قالت شبكة CNN الإخبارية الأميركية إن حكومة الدنمارك عقدت اتفاقاً لنقل اللاجئين "غير المرغوب فيهم" إلى جزيرة نائية غير مأهولة بالسكان، استُخدمت قبل ذلك في عزل "الحيوانات المُعدِية".
وأوضحت وزيرة الهجرة الدنماركية إينغر ستويبرغ، التي تنتمي إلى الحزب الليبرالي "اليميني الوسطي"، في منشور لها على موقع فيسبوك: "في إطار أجندة متنامية مناهضة للهجرة، هناك مهاجرون معينون "غير مرغوب فيهم، وسوف يشعرون بذلك".
وكتبت ستويبرغ: "عندما تكون غير مرغوب فيك داخل المجتمع الدنماركي فلا يجب أن تكون مصدر إزعاج للدنماركيين العاديين. سيحصل (اللاجئون) على عنوانٍ جديد".
يأتي هذا الاتفاق المثير للجدل ضمن مشروع قانون مالي جديد للعام المقبل 2019 اتفقت عليه الحكومة اليمينية الوسطية وحزب الشعب الدنماركي اليميني الشعبوي الذي يتبنى سياسات مناهضة للهجرة.
"الدنمارك ليست مكاناً جذاباً لطلب اللجوء"
وقال مارتن هنريكسن، المتحدث باسم حزب الشعب الدنماركي في شؤون الهجرة، للشبكة الأميركية: "نأمل بأن يفهم الناس خارج الدنمارك أن الدنمارك ليست مكاناً جذاباً لطلب اللجوء بالنسبة للاجئين الذين ينوون إلحاق الضرر، أو يحضون على الجريمة".
وطبقاً للخطة التي ما زالت تحتاج إلى موافقة البرلمان لتمريرها، فقد يكون العنوان الجديد هو جزيرة "ليندهولم" التي تقع جنوبي شرق البلاد، حيث تقع على بعد ميلين في البحر (3 كيلومترات تقريباً)، وضمَّت هذه الجزيرة مركز أبحاثٍ للحيوانات المصابة بأمراض خطرة مُعدية على مرِّ عقود. وستُزال هذه المنشآت، وسيُبنى مكانها مركزٌ للمهاجرين يتسع مبدئياً لـ100 نزيل.
وطبقاً لتصريح حكومي، فإن المركز الجديد سيأوي اللاجئين الذين لديهم ما يسمى حالة "البقاء المُتساهَل معه"، أي أولئك الذين ليس لديهم تصريح بالإقامة، لكن لا يمكن ترحيلهم لأسباب أخرى، من بينها وجود تهديدات على حياتهم إذا أُعيدوا إلى أوطانهم، وهؤلاء الذين من المقرر ترحيلهم بسبب نشاطهم الإجرامي أو لأسباب تتعلق بالأمن القومي، والمقاتلين الأجانب، والمرفوضين من طالبي اللجوء المدانين بخرق قوانين معينة.
وقال هنريكسن الذي زعم أنَّ هذه السياسة مستوحاة من نموذج الهجرة الأسترالي: "هدفنا أن نبقيهم في هذه الجزيرة أطول فترة ممكنة، وإذا استطعنا إبقاءهم هناك الوقت كله، سنسعى لفعل ذلك. نخطط لوجود شرطة وسجون وحراس وزنزانات اعتقال هناك في حالة قيام أي أعمال شغب".
الخطة تثير مخاوف جمعيات حقوقية
وأثارت هذه الخطط مخاوف جمعيات حقوقية. إذ قالت لويز هولك، نائبة المدير التنفيذي للمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان، لقناة CNN: "من المهم الإشارة إلى أنَّ هؤلاء الأشخاص المدانين بارتكاب جرائم قد قضوا مدة العقوبة بالفعل. لا أساس لصحة هذا الاحتجاز، ومن وجهة نظر حقوقية، لا نتحدث فقط عن الاحتجاز داخل زنزانات، سنُقيِّم ما إذا كانوا محتجزين بالفعل أم لا". لكنَّ هنريكسن قال إنه "لا يشعر بالذنب تجاه انتهاك حدود مواثيق حقوق الإنسان".
وقال: "نفعل ما نعتقد أنه الأفضل لمصلحة الدنماركيين، وإذا اضطررنا إلى الاختيار بين المصالح يجب حمايتها، فسنرعى مصالحنا أولاً. لكنَّ قرار تحديد ماهية الأمور الواقعة ضمن المواثيق يعود بالطبع إلى الحكومة الدنماركية".
وأضاف: "آمل أن يلهم هذا الدول الأخرى لتفعل المثل. وإذا احتاجوا إلى أي نصيحة، نُرحِّب باتصالهم دوماً. إذ نريد للدول الأخرى أن تُشدِّد قوانينها أيضاً. ونؤمن أنَّ ذلك في مصلحة الجميع".
