سلطت وكالة Bloomberg الأميركية، الأربعاء 5 ديسمبر/كانون الأول 2018، الضوء على قرار قطر المفاجئ الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، الذي أعلنت عنه قبل اجتماع أعضاء المنظمة هذا الأسبوع في فيينا بهدف تحقيق أقصى أثر ممكن، واعتبرت أن هذه الخطوة ستثير تساؤلات حتمية عما إذا كانت قطر ستنسحب من مجلس التعاون الخليجي كذلك.
ومن المقرر أن تُعقَد القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي يوم 9 ديسمبر/كانون الأول 2018 في الرياض، ولا شك في أنَّ إعلاناً كهذا سيثير حفيظة المملكة العربية السعودية ويحرجها. وبقدر ما قد يكون الانسحاب مغرياً، فإنَّ القطريين سيحسنون صنعاً باستمرارهم في المجلس.
وأضافت الوكالة الأميركية: "إذ بإمكان قطر بسهولة -بل ستبدو أكثر إقناعاً- أن تتذرّع بالأسباب نفسها التى قدمتها لانسحابها من منظمة أوبك بعد 57 سنة من وجودها فيها، لتبرير خروجها من مجلس التعاون الخليجي".
وكتب الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني، رئيس الوزراء القطري السابق، في تغريدة على تويتر، أنَّ منظمة أوبك "تُستخدم فقط لأغراض تهدف إلى الإضرار بمصلحتنا الوطنية". وهذا يتحقق بشكل أكبر بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي، إذ يعدّ اثنان من أعضائه الستة -السعودية والإمارات- المحركَين الرئيسيَّين للحصار الاقتصادي على قطر. (وبدأ هذا الحصار منذ 18 شهراً ولا يزال مستمراً إلى الآن، وينبع من اتهامات سعودية بأنَّ قطر تزعزع استقرار المنطقة بتقرُّبها من إيران، وهي اتهامات تنفيها الدوحة).
وقد ألقى عجز مجلس التعاون الخليجي عن حل النزاع الضوء على ضعف إمكاناته. وقد تعتقد قطر الآن أنها لا تحقق أية مكاسب مادية من استمرار عضويتها فيه.
الخروج من أوبك لن يكلف قطر الكثير
وبحسب بلومبيرغ، هناك مسار آخر للأحداث: الخروج من أوبك، وهي منظمة قوية لها تأثير حقيقي على الشؤون العالمية، لن يكلِّف قطر الكثير، لكونها منتِجاً ثانوياً للنفط وذات تأثير ضئيل على قرارات المنظمة. لكن الخروج من مجلس التعاون الخليجي، وهو منظمة غير فعالة ولها تأثير ضئيل على الشؤون الإقليمية، قد يكلفها الكثير، إذ سيؤكد انسحاب قطر من هذا التكتل المزاعمَ السعودية-الإماراتية بأنَّ الدوحة تقوض الإجماع العربي. أما البقاء في التحالف الخليجي، فسيشير إلى أنَّ قطر ملتزمة بالتعاون الإقليمي؛ ما يلقي عبء إنهاء الحصار على عاتق السعوديين والإماراتيين.
وفي كل الأحوال، من الممكن أن يحاول السعوديون والإماراتيون أن يبادروا بإخراج قطر من مجلس التعاون الخليجي قبل أن تنسحب من تلقاء نفسها. لكن ذلك يتطلب منهم إقناع الكويت وعُمان والبحرين، الأعضاء الثلاثة الآخرين، بالموافقة. وبينما تميل البحرين إلى اتباع نهج السعودية في معظم القضايا، فإنَّ الكويت وعُمان تشعران بالاستياء إزاء ما تعتبرانه تنمراً سعودياً، وحافظتا على موقفيهما الحيادي إزاء الحصار. (إذ قال الكويتيون إنهم يرغبون في رؤية جهود لحل "النزاع الخليجي الذي طال أمده" بالقمة الأسبوع المقبل).
والأهم من ذلك، فإن أي محاولة لإخراج قطر لن تلقى استحسان واشنطن، إذ تعتبر الولايات المتحدة الوحدة العربية عنصراً ضرورياً لمواجهة إيران؛ ويتطلع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى إنشاء "ناتو عربي". ولتحقيق هذه الغاية، ترغب إدارة ترامب في أن يعمل السعوديون على تحسين العلاقات مع قطر، وليس الاستمرار في القطيعة.
وبطبيعة الحال، فإنَّ إجبار السعوديين على تحمُّل قطر في مجلس التعاون الخليجي من شأنه أن يزعجهم إلى أبعد الحدود، وهو سبب كافٍ للقطريين كي يرغبوا في البقاء.
ووفقاً لصحيفة The Financial Times البريطانية، هناك تكهنات بأنَّ يسفر الضغط الأميركي في هذا الصدد عن التوصل إلى اتفاق لإنهاء حصار قطر، التي أضرت بثقة الأعمال الإقليمية.
لكن الكثيرين داخل "الرباعية العربية الداعية لمكافحة الإرهاب" -التي تضم السعودية والإمارات والبحرين ومصر- الذين طالما شككوا في نوايا قطر، قالوا إنَّ المقاطعة نجحت في تقويض دعمها المزعوم للجماعات الإسلامية.
في حين قال أشخاص على صلة ببعض كبار المسؤولين القطريين، إنَّ الطريق نحو الحل لا يزال معقَّداً، بسبب استياء الدوحة من المعاملة التي تلقاها من جيرانها.