قال مسؤول إندونيسي الاثنين 24 ديسمبر/كانون الأول إن أمواج تسونامي على جزيرتي جاوة وسومطرة أودت بحياة ما لا يقل عن 373 شخصاً، وأصابت أكثر من 1400 آخرين ولا يزال 128 في عداد المفقودين"
وحسب تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأميركية فإن مسؤولين قالوا أنَّهم يعتقدون أنَّ التسونامي نجمت عن انهيارٍ أرضيٍّ تحت سطح البحر نتج عن نشاطٍ بركانيٍّ على جزيرة آناك كراكاتوا.
وأضاف المسؤولون أنَّه لم تكن بالمنطقة أية أنشطةٍ زلزاليةٍ كان من شأنها أن تؤدِّي إلى تحذيرٍ بالتسونامي لإخلاء المنطقة وإنقاذ الأرواح.
لا يملكون نظاماً للتحذير المبكر
ووفقاً لتصريحات سوتوبو بوروو نوغروهو، ممثِّل وكالة إدارة الكوارث الإندونيسية، أضرَّت موجات التسونامي أو دمَّرت 611 منزلاً، و69 فندقاً وفيلا، و60 متجراً صغيراً، و420 قارباً على الأقل،.
وفسَّر سوتوبو سبب عجز المسؤولين الإندونيسيين عن رصد موجات التسونامي وإطلاق تحذيرٍ بقدومها قائلاً: "لا نملك نظاماً للتحذير المبكِّر بقدوم موجات التسونامي الناتجة عن الانهيارات الأرضية تحت الماء والانفجارات البركانية".
وتابع: "ما نملكه هو نظام تحذير (من موجات التسونامي) الناتجة عن الهزَّات الأرضية". وأضاف أنَّ التحدِّي بالنسبة لهم هو تطوير نظام تحذير يرصد الانهيارات الأرضية تحت الماء والانفجارات البركانية.
لكنَّ موجات التسونامي الناتجة عن الهزَّات الأرضية لا يتيسَّر التحذير بقدومها على الدوام هي الأخرى.
فحينما تعرَّضت مدينة بالو على جزيرة سولاويسي لزلزالٍ وموجات تسونامي ناتجة عنه يوم 28 سبتمبر/أيلول الماضي، لم تُطلَق أيٌّ من صافرات الإنذار. وكانت بعض أكبر المناطق السكَّانية في المدينة مبنيةً على سطح أرضٍ عُرضةٍ على وجه الخصوص لخطر تسيُّل التربة، وهي الظاهرة التي تحدث عندما تُحَوِّل اهتزازات الزلازل الأرض الصلبة إلى تدفقاتٍ هلامية. وقد لقي أكثر من 2100 شخص مصرعهم في تلك الكارثة.
فرقة موسيقية من ضحايا تسونامي
وكان من ضحايا موجة تسونامي الجديدة، فرقة موسيقى الروك، حيث ضربت موجةٌ بارتفاعٍ يقارب الـ3 أمتار ستاراً خلف المسرح الذي تؤدي فوقه الفرقة حفلها، واصطدمت بعازف الطبول وطبوله وموسيقيين آخرين، واجتاحت المسرح في طريقها نحو الجماهير.
وحسب تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأميركية فقد أعلنت فرقة Seventeen مقتَل عازف غيتار البيس ومدير سفريَّات الفرقة، وهما اثنان من بين 281 على الأقل لقوا مصرعهم حين ضربت موجة تسونامي في مضيق سوندا الإندونيسي دون سابق إنذارٍ اثنتين من أعلى جزر البلاد كثافةً سكانيةً.
المغني الرئيسي للفرقة يبكي المفقودين
وعلى موقع إنستغرام، ظهر المغني الرئيسي للفرقة، ريفان فجرسياه، في منشورٍ له وهو يغالب الدموع، وقال إنَّ زوجته وعضوَين آخرَين من الفرقة إلى جانب أحد أفراد طاقم العمل مفقودون، وجَرَت عمليات بحثٍ محمومةٌ يوم الأحد 23 ديسمبر/كانون الأول عن الناجين من موجات التسونامي التي وصَلَت إلى الشاطئ قرابة الساعة 9:30 مساءً أول أمس السبت 22 ديسمبر/كانون الأول. وكان كثيرٌ من الإندونيسيين على الشواطئ غربي جزيرة جاوة وجنوبي جزيرة سومطرة يحتفلون بعطلة الكريسماس الطويلة.
وكانت الفرقة تؤدِّي حفلتها في تجمُّعٍ لعائلات موظَّفي شركة الكهرباء الحكومية Perusahaan Listrik Negara. ويقول مسؤولو الشركة إنَّ 14 فرداً من الحضور في هذه الفعالية لقوا حتفهم، في حين لا يزال 89 آخرين مفقودين.
يُذكَر أنَّ هذه هي موجات التسونامي الطاحنة الثانية هذا العام في إندونيسيا، وتُمثِّل نهايةً شنيعةً لعامٍ مُروِّع من الكوارث في البلاد، إذ وقعت زلازل وفيضانات وحرائق وحادث تحطم طائرة، أسفرت جميعها عن مقتل ما يزيد عن 4500 شخصٍ، وهو الرقم الأعلى منذ أكثر من عقدٍ مضى.
