورش الكبير، تم إعلان يوم النوروز كعيد وطني بداية من سنة 538 قبل الميلاد، وقد رسخ كورش بعض العادات في هذا اليوم، كترقية الظباط والجنود، وتنظيف الأماكن العامة والمنازل، والإعفاء عن بعض المحكوم عليهم بالسجن، وقد تم الحفاظ على هذه العادات من جانب الملوك المتعاقبين، وفي عهد الملك داريوس الأول تم الاحتفال بالعيد في برسبوليس العاصمة آنذاك.
إيرانيون يحتفلون بالنوروز عند مقبرة الملك كورش
النوروز بعد الإسلام
وبعد دخول الإسلام إلى إيران، مر العيد بمراحل، ففي عهد الدولة الأموية لم يوجد دليل تاريخي على إحياء النوروز في ذلك الوقت، لكن في الدولة العباسية، ذكرت بعض المصادر كالطبري أن المعتصم أصدر مرسوماً إلى السكان يحذر فيه بغداد من إشعال النار ورش المياه على العابرين في الشوارع خلال الاحتفال بيوم النوروز، لكن بسبب الخوف من حدوث فوضى، تم سحب المرسوم، وكان الملوك العباسيون يستقبلون الهدايا في ذلك اليوم، وسار على نهجهم ملوك بويهيون والطاهريون والسامانيون.
وفي عهد الدولة الصفوية، احتفل الإيرانيون بالعيد، وقام الشاه عباس الصفوي في العام 1597 بإحياء مراسم النوروز في قصر ساحة "نقش جهان" بأصفهان، ومع مرور الوقت أصبح النوروز رمزاً وطنيًّا عند الصفويين.
وكان الشعراء الفرس، والأتراك، والأكراد، والعرب يتغنون بفصل الربيع ونظموا قصائد سموها بقصائد "بهارية"، نسبة إلى كلمة "بهار" وتعني الربيع بالفارسية والكردية.
النوروز عند العرب
تحتفل بعض الشعوب الأخرى بأعياد تشبه النوروز، فالمصريون يحتفلون بالربيع من خلال عيد شم النسيم الذي يقام في 13 إبريل/ نيسان من كل عام، تعود جذوره إلى قدماء المصريين في عهود الفراعنة، ويحتفل فيه جميع المصريين بدخول الربيع بزيارة المنتزهات وتلوين البيض وأكل الفسيخ.
كما يحتفل العراقيون بالربيع في "عيد الدخول" الذي يوافق يوم 21 مارس/آذار، حيث تدخل الشمس في برج الحمل وهو السبب في تسميتها لدى العراقيين
بـ"الدخول"، وفي هذا اليوم يتوجه العراقيون للمتنزهات للاحتفال بهذا اليوم.
وتقوم العائلات العراقية في هذا اليوم بالتسوق وشراء الأباريق الخزفية الملونة والشموع وخلطات المكسرات، والملابس الملونة والزاهية.
وفي الجزائر، يحتفل الأمازيغ بعيد "ثافسوث"، وهي كلمة أمازيغية تعني "الإوراق"، أي أورق، دلالة على إوراق النباتات وتفتّح الأزهار وزهور الأشجار المُثمرة في الربيع، ويحتفل الجزائرون بهذا اليوم من خلال تحضير الأطباق، كأكلة البراج أو المبرجة، والتي تعد طبقاً رئيساً في الجزائر في فصل الربيع.