حضور إلزامي منتظم تحت المراقبة الشديدة
وقال كريستيان يانسن، وزير المالية الدنماركي المنتمي إلى الحزب الليبرالي، لقناة CNN إنَّ هذه البناية لن تكون سجناً، وسيحظى النزلاء بحرية ركوب العبَّارة للوصول إلى البر الرئيسي، لكنَّ بعضهم سيضطر إلى العودة إلى الجزيرة للنوم فيها كل ليلة.
إذ قال: "الكثير منهم مُلزَم بإثبات حضور إلزامي منتظم، ويجب عليهم الالتزام به لأننا بحاجة إلى معرفة مكانهم"، مضيفاً أنَّ بعضهم ارتكب جرائم تستدعي مراقبة الحكومة لهم.
وأضاف: "الدنمارك ما هي إلا جزيرة. لدينا العديد من الجزر والعديد من الدنماركيين الذين يعيشون عليها دون أن يشعروا بأن هذا انتهاكاً لحقوقهم". لكنَّ اللاجئين والجماعات المؤيدة لهم نددوا بالخطة.
لاجئون: لسنا مقبولين في الدنمارك
إلى ذلك، قال محمد حامد -وهو شاب عمره 33 عاماً، لاجئ من سوريا، انتقل إلى الدنمارك مع طفليه الصغيرين ولديه تصريح إقامة- لـCNN: "جئت إلى الدنمارك أملاً في أن يحظى طفلاي بحياة أفضل. أراهما وهما ينخرطان في العادات الدنماركية، معتقدَين أنَّهما مقبولان ضمن نسيج هذا المجتمع. يؤلمني قول ذلك، لكنَّهما ليسا مقبولَين".
ونشر حزب الشعب الديمقراطي مقطع فيديو على موقع تويتر، يعرض رجلاً مسلماً في أثناء إنزاله على جزيرة ليندهولم، في حين يشرح المقطع هوية الأشخاص الذين سيرسَلون إلى هناك وأسباب إرسالهم. ووصف حامد هذا المقطع بأنه "عنصري للغاية".
Udviste, kriminelle udlændinge har INTET at gøre i Danmark. Indtil vi kan komme af med dem, flytter vi dem nu ud på øen Lindholm i Stege Bugt, hvor de vil have pligt til at opholde sig på det nye udrejsecenter om natten. Og der vil være politi til stede døgnet rundt. Sådan!#dkpol pic.twitter.com/YybG4zkwQi
— Dansk Folkeparti (@DanskDf1995) November 30, 2018
"الخطة نوع من أنواع الوحشية الحديثة"
بينما قال مادس نيغارد -الذي شارك في تأسيس منظمة شعبية ترعى شؤون اللاجئين، إنَّ أنباء هذه السياسة انتشرت بسرعة.
وأضاف: "إنه نوع من الوحشية الحديثة، وأعتقد أنَّه بغيضٌ جداً. بحكم كوني جزءاً من شبكة اللاجئين الأكبر، رأيت المنشورات اليائسة التي نُشرت اليوم واحداً تلو الآخر".
وأعلنت منظمة Friendly Neighbors إقامة مظاهرة مناهضة للسياسة المقترحة في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن يوم 10 ديسمبر/كانون الأول، وهو التاريخ الذي شهد تبني الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ 70 عاماً.
جديرٌ بالذكر أنَّ هذا التحرُّك يعد الحلقة الأحدث في برنامج تضييق قوانين الهجرة الذي تنفذه الحكومة الائتلافية التي يرأسها رئيس الوزراء لارس لوك راسموسن، الذي يتزعم الحزب الليبرالي كذلك.
ويعتمد الحزب الليبرالي على حزب الشعب الدنماركي لتمرير القانون، في حين تستعد البلاد لانتخابات عامة، يجب أن تُعقد قبل حلول شهر يونيو/حزيران 2019.
وقد انتشرت السياسات المناهضة للهجرة في أثناء تولي راسموسن رئاسة الحكومة، ومن بينها سياسةٌ تسمح للسلطات بمصادرة النقود والأشياء الثمينة من طالبي اللجوء.
ليس أول قانون مثير للجدل
إلى ذلك، سبق أن قدَّمت الحكومة الدنماركية كذلك قوانين تمنع أغطية الوجه، مثل النقاب والبرقع، التي يرتديها بعض نساء المسلمين.
ويُذكَر أنَّ القوانين التي تُجرِّم أغطية الوجه دخلت حيز التنفيذ في شهر أغسطس/آب 2018، وسرعان ما أسفرت عن فرض غرامةٍ قدرها 1000 كرونة دنماركية (نحو 152 دولاراً) على فتاةٍ عمرها 28 عاماً، في مدينة هورشولم شمال كوبنهاغن.
وفي ظل القانون الجديد، وجد الناس أن ارتداء أغطية الوجه في الأماكن العامة يمكن أن يُعرِّضهم لغرامة تبدأ من 1000 كرونة دنماركية في المرة الأولى، وتصل إلى 10 آلاف كرونة دنماركية (1520 دولاراً) في المرة الرابعة.