Inna lillahi wa inna ilaihi raji'un.
semoga kita semua selalu dalam lindungan-Nya. Aamiin.🙏🙏#Banten #Anyer #Selatsunda #prayforanyer pic.twitter.com/pj7tP3gdLt— kth♥ (@HelianaBie) December 23, 2018
تسونامي دمرت المنازل في مدينة باندغلانغ
وكانت أشدُّ المناطق تضرُّراً يوم الأحد هي مدينة باندغلانغ التابعة لمقاطعة بانتن على جزيرة جاوة، موقع شاطئ تانجونغ ليسونغ، حيث كانت الفرقة تؤدِّي حفلَها. وتشتهر المنطقة بقدوم الزائرين إليها من العاصمة جاكرتا. وأظهرت مقاطع الفيديو والصور القادمة من باندغلانغ أضراراً بالغةً، إذ دُمِّرت البيوت وانقلبت على الأقل سيارةٌ واحدةٌ على ظهرها.
وظهر في أحد الفيديوهات شرطيٌّ يُنقِذ صبياً في الخامسة من عمره من منزلٍ تعرَّض لأضرارٍ في بانتن.
وفي فيديو نشره سوتوبو على موقع تويتر، يَظهَرُ عمَّال البحث والإنقاذ وهم يسحبون جثَّتين من تحت الأنقاض.
Evakuasi korban tsunami di Selat Sunda terus dilakukan oleh tim gabungan. Jumlah korban terus bertambah. Hingga 23/12/2018 pukul 10.00 WIB tercatat 62 orang meninggal dunia, 584 orang luka & 20 orang hilang. Ratusan rumah dan bangunan rusak. Alat berat dikerahkan untuk evakuasi. pic.twitter.com/DYUbxGzPmw
— Sutopo Purwo Nugroho (@Sutopo_PN) December 23, 2018
وأوضح مسؤولون أنَّ الطريق من باندغلانغ إلى مدينة سيرانغ القريبة منها أُصيبَ بصدعٍ يعوق عمليات الإنقاذ. ولقي العشرات كذلك حتفهم في أرجاء مضيق سوندا بجزيرة سومطرة.
وفي تغريدةٍ على تويتر، عبَّر الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو عن "أسفه البالغ" للضحايا، وأشار إلى أنَّه أَمَرَ الوكالات الحكومية بالبحث عن الناجين، واستعادة الجثث، ورعاية المصابين.
Duka cita yang mendalam atas jatuhnya korban bencana tsunami di Pandeglang, Serang dan Lampung Selatan, semalam.
Saya telah memerintahkan segenap jajaran pemerintah terkait untuk segera melakukan langkah tanggap darurat, mencari dan menemukan korban, merawat yang luka-luka. pic.twitter.com/rD5bDr16gF
— Joko Widodo (@jokowi) December 23, 2018
وتقع إندونيسيا، وهي أرخبيل يتألف من أكثر من 17 ألف جزيرةٍ، في منطقةٍ بركانيةٍ وزلزاليةٍ نشطةٍ تُعرَف باسم الحزام الناري.
ويقع مضيق سوندا بين جاوة، أعلى جزر البلاد كثافةً سكانيةً، وسومطرة، ثاني أعلى الجزر كثافةً.
وقد تكوَّنت جزيرة آناك كراكاتوا، أو طفل كراكاتوا، منذ ما يقرب من قرنٍ من فوَّهة بركان كراكاتوا، الذي انفجر عام 1883 في واحدٍ من أكبر الانفجارات البركانية في التاريخ المُسجَّل.
ونَمَت الجزيرة البركانية باطرادٍ منذ ذلك الحين، وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت الجزيرة انفجارات متكرِّرة. وصرَّح مسؤولون بأنَّهم سيحقِّقون في احتمال أن تكون الأنشطة البركانية أفضت إلى انهيارٍ أرضيٍّ تحت سطح البحر كان هو السبب وراء التسونامي.
وجاء على لسان السيد رحمت من وكالة الأرصاد الجوية: "لا نعلم بعدُ ما سبب التسونامي. نشتَبِه في أنَّ السبب كان أنشطة آناك كراكاتوا (البركانية)".
يُذكَر أنَّ أكبر كارثة حلَّت بإندونيسيا في العصر الحديث هي زلزال وموجات تسونامي المحيط الهندي التي ضربت نحو 12 دولة يوم 26 ديسمبر/كانون الأول عام 2004. وقد طمست في إندونيسيا جزءاً كبيراً من مدينة باندا آتشيه، على الطرف الشمالي لجزيرة سومطرة، وتسبَّبت في مصرع ما يقرب من 225 ألف شخصٍ.
وفي أغسطس/آب الماضي، ضرب زلزالٌ بقوة 7 درجات جزيرة لومبوك، متسبباً في مقتل ما يزيد عن 550 شخصاً.
ويُعدُّ عدد القتلى من الكوارث في إندونيسيا هذا العام هو الأسوأ منذ عام 2005، حين تعرَّضت مدينة يوجياكارتا على جزيرة جاوة لزلزالٍ بقوة 6.3 درجة أسفر عن مقتل ما يزيد عن 5000 شخصٍ.