قبل مدةٍ قصيرة، كانت إحدى العائلات "العربية" تحتفل بعيد ميلاد إحدى بناتها الصغار، وأرسلوا دعواتٍ للحضور لمعظم جيرانهم في الطابق الذي أسكن فيه، وعائلتي إحداها.
سار حفلهم على ما يرام وخرج بأجمل حُلّة وأحلى بهجة، لكنهم بمجرد الانتهاء، جعلوا الزينة وبقايا مظاهر الحفل ملقاةً على أرضية ممرّات الطابق الذي نقطنه بشكلٍ فظيعٍ نوعاً ما، ممّا استدعى بعض جيراننا من الصينيين والماليزيين للاتصال بمسؤولة الأمن في المبنى السكني، وهي هندية الأصل، للاحتجاج على هذا السلوك غير الصحي والمشين.
بعد دقائق، صَعدت السيدة الهندية إلى الطابق العلوي وصُدمت من هَولِ ما رأت ونزلتْ ونزلتُ معها في المصعد وكانت تتحدث إليّ بأن هذا سُلوكٌ مشين ولا يجوز فعله في هذه الأماكن، فهذه الاحتفالات تقامُ عادةً إمّا داخل البيوت أو في الحدائق العامة، المهم قدّمنا لها الاعتذار وانتهى الأمر.
إنّ الشعور بالانتماء لدى الفرد يجب أن يتخطى عتبة الزّمان والمكان، إن غادرتَ وطنكَ وأنت معتادٌ على النظافة فحتماً لو انتقلت للعيش على المريخ ستجعله نظيفاً دائماً، هذا على صعيدك الشخصي، فكيف وأنت مهاجرٌ في بلدٍ أجنبي وتحملُ هوّيتك وذاتك معك! حتى على صعيد من لم يتعايشوا مع ظروفٍ مشابهة في حياتهم، فتجاربُ غيرهم من المجتمعات غير المسلمة والمسلمة على حدٍ سواء يجب أن تكون كفيلةً بمنحهم الحدّ الأدنى من التغيير المنشود، هذا التغيير الذي يبدأ بالفرد نفسه، ثم ينتقل أثره إلى عائلته وأسرته ثم أخيراً المجتمع ككل.
ختاماً، كان الله -سبحانه وتعالى- قد أقرّ تلك السنة المباركة في كتابه الكريم؛ حيث يقول: "إنّ اللهَ لا يُغّيرُ مَا بِقومٍ حتّى يُغيّروا مَا بأنفسِهِم".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.