كُتبت فوقه نصوص دينية! البحث عن نص غير مرئي لفيلسوف يوناني من العصور القديمة

يقولون لا تحكم على كتابٍ من غلافه، ولكن في بعض الأحيان لا يمكنك الوثوق حتى في الكلمات المكتوبة على الصفحات.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/18 الساعة 15:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/18 الساعة 15:56 بتوقيت غرينتش

يقولون لا تحكم على كتابٍ من غلافه، ولكن في بعض الأحيان لا يمكنك الوثوق حتى في الكلمات المكتوبة على الصفحات.

انشغل العلماء في ولاية كاليفورنيا الأميركية بالتحقيق في كتاب ترانيم قديم به نصوص دينية، يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر. وفي ظروفٍ عادية، كان هذا المُجلد الذي تغير لونه بفعل التعرض للهواء على مر الزمن سيكون عبارة عن قطعة أثرية تاريخية لا تقدر بثمن في حد ذاته.

الكتاب لجالينوس من مدينة بيرغامون (مدينة كانت تقع في أراضي دولة تركيا الحالية)، وهو طبيب وفيلسوف يوناني، وُلِدَ في عهد الإمبراطورية الرومانية خلال القرن الثاني، وأصبح من خلال تعاليمه وكتاباته من أعظم العقول الطبية في العصور القديمة.

ولكن لم يعتن التاريخ بنقل كل تلك المعلومات بحرص، وفقا لموقع Science Alert.

نُقِشَت في الأصل تعاليم جالينوس على هذه المخطوطة، التي يقوم بفحصها العلماء هذا الأسبوع في مختبرات SLAC National Accelerator Laboratory التابعة لوزارة الطاقة الأميركية، بعد أن ترجمها شخصٌ مجهول الهوية بعد قرونٍ من وفاة الطبيب، وأُخفيت بكتابة نصوص دينية فوقها لألفية كاملة.

قبل إخفائها، كُتبت أطروحة جالينوس الطبية باللغة السريانية القديمة خلال القرن السادس، على الأرجح من قِبل شخص في دير سانت كاترين في مصر وفقاً للباحثين.

بعد حوالي 500 سنة، كُشِطَت هذه النصوص المهمة من الصفحات، وكُتبت فوقها نصوص دينية، غالباً لأسبابٍ اقتصادية (لم يكن ورق البرشمان رخيصاً)، وليس بسبب وجود نية خبيثة لإخفاء عمل جالينوس.

لمدة ما يقرب من عقد من الزمان، استخدم العلماء والأكاديمون تقنيات التصوير متعدد الأطياف في محاولة للكشف عن الآثار الممسوحة للنص المُضمَر القديم، وبفضل فريق في قسم Stanford Synchrotron Radiation Lightsource التابع لمختبرات SLAC، قد يتم فك رموز الكلمات المخفية.

يستخدم الباحثون أشعة سينية عالية الطاقة ناتجة عن مسرع حلقي للجسيمات، وذلك للكشف عن البقايا متناهية الصغر من الحبر التي تُركت على البرشمان من النقوش الأصلية، مما يعطي الباحثين لمحةً غير مسبوقة عن بعض أسس المعرفة الطبية، التي كانت موجودة منذ ما يقرب من ألفي عام.

في الصورة الموجودة في الأعلى، الأحرف المكتوبة في اتجاهٍ عمودي هي النص الديني الذي يرجع للقرن الحادي عشر، في حين تعد الترجمة السريانية الأفقية الباهتة هي ترجمة جالينوس المخفية تحتها.

سعت جهود سابقة باستخدام الموجات فوق البنفسجية، والمرئية، والأشعة تحت الحمراء لاختراق الكتابات المفقودة، ولكن مثل الكتابة المشؤومة التي كانت كامنةً في "الخاتم الواحد" في رواية جون تولكين "Lord Of The Rings"، في بعض الأحيان يتطلب الأمر خدعة أكثر تطرفاً للكشف عن النصوص التي يُراد إخفاؤها.

وقال بيتر بورمان أستاذ الدراسات الكلاسيكية في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة لمجلة Newsweek الأميركية: "النتائج الأولية الأولى مذهلة للغاية".

وأضاف: "هذا شاهد فريد على هذا النص الخاص".

كشفت جهود التصوير الجديدة التي تستغرق 10 ساعات لتحليل كل صفحة من الـصفحات الـ26 التي اختيرت من المجلد بالفعل عن أجزاء من النص لم يرها أي أحد منذ ألف سنة، بما في ذلك مقدمة لم تكن قابلة للقراءة من قبل.

إذا نجحوا، فهذا من شأنه أن يفتح فصلاً جديداً في فهمنا لواحد من أوائل الأساطير في الطب، ومع تبقي مئتي صفحة أخرى من النقوش المخفية، من يعرف ما هي الأسرار المكشوطة التي سنكتشفها؟

وأضاف بورمان للمجلة: "جالينوس هو الطبيب الأكثر أهمية والأكثر تأثيراً على الإطلاق".

وتابع: "هذا في الأساس تاريخنا، هذا يُظهر كيف تطور الطب".

علامات:
تحميل المزيد