زار السياح الغربيون، وهم نادرون في السعودية، البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع بموجب نظام تأشيرات جديد، وذلك في ظل محاولة واحدة من أكثر دول العالم صعوبة في إجراءات الدخول إليها فتح مجتمعها وتنويع اقتصادها بعيداً عن قطاع النفط.
وبحسب صحيفة The Business Times توافد الآلاف من المشجعين إلى حي الدرعية التاريخي في الرياض لحضور سباقات فورمولا إي، وهي بطولة لرياضة ميكانيكية للسيارات الكهربائية، وكذلك الحفلات الموسيقية لمُنسِّق الأغاني ديفيد غيتا وفرقة بلاك آيد بيز الموسيقية وغيرهم.
كان معظم السعوديين غير معتادين على صور الترفيه هذه في بلدهم، حيث كانت دور السينما والحفلات العامة محظورة حتى سَمَحَ بها ولي العهد محمد بن سلمان في العامين الماضيين.
اغتنموا الفرصة لزيارة البلد "المحظور"
وعلى الرغم من الغضب الدولي على خلفية مقتل الصحافي جمال خاشقجي والحرب التي تقودها السعودية في اليمن، اغتنم بعض الغربيين الفرصة لزيارة البلد الذي لا يزال يقتصر وجود الأجانب فيه إلى حدٍ كبير على العمال المقيمين وعوائلهم، والزائرين من رجال الأعمال، والحجاج المسلمين.
التفتت أنظار العالم الْيَوْمَ إلى مدينة #الدرعية التاريخية لمتابعة فعاليات سباق السيارات العالمي #فورمولا_اي_الدرعية، الذي افتتحه سمو #ولي_العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-.
#مهرجان_الدرعية_اي_بري#سباق_فورملا_اي_الدرعية
#AdDiriyahEPrix pic.twitter.com/TwoTE9XkSw— السفارة في القاهرة (@KSAembassyEG) December 15, 2018
يقضي أميركيّ يُدعى جيسون أسبوعاً مع زوجته الألمانية، فيركبان الدراجات الرباعية في الصحراء ويزوران المواقع التراثية في مدينة أشيقر، على بعد 200 كيلومتر شمال غرب العاصمة.
يقول جيسون: "السباق يبدو مثيراً للاهتمام، لكن بصراحة اتخذتُه وسيلة لزيارة البلاد. نحن سعداء بوجودنا هنا. كنتُ أرغب دوماً في المجيء منذ سنوات عديدة. أنا سعيدٌ للغاية لوجودي هنا وأنَّهم سمحوا لنا بذلك".
سافر آرون، مهندس برمجيات يبلغ من العمر 40 سنة، من نيويورك لقضاء يومين. وتمَكَّن هو وعشرات من المسافرين المُغامِرين الذين يسعون لزيارة كل بلدان العالم من تحقيق رغبتهم في زيارة المملكة الصحراوية نهاية هذا الأسبوع.
وقال آرون بينما كان لاعبو السيرك يُمتِّعون الضيوف بعرضهم بين السباقات: "كانت السعودية دوماً بلداً استثنائياً.. ولم أكن أظن أنَّني سأستطيع المجيء إلى هنا يوماً ما".
الدرعية تجذب السياح
وقالت السلطات السعودية إنَّ حوالي ألف أجنبي من 80 دولة مختلفة حصلوا على تأشيرة "شارك" الجديدة المرتبطة بحضور حدث ترفيهي محدد. وهذا جزءٌ مما يأمل السعوديون جذبه سياحياً في نهاية المطاف.
قال الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة: "نأمل أن نتعلم من هذا ونرى ما يتعين علينا القيام به من أجل المستقبل، ولكن يمكنني أن أقول لكم من الآن إنَّ هناك الكثير من الطلب".
رويترز : آلاف المشجعين الاجانب يتوافدون على مدينة الدرعية التاريخية في #الرياض لحضور مسابقة (فورمولا إي) بعد سماح السلطات السعودية بالتأشيرات السياحية pic.twitter.com/wAXf2SIcIs
— السعودية انجلش (@KSANews9) December 16, 2018
يدوي أزيز سيارات السباق الكهربائية في أطلال الدرعية، عاصمة أول دولة سعودية والتي بنتها عائلة آل سعود الحاكمة قبل ثلاثة قرون.
تخضع الدرعية التاريخية، أحد مواقع التراث العالمي التابع لليونسكو، لعملية ترميم تُكلِّف ملايين الدولارات، وتحتفي المدينة بقصة تاريخ وطنية تضع الأسرة المالكة وحلفاءها من رجال الدين في الواجهة.
خضعت خطط قبول أعداد كبيرة من السائحين من الخارج للنقاش لسنوات، وكانت تنتهي إلى طريق مسدود بسبب الآراء المحافظة والإجراءات البيروقراطية.
ويسعى ولي العهد الآن لتطوير صناعات جديدة لإنهاء اعتماد السعودية، أكبر مُصدِّر للنفط في العالم، على عائدات النفط.
السياحة على رأس الأولويات
أصبحت السياحة على رأس الأولويات، على الرغم من النقص في البنية التحتية. وتهدف الإصلاحات إلى رفع إجمالي الإنفاق -من جانب السكان المحليين والأجانب- إلى 46.6 مليار دولار في عام 2020، بعد أن كان 27.9 مليار دولار فقط في عام 2015.
وقد طغى مقتل خاشقجي، كاتب الرأي في صحيفة The Washington Post الأميركية والمُنتقِد لسياسات ولي العهد، على هذه الجهود في الآونة الأخيرة، فحمَّل مجلس الشيوخ الأميركي المسؤولية للأمير محمد ويُصِرُّ المجلس على ضرورة محاسبة السعودية لأي شخص يثبت تورطه في الحادث.
وقد نفى المسؤولون السعوديون إصدار الأمير محمد الأمر بقتل خاشقجي، لكنَّ رواياتهم المُتغيِّرة وعلاقات الأمير ببعض المشتبه بهم أعاقت جهود الرياض للمضي قدماً.
وقال جيمس، وهو سائح أميركي آخر، إنَّ الزيارة صحَّحت بعض أفكاره المُسبَقة، لكنَّ فكرة أنَّ زيارة بلد ما تعني ضمناً تأييد حكومته أثارت حفيظته.
وقال: "عندما ننسى السياسة، حينها يمكننا أن نتواصل مع الشعوب في جميع أنحاء العالم. وهذا ينطبق على السعودية أيضاً".