في تطور جديد على صعيد الأزمة السياسية التي تمر بها تركيا ويدفع البلاد في اتجاه إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، أعاد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو تفويض تشكيل الحكومة إلى الرئيس رجب طيب إردوغان الثلاثاء 18 أغسطس/ آب 2015 بعد أسابيع من فشل مفاوضات حول تشكيل الحكومة الائتلافية.
هذه الخطوة كانت متوقعة بعد فشل محادثات تشكيل ائتلاف بين حزب "العدالة والتنمية" وحزب "الحركة القومية" اليميني، والذي جاء تحصيل حاصل.
يمكن أن يدفع ذلك الرئيس أردوغان لمنح التفويض إلى حزب "الشعب الجمهوري" ثاني أكبر الأحزاب في البرلمان برغم أنه ينظر إليه أيضا بوصفه غير قادر على تشكيل حكومة.
في حال عدم تشكيل حكومة بحلول 23 أغسطس/ آب سوف يتعين على أردوغان حل حكومة تصريف الأعمال التي يقودها أوغلو، والدعوة إلى تشكيل حكومة مؤقتة لتقاسم السلطة تقود البلاد إلى انتخابات برلمانية جديدة في الخريف الأمر الذي سيصب في مصلحة حزب "العدالة والتنمية" بعد تزايد شعبيته بحسب آخر استطلاعات الرأي.
شلل سياسي
إذا أقدم الرئيس التركي على هذه الخطوة، سيؤدي ذلك من الناحية النظرية إلى منح مناصب وزارية لأربعة أحزاب منقسمة فكريا الأمر الذي قد يصيب البلاد بالشلل من ناحية اتخاذ القرارات وسيزيد من زعزعة الاستقرار.
لكن من المرجح أن يكون تشكيل حكومة مؤقتة وفقا لهذه الترتيبات أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلاً.
وبادر ثان أكبر حزب في البلاد، "الشعب الجمهوري" المعارض، وبلسان مسؤول كبير فيه إلى إعلان أن الحزب سيشارك في الحكومة المؤقتة بينما حزب "الحركة القومية" قال بوضوح إنه لن يقدم على ذلك.
تقاسم السلطة
مسؤولون كبار في "العدالة والتنمية" يراهنون على أن "القوميين" الذين يعارضون بشدة منح أي نفوذ سياسي أكبر للكرد، سيفعلون أي شيء لتجنب سيناريو يحصل فيه حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للكرد على حقائب وزارية، وهو ما قد يدفعم "القوميين" إلى تأييد حكومة أقلية بقيادة "العدالة والتنمي"ة تستمر لفترة قصيرة مقابل إجراء انتخابات جديدة.
لكن زعيم حزب "الحركة القومية"، دولت بهجلي، استبعد ذلك ليبقى الخيار الوحيد تشكيل حكومة مؤقتة تتقاسم فيها الأطراف السلطة.
بهجلي -بحسب ما يبدو- يراهن على أن مشاركة الكرد في مناصب وزارية سيغضب اليمين السياسي في تركيا، الأمر الذي سيعزز مواقعه الانتخابية وسيدفع باليمنيين إلى دعم حزبه أكثر فأكثر في الانتخابات القريبة القادمة.
استمرار الحكومة الحالية
إلا أن السيناريو المختلف قد يكون بتصويت البرلمان لصالح استمرار الحكومة الحالية لحين إجراء الانتخابات الجديدة، بيد أن حزب "الحركة القومية" كان قد قال بأنه سيصوت ضد هذا الاقتراح كما أن أحزاباً معارضة أخرى تعهدت بأن تحذو حذوه.
ولم تعرف تركيا هذا المستوى من الغموض السياسي منذ حكومات الائتلاف الهشة في تسعينيات القرن الماضي، في الوقت الذي تخوض فيه البلاد قتالا ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا، وكذلك يقاتل المتمردين الكرد في الجنوب.
تراجع الليرة
في غضون ذلك، وعلى الجانب الاقتصادي، تراجعت الليرة التركية إلى معدلات قياسية جديدة مقابل الدولار الثلاثاء، وسط ردود فعل المستثمرين بشأن حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد وتجميد البنك المركزي لمعدلات الفائدة.
فقد خسرت الليرة 1,31% من قيمتها ووصلت إلى 2,906 ليرة مقابل الدولار متجاوزة للمرة الأولى الحاجز النفسي المهم وهو 2,9 ليرة للدولار.