بلجيكيون يفتحون منازلهم لإيواء 500 مهاجر كل ليلة.. لماذا يرفض غالبيتهم تقديم اللجوء؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/12 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/12 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش

تبدأ كل يوم جهودٌ كبيرةٌ لمساعدة اللاجئين بحركة معقدة في إحدى المنتزهات الموجودة في قلب مدينة بروكسل. فمع دخول المساء، يتجمع المتطوعون في متنزه "ماكسيميليان بارك"، وهو بقعة وسط المدينة -التي تضم المكاتب الكائنة في البنايات الشاهقة- والتي أصبحت مركزاً رئيسياً لتجمع المهاجرين، حسب صحيفة Washington Post.

يمرر المتطوعون أكواباً ساخنة من الشاي المغربي بالنعناع. أما المهاجرون، وجميعهم تقريباً من الرجال، وكثير منهم من دول الصحراء العربية الكبرى، فإنهم يتبادلون أطراف الحديث فيما بينهم عبر مزيج من اللغات التي تضم العربية، والسواحلية، والإنكليزية، والفرنسية، والإيطالية.

يقسم المنظمون الرجال إلى طوابير ثم يقومون بتوزيعهم على الأشخاص الذين يعرضون توصيلة، والذين ينقلونهم إلى متطوعين آخرين تعهدوا بتوفير الغذاء وأماكن النوم.

وبهذه الطريقة، يساعد المواطنون البلجيكيون وفق صحيفة Washington Post أكثر من 500 مهاجر ليجدوا مأوى لهم كل ليلة، في مواجهة المسار المتشدد الذي تنتهجه حكوماتهم ضد المهاجرين.

لكن السلطات البلجيكية قد تجعل هذه الخدمة الميدانية أكثر خطورة.

السلطات تهاجم المتنزه


منذ منتصف العام الماضي، تداهم قوات الشرطة في كثير من الأحيان المتنزه الكائن وسط بروكسل، ما يؤدي إلى مواجهات مباشرة بينها وبين هؤلاء المتطوعين.

اقترح ثيو فرانكين، وزير الدولة البلجيكي لشؤون اللجوء والهجرة، مؤخراً قانوناً يسمح للشرطة بمداهمة المنازل- وفقاً لمذكرة قضائية- لترحيل الأشخاص الذين رُفضت طلبات اللجوء التي تقدموا بها. كان المقترح صدى للجهود الفرنسية الرامية لمحاكمة المواطنين الفرنسيين الذين يأوون المهاجرين، على الرغم من أن السلطات البلجيكية تقول إنها لا تستهدف الأشخاص الذين يعرضون المساعدة.

أخبر شارل ميشيل، رئيس الوزراء البلجيكي، المشرعين في بلاده مؤخراً "إنها قضية تتعلق بالأمن والنظام العام. ففي كثير من الحالات، أخفى المواطنون أشخاصاً لا يرغبون في التقدم للحصول على اللجوء. وفي حالات أخرى، كانوا أشخاصاً رُفضت طلبات اللجوء التي تقدموا بها".

وحتى هذه اللحظة، لم يحد المتطوعون عن تأدية مهمتهم.

قال ميدهي كاسو، البالغ من العمر 34 عاماً والذي ترك وظيفته في مجال التسويق من أجل التفرغ لتنسيق جهود المتطوعين التي تشبه خلية النحل في عملها الليلي الروتيني "إننا نستهدف خلق نموذج يكون محوراً إنسانياً يمكنه مساعدة المهاجرين".

يريد غالبيتهم الوصول إلى بريطانيا


قدمت المجموعة في المجمل 55,000 إقامة ليلية للمهاجرين منذ الصيف الماضي. وانضم أكثر من 36,000 شخص إلى مجموعتها التنسيقية على فيسبوك.

كما دخل منسقوها المتطوعون في شراكة مع المنظمات الدولية والمحلية من أجل تقديم الرعاية النفسية والطبية إضافة إلى تقديم المشورة القانونية للاجئين، وهي تشغل جناحاً من المكاتب المتصلة بمحطة قطار قريبة من أجل تقديم الخدمات خلال اليوم.

يقول المنظمون إن جهودهم جنَّبت المهاجرين الاضطرار للنوم في الخارج، كما يمكن أن تساعد، إذا طُبقت في أماكن أخرى، على منع انتشار مدن الخيام المزعجة التي تُرى في بلاد أخرى تكافح أمام مد أمواج من البشر الذين يسعون لإيجاد حياة أفضل في أوروبا.

يتمنى أغلب المهاجرين الذين يساعدهم المتطوعون أن يواصلوا طريقهم نحو بريطانيا، حيث يعتقدون أنهم قادرون على إيجاد وظائف تدر عليهم دخولاً أعلى، فضلاً عن كونها مجتمعاً أكثر ترحيباً. ولهذا السبب، يتقدم قليل من هؤلاء بطلبات اللجوء في بلجيكا، نظراً لأن التقدم بطلب للجوء سوف يعيق من قدرتهم على الحركة.

وقال مهاجر ليبي يُدعى إبراهيم "أرغب في الذهاب إلى المملكة المتحدة". كان إبراهيم ينتظر في ماكسميلان بارك من أجل الحصول على توصيلة لأحد أماكن الإيواء، ولم يكن راغباً في الإفصاح عن اسم عائلته لأنه خشي من استهداف السلطات له. يقول المهاجر الليبي إن لديه أقرباء في بريطانيا، وأنه مر عبر إيطاليا وفرنسا خلال هجرته إلى الشمال.

يمكث إبراهيم أحياناً لأيام قليلة مع نفس العائلة. وقد انتقل في أغلب الأحوال من منزل إلى آخر. إذ يقول إن الهدف الرئيسي يدور حول الحصول على مأوى وليس تكوين الصداقات، مضيفاً أنه لولا جهود المتطوعين لكان في الشوارع منذ وصوله إلى بلجيكا في أكتوبر/تشرين الأول.

وقال مهاجر ليبي آخر يدعى يوسف إن البلجيكيين "طيبون للغاية". تحدث يوسف بشرط عدم الإفصاح عن اسم عائلته، وقال إنه قرر ترك وطنه بسبب العنف الدائر في البلاد منذ 2011، وهو العام الذي انطلقت فيه ثورات الربيع العربي.

وعبّر متطوعان عن تقديرهما لبساطة الطريقة التي انضما بها إلى حملة مساعدة المهاجرين. فقد ملأا استمارة عبر الإنترنت، وانتظرا مكالمة هاتفية وأرسلا رسالة عبر فيسبوك. فقال صموئيل بايليت، وهو مساعد برلماني في البرلمان الأوروبي ويبلغ من العمر 28 عاماً، إن الأمر كان "سهلاً وعملياً". يقدم بايليت وصديقته جين ويبر، التي تعمل مهندسة معمارية، مرتبة قطنية وأريكة في شقتهما التي تتكون من غرفة واحدة لمدة ليلة واحدة كل أسبوع منذ نوفمبر/تشرين الثاني.

قال بايليت إن احتياجات الزوار تكون أساسية: اتصال بالإنترنت عبر الواي فاي، وقابس كهرباء لشحن هواتفهم، وصنبور للاستحمام. كما أن المهاجرين الذين يصلون إلى الشقة حوالي الساعة العاشرة مساء يحصلون أحياناً على وجبة قبل التوجه إلى النوم. يطبخ بايليت وويبر وجبات غذائية نباتية كي يجنّب نفسه القيود التي تفرضها الأنظمة الغذائية التي تفرضها الديانات المختلفة.

قال بايليت "إنه شيء قليل بالمقارنة مع المتطوعين الآخرين، ولكن تنتابنا مشاعر جيدة للقيام بهذا".

علامات:
تحميل المزيد