يعدُّ الرقص الأرمني أحد أقدم أنواع التراث في الشرق الأوسط، وأكثرها تنوعاً، ويعتبر أحد الوسائل التعبيرية لطباع الأرمن وتفكيرهم الفني.
وأكبر دليل على ذلك هو اكتشاف لوح صخري يعود تاريخه إلى الفترة الواقعة بين القرنين الخامس والثالث قبل الميلاد، وعليه نقوش للرقص الأرمني.
الرقص الأرمني : عالم روحي خاص
يعبّر هذا الرقص المميز عن الطابع القومي لشعب الأرمن وعالمه الروحي وموقفه تجاه الطبيعة والحياة.
إنَّ فن الرقص الأرمني قد وصل إلينا من أقدم العصور، وبتاريخه الذي يصل إلى أكثر من 2500 سنة يُعتبر أحد أقدم الفنون في العالم.
وقد حافظ الرقص في حركاته على المراسم والتقاليد الأرمنية وعبارات الغناء القومية وصور الفولكلور.
إن رقصات الفتيات الأرمنيات رشيقة وجميلة وحميمية إلى درجة كبيرة، حيث يتم الرقص بواسطة حركات اليد.
أما رقصات الشباب بالعكس فهي نشيطة إلى درجة أكبر، وجليلة، والحركات القوية والسريعة الموحدة لأرجلهم تحتل مركز الاهتمام.
إن جمال الرقص يظهر في الملابس العديدة الألوان وبالحركات الرقصية الفريدة.
وفي رقصات النساء تظهر بصورة واضحة الحركات الجميلة لليد، والحركات الرشيقة التي توجد في أساسها النقوش الأرمنية، والصلبان الحجرية القديمة، وصور النمنمات التي تم وضعها في إطار العمل المحدد.
إن حركات المرأة الأرمنية تصبح جميلة إلى درجة أكبر، بواسطة الملابس الجميلة، ذات الألوان المختلفة، وخاصة الذهبية.
كما أن الملابس القومية وملابس الرقص التي وصلت إلينا من عمق القرون تشير إلى ذوق الشعب الأرمني وخواصه في مجال الفن التشكيلي.
الرقص الأرمني التاريخي
في القدم كانوا يسمون الرقص لديهم باسم "الرقص الديني"، ولم يكن يأتي بمفرده، بل كان دائماً مصحوباً بالأغاني، والتصفيق بالأيدي، والآلات الموسيقية.
وكما هو الحال في الموسيقى الأرمنية، فقد عبّر الرقص أيضاً عن المشاعر الروحية الداخلية للشخص والتصرف الشخصي.
تصدير الرقص إلى الاتحاد السوفييتي
خلال عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، انتقل 3 من مدرّسي الرقص الأرمني إلى إيران من الاتحاد السوفييتي، وفتحوا مدارس للرقص.
كانت أسماؤهن مدام ييلينا، مدام كورونيللي، وساركيس دجانبازيان، وقاموا بتدريس الرقص ورقص الباليه.
ومعظم طلابهم كانوا أعضاء في الجالية الأرمنية في طهران، لكن دروسهم حضرها أيضاً طلاب من خلفيات متنوعة، تشمل المسلمين واليهود والبهائيين والزرادشتيين.
الرقص الأرمني في الوقت الحالي
في الوقت الحاضر ينقسم الرقص الأرمني إلى مجموعتين: الإثنوغرافي والشعبي، وهناك اختلاف جوهري بينهما.
مدرسة الرقص الشعبي (القومي) ولدت في القالب السوفييتي، وتسترشد بالباليه الكلاسيكي.
أما بالنسبة للرقص الإثنوغرافي، فإن اسمه هو خير دليل عليه، إذ يعتمد على الثقافة المادية والروحية والثقافية للشعب الأرمني.
أنواع الرقصات الأرمنية
هناك الكثير من أنواع الرقصات الأرمنية، فمنها ما هو مخصص لرأس السنة الجديدة، ومنها ما هو لعيد الميلاد أو عيد الشكر أو حفلات الزفاف.
وتكون الرقصات منتظمة، ولها قوانين تابعة للمكان والزمان وطقوس الرقص.
وتغيير وكسر أي لهجة في الرقصة المقدسة، خاصة في الإيقاع، يمكن أن يكون مدمراً بالنسبة للمشاركين في هذه الرقصة.
والرقصات منها ما هو مخصص للرجال والنساء أو لكليهما معاً، كما أن هناك رقصات أخرى مخصصة للجنود وللعروس وللأطفال.
رقصة كوتشاري (Քոչարի): هي أكثر رقصة مشهورة لدى الأرمن، ويرقص فيها مجموعة من الرجال والنساء، وتشبه بطريقتها "الدبكة العربية"، ولكن باختلاف بعض الحركات منها.
شالاخو (Շալախօ): رقصة للرجال من أرمينيا القديمة، وترقص في التجمعات العامة.
يرخوشتا (Յարխուշտա) هي رقصة يقوم بها الجنود فقط.
بيرد (Բերդապար): هي رقصة مشهورة بتجسيد الرجال لدائرة، وكلمة بيرد بالأرمني تعني (القلعة) باللغة العربية.
هارسنابار (Հարսնապար): رقصة خاصة للعروس خلال حفل الزفاف.
زويكبار (Զույգապար): رقصة تقوم بين شاب وفتاة وتتميز بحيويتها وحركاتها الجميلة.
كما أن هناك العديد من الرقصات الأخرى، لاسيما (لورك، تساكادزوري، فاندزهان، تشوتشك).
وفي السادس من ديسمبر/كانون الأول 2017، أعلنت اليونسكو ضم الرقص الشعبي الجماعي الأرمني (كوتشاري) إلى قائمة التراث العالمي غير المادي، وفقاً لما ذكرته وزارة الثقافة الأرمنية "لأرمنبريس".
رغم أن الأرمن منتشرون في جميع أنحاء العالم فإنهم لا يزالون محافظين على التقاليد والعادات الثقافية والتاريخية، ويرتبطون مع بلدهم الأم أرمينيا بصورة عميقة.