قالت صحيفة The Guardian البريطانية، إن سلاح الجو الروسي استخدم قذائف "غير ذكية" غير مُوجَّهة في سوريا، في محاولة منه لتحميل مسؤولية جرائم الحرب المحتملة والقتلى المدنيين لحليفهم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بحسب مصدر بالأمم المتحدة.
إذ قالت مصادر بالأمم المتحدة لصحيفة الغارديان البريطانية، إنَّ استخدام موسكو لقذائف أقل دقة وأقرب في كفاءتها لتلك الموجودة في ترسانة أسلحة القوات الجوية السورية، ربما يهدف لتصعيب مهمة مُحقِّقي جرائم الحرب لتحديد المسؤولين عن القتلى المدنيين نتيجة الغارات الجوية في سوريا.
وقال مسؤولٌ في الأمم المتحدة: "يبدو أنَّ هناك جهوداً مشتركة لاستخدام أسلحة متشابهة من جانب سلاحي الجو السوري والروسي. فبما أنَّ سلاح الجو السوري يستخدم طائراتٍ أقدم يقودها طيَّارون غير مدرّبين على قدرات الأسلحة الذكية، تستخدم روسيا قدرات أسلحة أقل ذكاءً.
وأضاف: "أظن أنَّهم يريدون استخدام تلك الأسلحة لأنَّها تجعل تحديد الطرف المسؤول أكثر صعوبة".
وترى الصحيفة البريطانية أن هذا الادعاء يثير مزيداً من الشكوك حول مزاعم روسيا بأنَّ حملتها الجوية في سوريا -التي انطلقت في أواخر عام 2015 في محاولةٍ لتعزيز موقف الأسد وقلبت حظوظه في الحرب الدائرة منذ سبع سنوات- كانت تستهدف بالأساس المسلحين و"الإرهابيين".
ويُثير أيضاً تساؤلاتٍ بشأن الكلفة المدنية للضربات الجوية الروسية، التي اضطلعت بدورٍ رئيسي في انتصار النظام في حلب أواخر عام 2016، بعد حصارٍ عقابي وقصفٍ جوي، وكذلك بشأن الهجوم على منطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 700 شخص في غضون أسبوعين.
اتهامات سابقة لموسكو
كان خبراء أسلحة في الماضي قد اتهموا موسكو باستخدام ذخائر غير دقيقة في حملتها هذه، لكنَّ تلك الاتهامات كانت تركِّز على أنَّ الدافع وراء استخدام تلك الأسلحة كان يتمثَّل على الأرجح في أنَّها أرخص من الصواريخ عالية الدقة. ولم يُزعَم من قبل أنَّ الهدف من تلك التكتيكات ربما يكون الإفلات من مُحقِّقي جرائم الحرب.
لكن يقول مسؤولون آخرون بالأمم المتحدة إنَّ استخدام قذائف غير دقيقة ربما يكون تكتيكاً يهدف لإثارة الرعب لدى المدنيين، الذين قد يضغطون بدورهم على مجموعات المعارضة للاستسلام.
جاءت تلك الادعاءات في نفس اليوم الذي أصدرت فيه لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة تقريراً حدَّد هجوماً في بلدة قرب حلب استُخدِمت فيه ذخائر غير مُوجَّهة أحدثت تأثيراً مدمراً.
اتهمت اللجنة كلاً من روسيا والحكومة السورية باستخدام أسلحة غير مُوجَّهة في الماضي، خاصةً أثناء حصار حلب، الذي قالت إنَّه اعتمد بصورةٍ شبه حصرية على تلك الذخائر.
وذكر التقرير: "تُظهِر نقاط الاصطدام أنَّ القذائف غير الموجهة تسقط تقريباً في خطٍّ واحد، متناثرةً بطول 250 متراً، وهو ما يشير إلى أنَّ الطائرة سارت فوق الهدف في مسارٍ خطي وأسقطت ذخائرها على منطقةٍ تُشكِّل مربعاً، بدلاً من شنِّ ضربة دقيقة على نقطة الهدف".
وقع الهجوم الذي استهدف بلدة الأتارب بعد ظهيرة يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 في سوقٍ مزدحم، وصاحبته سلسلةٌ من الغارات الجوية التي ألحقت الضرر أو دمَّرت منطقة تبلغ مساحتها 5 آلاف متر مربع تقريباً، ما أسفر عن مقتل 84 شخصاً على الأقل. في ذلك الوقت، نفت موسكو شنَّ غاراتٍ جوية على المنطقة، لكنَّ اعتراضاتٍ لإشارات لاسلكية أثبتت أنَّ طيارين يتحدثون اللغة الروسية كانوا قد أقلعوا قبل نصف ساعة من قاعدة حميميم الجوية، وهي المعقل الرئيسي للقوات الروسية غربي سوريا.
وجديرٌ بالذكر أنَّ المحكمة لا يمكنها التحقيق إلا في القضايا التي يُحيلها إليها مجلس الأمن الدولي، أو من جانب دولة تنضم طوعاً إلى المنظمة.