“الجماعة 2”.. فشل الإخوان من جديد

يتشفّون الآن في المصريين ولسان حالهم يقول: "لقد ثاروا علينا لصالح السيسي فدعْهم يروا منه الويلات".

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/16 الساعة 02:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/16 الساعة 02:48 بتوقيت غرينتش

مسلسل "الجماعة 2" عُرض في رمضان الماضي على الشاشات المصرية بإمكانات هائلة وبمشاركة عدد كبير من نجوم التمثيل في مصر؛ بل وهناك من شارك بدور جديد بعد أن كان قد ظهر بدور أول لشخصية أخرى من شخصيات الإخوان في حقبة التأسيس بالجزء الأول من "الجماعة".

المسلسل من نصوص المبدع وحيد حامد، الذي ارتكز فيه على كتب المعارضين للإخوان والمنشقين عنهم. الرجل عرفه الجمهور في أفلام عديدة كـ"معالي الوزير"، و"البريء" للراحل أحمد زكي، و"الراقصة والسياسي" لنبيلة عبيد، و"اللعب مع الكبار" لعادل إمام، وعدد كبير لإبداعات أخرى.

لكن الرجل عُرف بعدائه الكبير للإخوان وللتيار الإسلام السياسي عموماً. برز هذا جلياً في بعض أعماله كفيلم "طيور الظلام" لعادل إمام، و"دم الغزال"، والعديد من الأعمال الأخرى، حيث مثّل فيها الإسلاميين، من إخوان وجماعة إسلامية وغيرهم، كإرهابيين أو كأشخاص مشكوك في ولائهم لأوطانهم لصالح الجهات التي ينتمون إليها.

نعود للمسلسل الذي فجّر ردود فعل متوقعة في مختلف وسائل الإعلام من الأحزاب كالوفد والناصريين ورجال الفكر والسياسة، حيث اتُّهم الرجل بتزوير التاريخ؛ بإظهار عبد الناصر إخوانيّاً، كما اتُّهم بأنه إخوانيٌّ بتعاطفه مع الإخوان وتصوير تعذيبهم في المسلسل بعد القبض على ما سمي "تنظيم سيد قطب"!

ما يهمني هنا من ردود الفعل هو جانب الإخوان السلبي تماماً، الموضوع أكبر من مجرد مسلسل أو فيلم يتعمد تشويه صورة الإخوان المسلمين كحركة سياسية دينية وتحويلها لحركة إرهابية مطاردة، ولكن هو سلبية الإخوان كجماعة مترامية الأطراف تمتد في دول عديدة ولها إمكانات مالية هائلة تُجمع من مساهمات الأعضاء فيها ومن نشاطات الجماعة بقطاعات عدة كالتجارة والصرافة في مصر وخارجها، في الرد على هذه الأعمال الدرامية والسينمائية.

هذه الأعمال تصيغ الآن وعي جيل كامل لم يعد يقرأ وصارت مصادره للحصول على المعلومة هي شاشة التلفاز وصفحات الإنترنت. يخرج الإخوان بردٍّ باهتٍ في شكل مقال ركيك ينزل في موقعهم أو أحد المواقع التابعة لهم، يتحدثون بلهجة الواثق بأن التشويه المتعمد لن ينالهم وأن الناس لن تصدق الأكاذيب التي تلفّق لهم وكأنهم ملائكة لا يخطئون وأنهم يملكون الحقيقة الكاملة وغيرهم مخطئون وما زالوا يعاملون الناس بسياسة: إذا لم تكن معي فأنت ضدي!

يتشفّون الآن في المصريين ولسان حالهم يقول: "لقد ثاروا علينا لصالح السيسي فدعْهم يروا منه الويلات".

ما زالوا يستعملون سياسات الستينات والسبعينات، لما انقلب عليهم السيسي أنشأوا بعض القنوات التلفزية المعارضة يعرضون فيها مشاكل البلد في عهد السيسي وأن هذا هو نتيجة ترك البلاد بيد العسكر. أليسوا هم من دافع عن العسكر لما أتيحت الفرصة للقضاء عليهم وإرجاعهم إلى ثكناتهم للأبد؟! لكنهم استماتوا في الذود عنهم؛ بل وقمعوا المتظاهرين ضدهم؛ ليكسبوا ودهم فغدروا بهم.

رأيي أن الجماعة قد هرمت ووجب تحديثها كأي برنامج كمبيوتر قديم طال استعماله وجاء البديل عنه مما هو أنجع منه وأكفأ. لم يعد الشباب هم شباب الأربعينات الذين يسمعون ويطيعون ويقبِّلون يد المرشد لإعطائه البيعة، ولا الناس هم ناس الأربعينات الذين يتبعون الذي يقول: قال الله، قال الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ بل الناس تتبع اليوم من يقنعهم.

الحركات الإسلامية التي تمارس السياسة اليوم دون قمع أو تحجيم هي التي طورت من مناهجها وتعاملت مع حاضرها بأكثر واقعية، في تركيا والمغرب وتونس وغيرها، بعد أن كانوا مجرد فروع من إخوان مصر.

كان الأجدر بهم إنتاج مسلسل أو فيلم يصحح التاريخ ويروي الأحداث بأخطائها قبل إنجازاتها؛ ليعرف الناس تضحية الأولين والتعلُّم من أخطائهم عوض إعادتها في كل مرة ليرميهم معارضوهم في السجون ويطاردوهم في المهجر.

"الجماعة 2″، فصل جديد من خيبات الإخوان وساحة جديدة يكسبها أعداؤهم، ليبقى الطغاة يحكمون مصر بقبضة من حديد. فهل يستفيق الإخوان من سباتهم الطويل أو يكرمون لحاهم بأيدهم ويتركون الساحة لمن هو أكفأ وأنجع منهم؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد