يبدو اتحاد كرة القدم بجنوب أفريقيا في مأزق، إذ إنه لم يحسم قراره بعد بشأن دعم ملف ترشح المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة 2026، في مواجهة ضغوط خارجية وداخلية متعاكسة.
فاتحاد جنوب إفريقيا حائر بين توجهات الحكومة لسحب الدعم من المغرب، وبين ضغوط الاتحاد الإفريقي لإقناعه بالوقوف إلى جانب الرباط.
مسؤولون في الاتحاد الجنوب أفريقي لكرة القدم أعلنوا الثلاثاء 15 مايو/أيار 2018، أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم سيحاول إقناع جنوب إفريقيا بمواصلة دعمها لملف ترشح المغرب لاستضافة كأس العالم لكرة القدم لسنة 2026.
وتهدد جنوب إفريقيا، أول دولة إفريقية تستضيف كأس العالم سنة 2010، بفض الاتفاق والإدلاء بصوتها لصالح الملف المنافس الذي قدَّمته بلدان أميركا الشمالية، وهو ما قد يُمثل ضربة قاضية للقضية الإفريقية، حسب تقرير لصحيفة Business Day الجنوب إفريقية.
ويأمل رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، أحمد أحمد، في إقناع ممثلي اتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم بدعم ملف ترشح المغرب عند التقائه بهم في جوهانسبرغ.
إنه أمرٌ رسمي صادر من الدولة عليكم الالتزام به.. هكذا قالت الوزيرة
خلال الأسبوع الماضي، حثَّت وزيرة الرياضة بجنوب إفريقيا تاكوزيل شاسا، اتحاد كرة القدم بالبلاد على عدم التصويت للمغرب، في مؤتمر الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي سينعقد في موسكو يوم 13 يونيو/حزيران 2018، والذي ستصوت خلاله الدول الأعضاء على قرار تحديد البلد الذي سيحتضن فعاليات كأس العالم لكرة القدم سنة 2026.
وقالت، "إن موقفنا واضح للغاية بشأن عدم قدرتنا على دعم المغرب. وقد كان ردّ برلماننا صريحاً جداً حيال هذا الشأن. إن هذا أمر رسمي صادر عن الدولة، ويجب على جميع الهيئات الرياضية أن تفهم ماهية أجندة البلاد".
ولكن، لماذا تدفع سلطات جنوب إفريقيا اتحادها للتخلي عن المغرب؟
يبدو أن السبب الذي يدفعهم لذلك مرتبط بالتوتر الملحوظ الذي شهدته العلاقات بين البلدين، منذ استدعاء المغرب لسفيره من بريتوريا سنة 2004، عقب اعتراف جنوب إفريقيا باستقلال الصحراء الغربية.
وفي العام 2017، أعلن عن طيّ صفحة القطيعة بين البلدين، بعد لقاء عقد في ديسمبر/كانون الأول بالعاصمة العاجية أبيدجان، بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما، على هامش القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي، أعلن خلاله البلدان عزمهما على إعادة السفراء.
ولكن من خلال البحث على الإنترنت، لا يبدو أن هناك سفيراً لجنوب إفريقيا بالمغرب، والعكس، وجرت محاولة للتواصل مع سفارة جنوب إفريقيا في المغرب للتأكد من وجود سفير، ولم يتلق موقع "عربي بوست" إجابة حتى نشر الموضوع، فيما أظهرت صفحة سفارة جنوب إفريقيا على الفيسبوك كلمةً للقائم بالأعمال في الذكرى المئوية لنيلسون مانديلا.
ويبدو أن الأمور كانت ساخنة بينهما مؤخراً، ففي مارس/آذار 2018، فعّلت السلطات في جنوب إفريقيا قراراً للمحكمة العليا، بإطلاق مزاد علني لبيع 55 ألف طن من الفوسفات المغربي، نظراً لكون الشحنة قادمة من الصحراء الغربية.
واستندت السلطات في خطوتها إلى قرار محكمة العدل الأوروبية حول اتفاقات اقتصادية مع المغرب، تم استثناء الأقاليم الصحراوية منها".
وأشارت الصحيفة الجنوب إفريقية، إلى أن ضمّ المغرب الصحراء الغربية، التي كانت في السابق مستعمرة إسبانية سنة 1975، ومنذ ذلك الحين، تحولت هذه الأراضي إلى موضع نزاع بينها وبين جبهة البوليساريو، وهي حركة استقلال مدعومة من قبل العديد من الدول الإفريقية.
وتقول المصادر المغربية إن الصحراء ومناطق أخرى مجاورة لها كانت تابعة للمغرب قبل الاحتلال الإسباني، وإن القبائل الصحراوية تجمعها بالسلطان روابط البيعة والولاء، التي تضعف وتقوى بضعف وقوة السلطان، وتشير إلى أن محكمة العدل الدولية أقرَّت أنه في سنة 1884م عندما بدأت إسبانيا تهتم بالمغرب كانت هناك علاقات تربط بين هذه القبائل الرحل والسلطان المغربي، اسمها البيعة.
محاولة مغربية تثير ضجة
وخلال شهر أبريل/نيسان 2018، استقبل رئيس اتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم داني جوردان، الذي كان عضواً سابقاً في البرلمان عن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، وفداً مغربياً للنظر في ملف الترشح لكأس العالم، وقد حام حول هذا الاستقبال الكثير من الجلبة الإعلامية في جنوب إفريقيا، حسب الصحيفة، ومنذ ذلك الحين، سعى جوردان إلى إبعاد نفسه عن هذا الملف.
وقد أعلن اتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم، أن لجنته التنفيذية ستتخذ قراراً نهائياً بشأن دعمها لملف ترشح المغرب من عدمه، وذلك خلال اجتماع سيعقد في وقت لاحق من شهر مايو/أيار الجاري.
وورد في نصِّ البيان أن "اتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم يريد أن يؤكد من جديد أنه لم يتخذ أي قرار في هذه المرحلة، بشأن الطرف الذي سيقوم بدعمه".
وقد بذل المغرب مجهوداتٍ جبارة في السنوات الأخيرة لحشد الدعم من الاتحادات الإفريقية لكرة القدم. وعمد البلد الإفريقي إلى توقيع اتفاقيات تعاون مع العديد من الدول، فضلاً عن الإنفاق ببذخ لاستضافة فعاليات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، منذ تولي أحمد أحمد رئاسة الاتحاد منذ 14 شهراً، حسب وصف الصحيفة الجنوب إفريقية.
ولكن الصحيفة تتوقع أن يتفوق ملف الترشح المشترك، بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك، على الملف المغربي لاستضافة كأس العالم الموسعة لكرة القدم، التي ستتكون من 48 منتخباً في سنة 2026.
ولكن لماذا يمكن أن يتعرَّض اتحاد جنوب إفريقيا للعقوبات؟
يبدو اتحاد جنوب إفريقيا في مأزق حقيقي، إذ إن مشكلته الكبرى ليست مع الاتحاد الإفريقي فقط، ولكنها أكبر.
إذ يتّبع الاتحاد الدولي لكرة القدم قواعد صارمة تتعلق بتدخل الحكومات في شؤون جمعياتها، أي الاتحادات الوطنية لكرة القدم.
ويمكن للدول، التي ثبت خرقها لهذه القواعد، أن تواجه عدداً من العقوبات، منها طرد البلد من الفيفا، وحظره من اللعب.
فهل يقع الاتحاد الجنوبي الإفريقي لكرة القدم ضحيةً للخلافات السياسية، أم ينجح في الخروج من هذا المأزق؟.