ظهر يحمل بين أنامله الرقيقة قلماً، ظهر وهو يدوِّن بيمينه نواقص ما يقدمه من مقترحات لتنفيذ التوجيهات الملكية السامية. هذا الفقيه سعد الدين العثماني قد ظهر ويا ليته ما "هضر"؛ ظهر رئيس حكومة لا يملك سبيلاً للاضطلاع بمهامه الدستورية، ظهر الفقيه سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عاجزاً عن تفعيل الصلاحيات الدستورية الموكولة إليه والإمكانات المادية والبشرية كافةً المتوافرة لديه والقطاعات الوزارية التابعة له، لتنفيذ الاستراتيجية الملكية وفق برامج فعالة، قابلة للتنفيذ من أجل تشغيل الشباب.
ظهر و"هضر" رئيس الحكومة وهو لا يريد الاعتراف والإقرار أمام الشعب بأنه بارع فقط في إعطاء الوعود بمواعيد مغلوطة، رغم أنه -في دواخل عقله- شخص يدري أنه لا يدري في أمور الإصلاح الديمقراطي التنموي شيئاً. كما أنه يدري أن "مشروع" تنظيم "العدالة والتنمية" وقف عند عقبة تدبير الشأن العام، بشكل يُظهر بالملموس أن قادة الإسلام السياسي احتالوا على الإرادة الشعبية باستغلال الدين للوصول إلى الكراسي الوزارية، وأن "هجرتهم الدعوية" كانت من أجل تجارة انتخابوية مغلفة بإشهارات "صوتك فرصتك لمحاربة الفساد والاستبداد".
ولست في حاجة هنا إلى الاستعانة بمقالات مجلة "جون أفريك"، ولا يهمني التحقق من مصادر أخبارها، لأن حصيلة سبع سنوات من عمر حكومات الإسلام السياسي تحولت إلى "حصلة" تظهر عناوينها الغليظة بالمانشيتات العريضة على صفحات جميع مواقع السوشيال ميديا.
ومثلما تمت الإشارة إليه في مقالات سابقة عديدة، فإن كل متتبع لمنحى لغة الأرقام سيقتنع بمسار السياسات الحكومية اللاشعبية التي استهدفت جيوب المستضعفين من الشعب المغربي، والذي كان مأمولاً شعبياً من الفقيه سعد الدين العثماني هو خصال الصدق السياسي، وذلك بالكشف بدايةً عن حقيقة الوضع وليس الصمت السلبي أو الحديث المخادع في مواجهة الحقائق الظاهرة.
وها نحن نكتشف أن تنظيم العدالة والتنمية باسم التفويض الشعبي المزعوم، يشرعن أبشع الجرائم السياسية والاقتصادية التي يتعرض لها الشعب المغربي بمختلف فئاته المستضعفة. بل.. ها نحن نعاين الواقعة تلو الأخرى حتى وصل بنا المقال إلى الحديث، ليس عن ضرب القدرة الشرائية وتفقير الفقير وتهشيم الفئات المتوسطة، بل إننا أمام أخطر ما تعيشه الأمم والشعوب والحضارات؛ ألا وهو تيئيس الشباب وفقدان الثقة والأمل في دولتهم.
أرى وبكل موضوعية، أن الفقيه "العثماني" فشل في رئاسة الحكومة.. كيف لا؟! والجميع يتابع هذا الأمين العام لتنظيم العدالة والتنمية العاجز عن تفعيل الصلاحيات الدستورية الموكولة إليه والإمكانات المادية والبشرية كافةً المتوافرة لديه والقطاعات الوزاية التابعة له، لتنفيذ الاستراتيجية الملكية وفق برامج فعالة، قابلة للتنفيذ من أجل تشغيل الشباب وأَجْرَأة إصلاح منظومة التعليم، ومنها قطاع التكوين المهني.
وبعد مهلتين زمنيتين تُمنح دورة استدراكية جديدة للسيد رئيس الحكومة، علّه يجتهد بعمق علمي-عملي، وأسلوب ديمقراطي تشاركي، في تنقيح مقترحاته وتدقيق تكلفاتها وضبط مواقيتها. فكيف -يا ترى- لفاقد الحلول أن ينجز الإصلاح المأمول؟!
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.