امرأة عادية في نظر الجميع.. لكنها أعظم النساء

هي مجرد امرأة عادية.. عربية تسكن في بقعة من بلاد العرب التي تمتد من المحيط إلى الخليج، وقد تكون أيضاً في بلاد المهجر في إحدى دول شمال الكرة الأرضية أو بلاد ما وراء البحار.. اسمها قد يكون عائشة أو أسماء، أو ديمة أو حليمة، وربما هند أو أميمة أو سامية أو فاطمة أو سنابل، وقائمة الأسماء تطول ولا نستطيع حصرها في هذه السطور القليلة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/29 الساعة 03:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/29 الساعة 03:11 بتوقيت غرينتش

هي مجرد امرأة عادية.. عربية تسكن في بقعة من بلاد العرب التي تمتد من المحيط إلى الخليج، وقد تكون أيضاً في بلاد المهجر في إحدى دول شمال الكرة الأرضية أو بلاد ما وراء البحار.. اسمها قد يكون عائشة أو أسماء، أو ديمة أو حليمة، وربما هند أو أميمة أو سامية أو فاطمة أو سنابل، وقائمة الأسماء تطول ولا نستطيع حصرها في هذه السطور القليلة.

ليس هناك ما يميزها عن غيرها من النساء؛ لأنها ليست شاعرة ولا كاتبة ولا بطلة رياضية ولا شخصية مشهورة فنياً أو إعلامياً أو سياسياً، أو حتى اجتماعياً.. وحتى كثيرين ممن هم قريبون منها مكانياً وزمانياً لا يعرفونها؛ لأنها ببساطة امرأة تغرق في مسؤولياتها اليومية الكثيرة والمتشعبة حتى أذنيها، وبشكل لا يسمح لها بأن تحتك بالعالم الخارجي أو تعي ما يدور فيه خارج تلك المسؤوليات.. فلا هي ناشطة فيسبوكية، ولا كثيرة الزيارات والمجاملات الاجتماعية التي تذكِّر الناس بوجودها وتلفت انتباههم إليها.

هي فقط زوجة وأم، أما مهنتها فربَّة بيت، عندما ينظر الناس لعبارة "ربة بيت" يمطون شفاههم قائلين: ما شاء الله مرتاحة، "ما وراها شي، تنام حتى الظهر، وطلباتها واصلتها بالكامل.. شو بدها أحسن من هيك".

إلا أن سيدتنا التي هي محط حديثنا اليوم تستيقظ في صباح كل يوم ومنذ سنوات طويلة مع أذان الفجر، فتؤدي صلاتها ودعاءها وتنطلق إلى مسؤولياتها اليومية، قبل أن يستيقظ العصفور ويغرد الصباح، فتبدأ بتحضير شطائر الصغار و"عصرونة المدرسة"، وإعداد الفطور الذي يجب أن يتناوله أفراد الأسرة قبل الخروج من البيت إلى مدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم.. كل ذلك تفعله بسرعة قبل أن يدركها الوقت، ثم تقوم بتحضير ملابس كل منهم وحذائه؛ لتوقظهم بعد ذلك وتساعد الصغار منهم في ارتداء الملابس وتحضير الحقائب، وتمشيط الشعر وترتيب الفراش.

وما إن تصبح الساعة السابعة والنصف صباحاً حتى تكون الكثير من طاقتها قد استنفدت في تلبية الطلبات ومسايرة الأمزجة المختلفة، وما إن يغادر السرب الأول البيت حتى تبدأ جولة أخرى من الأشغال، تبدأ بترتيب طاولة الطعام للسرب الثاني الذي لم يغادر بعد، ولا تنتهي بترتيب وتنظيف الغرف والمطبخ ومرافق البيت، وغسل الملابس وتجفيفها وكويها وطويها وترتيبها في الخزائن وتهوية البيت وجلي أكوام من أدوات الطعام، ومن ثم إعادة ترتيبها في أماكنها، وترتيب ثلاجة الطعام، والتفكير في طعام للغداء يلائم أذواق الجميع، ومن ثم إعداد وجبة الغداء، وتحضير الحلوى التي طلبها الزوج أو الصغار أو أحد الأبناء الكبار.. ثم الانتقال بسرعة لإزالة الغبار عن أثاث المنزل قبل أن يبدأ أول الوفود بالعودة إلى موانئه سالماً.

وكل مجموعة تعود للبيت لها طقوس خاصة لاستقبالها ورعايتها، حسب عمرها ومدى اعتمادها على نفسها.. فمثلاً ما إن يعود أصغر الأطفال من مدارسهم حتى تأخذ بمساعدتهم في الاستحمام وارتداء ملابس نظيفة، وتصفيف الشعر، وتناول الطعام وتنظيف ما تم استعماله من الأطباق، ثم مساعدتهم في مراجعة دروسهم.. وهكذا.

وتنتهي الجولات التي تناسب كل مجموعة بعودة الزوج من عمله واستقباله بشكل حسن وتقديم الطعام له ومساعدته في الاستحمام وارتداء الملابس النظيفة والتخفيف من إرهاقه وتعبه.

وتكون الجولة الأخيرة من نموذج هذا اليوم الذي يتكرر سبعة أيام من كل أسبوع، وعلى امتداد العام كله، بانتهاء طقوس تناول العشاء وما يتبعها من ترتيب وتنظيف وتزين للزوج والسهر على راحته وراحة أبنائه والعناية بأي فرد مريض من العائلة أيقظته الحمى وحرمه السعال من النوم.

أنحني احتراماً لهذه السيدة العادية التي لا يحفظ الناس اسمها، ولا يعرفون كيف تملأ فراغ حياتها التي لا تملأها وظيفة ولا منصب.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد